أكرم القصاص

السر فى البرلمان

الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010 12:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تركت مصر لستة أيام، إلى الدنمارك، كانت أخبار الانتخابات والتربيطات مستمرة، عدت ولاتزال أخبار الانتخابات فى الصدارة. حديث عن صراعات وتربيطات ومناورات، عندما تبتعد عن المشهد قليلا تراه بشكل مختلف، فى الدنمارك البرلمان هو ممثل الشعب.. عندنا هو ممثل على الشعب.

هناك الشعب هو دافع الضرائب، وتصل معدلات الضرائب إلى نصف الدخل، والدنماركيون يدفعون الضرائب باقتناع لأنهم يحصلون على حقهم فى تعليم مجانى متقدم جدا، ونظام علاجى يوفر لهم الحماية، فضلا عن الحدائق العامة المجانية، ودور السينما والأوبرا وكل أدوات الترفيه.

الأسعار مرتفعة جدا، لتر البنزين يساوى خمسة عشر جنيها، أغلبية الدنماركيين لايركبون السيارات، بل الدراجات هى وسيلة المواصلات الشائعة، ولها طريق خاص فضلا عن المواصلات العامة المحترمة، المترو والأتوبيس، والتى تأتى فى مواعيدها تماما، وبالرغم من ارتفاع الأسعار فإن الدخول تكفى المواطن بشكل إنسانى، والعاطل له إعانة والطفل له ألف كرونة، وحق فى التعليم والعلاج.

أموال الضرائب تنفق على الخدمات والمرافق، والأغلبية تعتبر ضمن الطبقة الوسطى، يوجد أغنياء ومتوسطون، وفقراء بالطبع، لكنهم يجدون الرعاية والحماية من الضرائب، دافع الضرائب له كل الحقوق، فى الحرية والخدمات، يحاسب نوابه بالتصويت فى الانتخابات، والبرلمان هو وحده صاحب الحق فى تعديل القوانين ومناقشة ومحاسبة المسؤولين، نظام التعليم واضح وموحد، والتعليم الحكومى أفضل من أى تعليم خاص، والعلاج لكل من يدفع الضرائب بلا حدود.

نظام ديمقراطى اجتماعى يراعى عدالة توزيع الدخل، المواطن يختار ممثليه فى البرلمان بإرادة حرة لا تتضمن «الهجص» العام عن ضمانات ووعود. فى الدنمارك لم أشاهد هذا العدد من السيارات الفارهة من ماركة الشبح والديناصور، مع أنهم دولة سكانها خمسة ملايين، ودخلها أعلى لأنها تصدر منتجات الألبان والأدوية.

نظام الضرائب يسمح بوجود أثرياء، ولايسمح بظهور أغنياء الحرب، والصدفة.. عندنا ترفض الحكومة نظام الضرائب التصاعدى، لأنها لا تجد برلمانا يجبرها على ذلك، لأن نظام الانتخاب ينتج الأقل كفاءة.

عندما ترى دولا متقدمة ومنظمة ونظيفة تشعر بالغيرة، وأننا نستحق أفضل مما نحن فيه، نستحق أن نتمتع بحريتنا، وأن يكون لدينا برلمان يعبر عن المواطن مع نظام للضرائب يعيد توزيع الدخل بشكل عادل. الكل يعمل بشكل مستمر ويحب بلاده ويراها أهم دول العالم، ومازلنا نرى بعض من يرون هؤلاء منحلين ومتفسخين، بينما نحن ذوو الرأى والرؤية، مع أنهم يعملون طوال الوقت المحدد، ويرفهون عن أنفسهم يوما فى الأسبوع، ويحصل الواحد على إجازة مدفوعة.

نعود إلى مصر لنجد أن نظام الانتخابات يتغير حسب الظروف، تجرى الانتخابات على ثلاث مراحل مرة، وعلى مرحلة فى التالية، والنتيجة نواب حسب الطلب، أو طبقا للمصالح الضيقة، لا يوجد نظام ضرائب عادل، ولا تعليم نافع، ولا علاج إنسانى. مع حديث مستمر عن ديمقراطية خالية من العدالة. والسر هناك وليس هنا.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة