د.إيمان يحيى

مسابقة "الطالب الغيور" و"الجامعة الغيورة"

الأحد، 21 نوفمبر 2010 07:52 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل تتذكرون مسابقة الطالب والطالبة المثالية التى كانت تقام فى جامعاتنا فى غابر الأيام؟.. كان "المثالى" أيامها يتم اختياره من الطلاب المتفوقين علمياً، ومن البارزين فى الأنشطة الفنية والثقافية، من مِّنا لايتذكر فيلم "خللى بالك من زوزو"، وبه مشهد تتويج البطلة سعاد حسنى بلقب "الطالبة المثالية". صحيح أن "حسن الامام" مخرج الفيلم أضاف طبخة الميلودراما الفاقعة، فجعل "زوزو" راقصة وعالمة أثناء ساعات الليل، وطالبة مجتهدة نشيطة فى الجامعة نهاراً، إلا أن من شاهد الفيلم بلع مبالغات "الإمام" واستمتع بتفتح فتاة مصرية على الحياة والجامعة. ظل "خللى بالك من زوزو" فى قاعات السينما سنوات طويلة، يحطم أرقاماً قياسية لإيرادات الشباك حتى منتصف السبعينات.

فى نهاية السبعينات، ومع هيمنة تيارات "الإسلام السياسى" على الاتحادات الطلابية فى الجامعات، حدث تطور فى هيئة "الطالب والطالبة المثالية". أصبح "المثالى" هو الطالب المتفوق دراسياً، الملتزم باطلاق اللحية أو الملتزمة بالحجاب. أصبح "المثالى" هو الحريص على أداء الواجبات الدينية فى أوقاتها فيقف أثناء المحاضرات ليؤذن للصلاة، وليؤم الآخرين فى صلواتهم. لم يعد مهما ممارسة النشاط الثقافى أو الفنى بعد أن تم تجميدهما بواسطة تيارات "الاسلام السياسى" داخل الجامعة بحجة أن تلك الأنشطة تساعد فى انتشار الرزيلة.

و ها نحن فى عام 2010 نشهد تطورا درامياً فى مفهوم "الطالب والطالبة المثالية" وأيضاً فى "الجامعة المثالية". بدلاً من "المثالى" أصبحنا نسمع لفظ "الطالب الغيور"، وأصبحنا أيضاً نصطدم بمصطلح "الجامعة الغيورة". والحق، أن رئيس "جامعة عين شمس" ببيانه المشهود قد أحسن اختيار عنوان المرحلة التى تعيشها جامعاتنا المصرية. تعالوا نتأمل مواصفات" الطالب الغيور" لجامعة عين شمس، ذلك الطالب الذى حظى بتقريظ إدارة الجامعة ونال تتويج "الوزير هلال" فى وسائل الإعلام كطالب يجب أن يحذو حذوه بقية الطلاب. "غريب" ذو الثانية والثلاثين ربيعاً، القابع فى سنة ثالثة حقوق، هو "الطالب الغيور". عضلات "غريب" المنتفخة، وأدبه الجم الذى لا يعرف سوى الأسلحة البيضاء والجنازير وسيلة للتعامل مع الأساتذة والطلاب، هما السر وراء اختياره رمزاً للجامعة المصرية فى عهد الوزير "هلال". ليس مهماً تعثر "غريب" الدراسى الذى يجعله يحطم الأرقام القياسية فى المكوث فى الجامعة، وليس مهماً أن يبدو بمظهر البلطجى، المهم هنا هو تعاونه الشديد وامتثاله لأوامر "الأمن" داخل الجامعة. السبب الجوهرى لتصدر "غريب" المشهد الجامعى، هو طاعته الشديدة لتوجيهات الأمن داخل الجامعة، التقت "طاعة" غريب مع "طاعة" إدارة الجامعة ليصنعا مشهداً صادقاً عما آلت إليه أحوال الجامعات المصرية.

عندما ذهب "محمد بديوى" الصحفى باليوم السابع لتحرير محضر بقسم "الوايلى" بواقعة اعتداء "غريب" عليه، فوجئ بأن "الطالب الغيور" من أصحاب "الخطوة" بلغة الصوفية. هو مازال فى الجامعة يمارس "غيرته" على جامعته، ولكنه فى نفس الوقت قد سبق بتحرير محضر ضد "الصحفى المسكين". تلك التقنية التى تم اتباعها فى العديد من الجامعات ضد الطلاب الذين يتعرضون لاعتداءات بدنية من الحرس الجامعى ورجال الأمن، فأصبحت بمثابة "تمرين مشهور" لا حاجة لتدريسه فى جامعاتنا. فى وقت سابق كان وصم أى طالب جامعى بأنه "مباحث" كفيل بعزله وانزوائه طوال سنوات دراسته. اليوم أصبح "الطالب المباحث" والذى أصبح "غيوراً" و"بلطجياً" فى نفس الوقت هو مفخرة جامعاتنا.

لقد حازت جامعة عين شمس عن جدارة بلقب "الجامعة الغيورة" عن العام الحالى والأعوام السابقة، لم تخل "عين شمس" فى عام من الأعوام السابقة من أحداث استخدام "البلطجة" ضد طلابها، وتعددت حوادث الاعتداء على الأساتذة من قبل ضباط "الحرس الجامعى". ولعل تميز وريادة إدارة "الجامعة الغيورة"، قد أشعلا "الغيرة" فى نفوس الجامعات المصرية الأخرى، قد نسمع فى القريب العاجل بإطلاق مسابقة "الطالب الغيور" و"الجامعة الغيورة" من قبل المجلس الأعلى للجامعات ووزارة التعليم العالى. تلك المسابقة "الغيورة" بجوار مشاريع "الجودة" و"التعليم الموازى" و"المتميز" و"المفتوح"، هى مظاهر الانحدار الذى وصلت إليه الجامعة المصرية.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة