أكد عدد من الأدباء والمثقفين على أن عبد الحكيم قاسم من أهم الكتاب الذين تميزوا بأسلوب شديد العذوبة، الذى يميل إلى السرد الروحانى الصوفى، وأشاروا إلى أنه كان متواضعا وهو ما ظهر فى كثير من كتاباته، وأكد الكثيرون منهم على أن القرية كان لها دور كبير فى كتاباته وأنه كان مولعاً باللغة التى كان ينحت منها جملاً رصينة وجميلة، ولكن فى الوقت نفسه كان لا يسمح لجماليات اللغة أن تسطو منه على المضمون الذى يريد أن يوصله للقارئ.
قال الكاتب فؤاد قنديل إن عبد الحكيم قاسم يعد أهم كُتاب فترة الستينات لأنه امتلك صوتا متفردا لا يكاد يشبه زملاءه فى كثير من السمات سواء الأدبية أو الشخصية، كما يتميز أسلوبه بالدفء كما يجيد التصوير من خلال قدرته على استنطاق النفس البشرية فى نص روحانى وصوفى.
وأضاف قنديل أن قاسم اهتم أيضا بالتشكيل اللغوى، فضلا عن أنه صاحب تجربة إنسانية عريضة، فقد قدم فى معظم رواياته صورا إنسانية لشخصيات حية، وشخصيات ملتبسة بالغموض لكنها تعبر عن بعض وجوه البشر.
وأكد قنديل أن قاسم كان حظه قليل فى التكريم لأنه ظهر فى فترة لم تعترف بمعانى تكريم الأدباء، وكانت الجوائز الأدبية قليلة، ولم يكن التقدير الأدبى معترفا به، فضلا عن اشتغاله بالسياسة مما ضيع عنه فرص التكريم، مشيرا إلى أن عمله السياسى تسبب فى دخوله السجن الذى قضى به عدة سنوات مما أثر عليه بالسلب.
كما أشار قنديل إلى أن إبداع قاسم بحاجة لإعادة اكتشاف الأدباء والقراء لمعرفة أسرار الجمال الأدبى عنده، مؤكدا على أن الفترة القادمة سيكون فيها كثير من الاهتمام به، واعتبر قنديل أن الندوة التى ستعقد بالمجلس الأعلى للثقافة ستكون خطوة أولى على طريق الاهتمام بإعادة لفت النظر لأعماله وأدبه وهذا سيعد التكريم الحقيقى والأهم من حصوله على أى جوائز.
كما دعا قنديل كليات الآداب بالجامعات المصرية إلى تدريس أدب عبد الحكيم قاسم وأن تعقد حوله الموائد المستديرة لتأمل قصصه وأعماله الفريدة.
فيما قال الكاتب والروائى عزت القمحاوى أن عبد الحكيم قاسم تميز بلغة السرد الروائى المؤدية إلى لمسة من التصوف الحقيقية كما أنه كان على وعى شديد بما يكتبه.
وأشار القمحاوى إلى أن فترة غربته فى ألمانيا أثرت كثيراً على حضوره الأدبى فى مصر، وذلك لأن ذاكرتنا الأدبية ضعيفة وربما هذا ما أشعره بالغضب عندما عاد مما جعله يحاول القيام بدور سياسى عندما حاول ترشيح نفسه فى انتخابات مجلس الشعب عن حزب التجمع ولكنه أخفق.
ويرى القمحاوى أن المؤتمرات ليست الوسيلة المثلى للتكريم والاحتفاء بالكتاب والمبدعين مضيفا : قد يكون المؤتمر أحد عناصر التكريم لكن الأهم إعادة طبع أعماله وتوفيرها فى السوق بشكل كاف.
ودعا القمحاوى الهيئة العامة للكتاب لأن تقوم بإعادة طبع أعمال عبد الحكيم قاسم، وذلك من خلال إحياء سلسلة الأعمال الكاملة وقصرها على الراحلين الذين اكتملت تجاربهم، لافتا إلى أنه لا يصح أن تترك قراءة أعمال عبد الحكيم قاسم وعبد الفتاح الجمل ويوسف إدريس للمصادفة.
وقالت الأديبة سلوى بكر: إن عبد الحكيم قاسم يعد من أكثر أدباء فترة الستينات تميزا لأنه يمتلك تيمة إنسانية شديدة العذوبة والتواضع نستطيع أن نتلمسها فى كل كتاباته، مضيفة: جمعتنى بعبد الحكيم قاسم لقاءات كثيرة فى أتيليه القاهرة وكان دائما يخوض فى مناقشات ثقافية جادة عن الحال الثقافى المصرى.
وأشارت سلوى إلى أنه لم يحصل على قدر كاف من التكريم ولا حتى القراءة المتعمقة فى أعماله نظرا لأن التكريم فى مصر لا يصل إلى مستحقيه.
يذكر أن "عبد الحكيم قاسم" ولد فى أول يناير 1935 م فى قرية البندرة مركز السنطة بمحافظة الغربية، وحصل على ليسانس الحقوق فى جامعة القاهرة عام 1964، وكتب أول قصة له بعنوان " العصا الصغيرة " عام 1957 م واشترك بها فى مسابقة نادى القصة ولكنها رفضت.
وكانت أهم أعماله رواية " أيام الإنسان السبعة " والتى تلتها رواياته " محاولة للخروج"، و"قدر الغرف المقبضة"، و"سطور من دفتر الأحوال"، و"الأخت لأب"، و"المهدى" و"الأشواق والأسى"، و"طرف من خبر الآخر"، و"الظنون والرؤى"، و"الهجرة إلى غير المألوف"، و"ديوان الملحقات"، ومسرحيته الوحيدة " ليل وفانوس ورجال"، بالإضافة لأعماله التى مازالت مخطوطة أو تم نشر بعض فصولها مثل رواية "عن كفر سيدى سليم" و"غريبان فى الإسكندرية"، وكتاب "مقهى وأحاديث"، وبعض القصص القصيرة وغيرها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة