من حين لآخر نظلم النجم محمد أبو تريكة.. لا نظلمه بالانتقاد أو الهجوم عليه.. بل بتحميله أكثر مما يحتمل، لأن مزاجنا حاد لا يقف إلا فى منطقتين متضادتين.. منطقتى الحب والكراهية، ولا نمد أرجلنا إلى منطقة ثالثة بينهما ربما تكون أكثر واقعية..
لقد حاصرناه فى ثوب القديس والملائكة ولا يوجد بشر ارتقى فى زمننا هذا المكتظ بالفتن إلى درجة سمو القديس والملاك.. لقد حاصرناه وضايقناه لدرجة أننا حددنا إقامته فى المعبد فلا يجوز له أن يخرج ويختلط بالناس ويتحدث مثلهم ويصيب ويخطئ ويحب ويكره.. تخيلنا أن هذا الناسك خارج نطاق البشرية، بينما هو مثلنا له أحلام وتطلعات دنيوية حتى لو كان ملتزما بكل متطلبات التدين..
وبسبب هذه النظرة التى حاصرنا بها أبوتريكة تصيبنا الدهشة عندما يخرج عن الإطار الذى وضعناه فيه.. فإذا انفعل فى مباراة وأشار للجمهور بالسكوت اعتبرناه يقترف ذنباً كبيراً وطالبناه بالاعتذار الفورى.. وإذا تمرد على إخراجه مرة من تشكيل المنتخب، وهذا ما حدث فى بطولة كأس الأمم فى غانا وتدخل سمير زاهر ليحل المشكلة، شككنا فى قداسته واعتبرناه واحدا منا له مطامع مثلنا وهو ما لا يجوز من القديس.. وإذا تعمد الإشارة إلى علاقته العاطفية الوطيدة بمانويل جوزيه وأيضاً العلاقة نفسها مع حسن شحاتة بما يوحى بالتمرد على حسام البدرى، فكرنا فى أن نخرجه رسمياً من المعبد ونضمه إلى البشر العاديين الذين لا يترددون فى أن يكون لهم مآرب أخرى..
لقد أصاب أبو تريكة الملل والزهق والضيق من حصار المثالية المفرطة خاصة والعمر يمتد به ويقلل من نجوميته، كما حدث مع كل النجوم عندما يكون للسن كلمة فى حياتهم.. ومنطقياً فى حساباتنا البشرية أن نستغرب قداسة أبو تريكة وهى تحاول أن تتخلص من الحصار وتفاجئنا بما لا نتوقع، لأنها المرة الأولى فى تاريخ اللاعب التى يسبب فيها مشكلة داخل الفريق ليست سهلة وتصب فى بوتقة امتلأت بكل أشكال وألوان البحث عن مبرر تتخلى به إدارة الأهلى عن مبدأ عدم الاستغناء عن مدرب فى وسط الموسم.. ومن حقنا أن نتساءل عن أسباب دفعت القديس، لأن يتخلى عن القداسة وكان بمقدوره أن يهمس فى أذن حسام البدرى ويعترض كما فعل قبل ذلك مع حسن شحاتة وقت أن كان بكل عافيته الفنية والبدنية..
هل هو الخوف من اعتزال النجومية وليس اعتزال اللعب؟.. وما ذنب حسام البدرى أن يشهد عهده هذا التحول النفسى من أبو تريكة.. هل هو مدرب سيئ الحظ لدرجة أن يحدث معه ما لم يسبق أن حدث فى الأهلى؟.. بأن يجتمع عليه الجميع فى كلمة سواء؟..
أرجوكم ارحموا محمد أبو تريكة.. فهو أكثر نجوم الكرة المصرية على مر تاريخها أخلاقاً وأدباً وشعبية وتواصلاً مع جماهيرها، لكن لا تحملوه فوق ما لا يحتمل، لأنه إنسان طبيعى هداه الله بالتدين والطاعة وحسن الأخلاق فى الدنيا، لكن لم يرفعه إلى السماء ليكون ملاكاً لا يأتى الخطأ من بين يديه ومن خلفه..
إبراهيم ربيع
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة