قال الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية، أن الإسلام لم يكن أبداً ديناً جامداً، يعترف بالنظام الوحدوى المفتقر إلى المرونة، إنما هو دين متجدد، يسع الناس جمعيا فى كل وقت وعصر، والعيش وفق أحكام الإسلام لا يلزم منه عودة إلى العصور الوسطى، ولا يعنى التخلى عن هويتنا، فلم يأمر الإسلام أتباعه بالتنكر لثقافاتهم ليصيروا عرباً، وهذا يفسر هذا الزخم الذى نراه اليوم من إنجازات ثقافية وفنية وعلمية وحضارية من طنجة إلى جاكرتا التى يصح أن نضفى عليها الصفة الإسلامية والتى نفخر بها نحن المسلمين.
جاء ذلك خلال كلمته بمؤتمر "الأديان والحداثة فى عالم متغير" والذى تنظمه جامعة نوتردام والأكاديمية الأمريكية للأديان فى الفترة من 18 إلى 22، نيابة عن مفتى الجمهورية.
وركز الدكتور نجم فى كلمته التى القها نيابة عن الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، على عدد من النقاط المهمة فى توضيح قدرة الإسلام ومرونته الذاتية على التكيف مع التحديات المعاصرة، وسعيه لمد الناس بنهج حياتى عملى مع المحافظة على مبادئه الأساسية التى تمثل الثوابت التى لا يمكن تجاوزها أو الإخلال بها.
وأشار إلى أن العالم شهد تطورات هائلة فى الأعوام الأخيرة، تمثلت فى ظهور تقنيات وأيديولوجيات حديثة، وتطورت تكنولوجيا المعلومات، لتتيح لنا معرفة ما يقع فى كل جزء من أجزاء العالم تقريبا لحظة وقوعها، مما أحدث تغييرات هائلة فى كل جوانب حياتنا تقريبا، حتى الطريقة التى ننظر بها إلى أنفسنا والآخرين، وهذا هو التحدى العظيم الذى ينتظر فقهاء المسلمين ومفتيهم، للبقاء فى هذا العالم الحديث، مشاركين وشركاء يواجهون المستجدات بحكمة وتوازن مع التمسك بالموروث الدينى.
وأشار إلى أن هناك كثيرا من الغربيين ربطوا بين "الفتوى" وتصريحات سلبية التأثير لبعض القادة السياسيين رغم أن الفتوى أحد أهم الأدوات فى محاولة فهم العلاقة التى بين الإسلام والعالم الحديث، فالمفتون- وهم فى سعيهم لتقديم إرشاد دينى ذى مرجعية- لا يعتمدون التراث الفقهى فحسب، وإنما يدركون الواقع المعيشى حتى لا يمدوا الناس بأحكام مبتوتة الصلة بالواقع، فالفتاوى والمفتون جسر يربط بين التراث الفكرى والفقهى والواقع المعاصر، وهم بمثابة حلقة الوصل بين المطلق والنسبى، والنظرى والعملى، ولهذا السبب تتطلب عملية إصدار الفتوى ما هو أكثر من مجرد المعرفة بالفقه الإسلامى، بل ينبغى عليهم أن تكون لهم دراية واسعة بالعالم الذى يعيشون فيه ومعرفة بالمشكلات التى تواجهها مجتمعاتهم.
واختتم نجم كلمته بدعوة القيادات الدينية فى العالم بالعمل سوياً على نشر ثقافة السلام والتعاون ومدارسة التحديات الهائلة التى تواجه الإنسانية والسعى لإيجاد الحلول المناسبة لها بدلاً من زرع العداوة بين شعوبها.
فى مؤتمر دولى عن الأديان والحداثة بأمريكا..
دار الإفتاء: الإسلام لا يلزم أتباعه بالتنكر لهوياتهم الثقافية
السبت، 20 نوفمبر 2010 12:46 م
الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتى الجمهورية