محمد عبد الرحمن

يارب حبيبة تموت

الجمعة، 19 نوفمبر 2010 07:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يكن قد سمع بحادث الدائرى الذى راح ضحيته 12 شخصاً بسبب طالب الجامعة الأمريكية، بدأت فى سرد التفاصيل المهمة مع التركيز على حالة الطفلة حبيبة التى فقدت الأم والأب والشقيق وبقيت وحدها على قيد الحياة.

تعليقه الأول كان مفاجئاً، لدرجة أننى لم أستوعبه فى البداية حتى فسر لى لماذا تمنى الموت للطفلة الصغيرة!، فهى لو عاشت بمفردها ستعانى حياة تعيسة وقد يستغلها أحد الأنذال فى المستقبل القريب أو البعيد لا فرق، ومن يفقد عائلته كلها فى لحظة من الأفضل أن يلحق بهم.

وعندما أضفت له معلومة أنها قد تصاب بالشلل أيضاً، أكمل أمنيته بمزيد من الإخلاص وقال من أعماقه وبصدق حقيقى "يارب تموت"، ولولا الخجل لطلب منى أن أردد وراءه "آمين".

بدأت تدريجياً أرى الصورة من وجهة نظره هو، الرجل يعمل ميكانيكياً، حياته موزعة بين الورشة فى شارع فيصل وبلدته الفيوم التى يزورها من مساء السبت لصباح الاثنين، هؤلاء الناس يرون الحياة دائماً من زاوية تختلف كثيراً عن تلك التى نحلل نحن بها الأمور، ونحن هنا عائدة علينا من ندعى العلم والثقافة والرغبة فى غدٍ أفضل، الرجل الميكانيكى حسم الأمر، هذه الطفلة لن يكون لها غد، لهذا دعا الله أن يتوفاها لتلحق بأسرتها فى الجنة الحقيقية، وربما لو دار هذا الحديث قبل سنوات لكان رده وتعليقى مختلفين، كان سيقول مثلاً إن "أولاد الحلال كتير" وإنها بالتأكيد ستجد من يرعاها هنا أو هناك، ولا أنكر أننى انتظرت منه أن يقدم سيناريو بديل للدعوة الصادقة التى خرجت منه، كأن يقول "ياريت لو عاشت تلاقى حد ابن حلال يأخد باله منها" لكنه كان مصمماً على أن موتها هو الحل الوحيد.

لهذا تراجعت عن إكمال القصة، خصوصاً فيما يتعلق بأنه لولا اهتمام جريدة "الأهرام" بحالتها الصحية لما نقلوها للقصر الفرنساوى وحظيت برعاية أوفر، فكيف سأقنع الرجل بقسوة الدعاء بينما حبيبة بعد يومين فقط من الحادث كانت بحاجة لتدخل جريدة كبرى حتى تكمل علاجها كما ينبغى، فكيف ستعيش بعد أسابيع من الآن عندما تتوقف الصحافة عن متابعة أخبارها!، وهل يأتى عليها يوم تتمنى فيه لو أنها ماتت مع عائلتها منذ اللحظة الأولى!.

ورغم أن الرجل كرر الدعاء عدة مرات وباقتناع بالغ حتى أننى ندمت على سرد القصة منذ البداية، لكننى وجدت نفسى أردد دعاءً آخر على نفس الوزن هو "يارب احمى حبيبة".









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة