الدكتور هانى الناظر الرئيس السابق للمركز القومى للبحوث: لدينا كوادر علمية وعقول محترمة حطمتها إدارة غير واعية تفرغت للصراعات الشخصية

الخميس، 18 نوفمبر 2010 07:23 م
الدكتور هانى الناظر الرئيس السابق للمركز القومى للبحوث: لدينا كوادر علمية وعقول محترمة حطمتها إدارة غير واعية تفرغت للصراعات الشخصية الدكتور هانى الناظر الرئيس السابق للمركز القومى للبحوث
حوار عادل السنهورى - تصوير - محمود حفناوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ أطالب بوزارة للعلوم والتكنولوجيا تضم مراكز البحث المبعثرة.. والقطاع الخاص لديه القدرة على التمويل

«أنا متفائل بمستقبل البحث العلمى فى مصر..! » هكذا فاجأنى الدكتور هانى الناظر، مدير المركز القومى للبحوث السابق، فى حوارى معه رغم الوضع المتردى للعلم وللعلماء فى مصر، إلا أنه له أسبابه للتفاؤل، وهى أن الأزمة ليست فى الكوادر العلمية والعقول، وإنما فى الإدارة غير الواعية بأهمية البحث العلمى، والتى تفرغت لقضايا فرعية و«شخصية»، إضافة إلى العشوائية والتشتت فى المراكز العلمية فى مصر.

الدكتور هانى الناظر، أصغر رئيس تولى إدارة مركز البحوث القومى 2001/2009 منذ إنشائه عام 1956، يشخص الأزمة ويطالب بمسؤولية الحكومة ممثلة فى وزارة للبحث العلمى لتنفيذ استراتيجية واضحة خلال فترة تتراوح بين 10 و15 عاما، يصل فيها الإنفاق إلى أكثر من 4% من إجمالى الناتج القومى وبمشاركة القطاع الخاص فى التمويل، ويقول أيضا إن الحكومة عليها أن تدرك أن حل جميع المشاكل لن يتم إلا عبر بوابة البحث العلمى حتى مشاكل المرور والطماطم!

سألته عن واقع البحث العلمى فى مصر وعشوائيته وما قدمه للمجتمع وإسهامه فى حل مشاكله، وقضية التمويل ودور القطاع الخاص، وعلاقة علماء الخارج بالداخل، وتقدير الباحثين والعلماء فى مصر وتفوق إسرائيل العلمى علينا وكشف حساب لسنوات رئاسته للمركز.

◄◄ هناك من يرى أن نجاح المركز القومى للبحوث خلال الـ8 سنوات الماضية كان له علاقة بشخص رئيس المركز؟
- المركز لم ينجح بسبب وجود هانى الناظر فقط، وإنما هناك مجموعة تديره بفكر جماعى، وكفريق عمل واحد، فأنا ضد المركزية فى العمل، ولا توجد أوراق على مكتبى، وكل فرد داخل المكان يؤدى عمله ودوره المنوط به، وهذا كان سببا فى نجاح المركز محليا وعربيا وعالميا.

◄◄ ماذا تحقق داخل المركز خلال تلك الفترة؟
- الكلام بالأرقام يكون صادقا، فى عام 2000 كانت قيمة تعاقداتنا العلمية مع الخارج مليون جنيه، العام الحالى أصبحت 28 مليون جنيه وطموحاتنا أن تصل إلى 200 مليون جنيه خلال سنوات قليلة قادمة حتى بعد انتهاء رئاستى للمركز، لأن هناك منظومة تم وضعها ليسير عليها المركز تعتمد على مجموعة وليس فردا.
على مستوى آخر ومنذ عام 1980 إلى 2002 سجل المركز 30 براءة اختراع فقط، مقابل أكثر من 500 براءة اختراع خلال الفترة من 2002 إلى 2009 أى بمتوسط 60-70 براءة اختراع سنويا.
أما عن عدد الأبحاث العلمية المنشورة فى المجلات العالمية فكانت 250 بحثا مقابل 1600 بحث فى عام 2008-2009.
وبالنسبة للتعاقدات العلمية مع الشركات والهيئات فى الداخل، هناك ما يسمى بالوحدات البحثية داخل المركز كان عددها 12 وحدة حققت دخلا بلغ 800 ألف جنيه عام 2001، تبلغ الآن 34 وحدة واستطاعت تحقيق دخل بلغ 12 مليون جنيه العام الحالى.
ثم نأتى للشىء الأهم، فالميزانية المخصصة للأبحاث فى المركز كانت 5 ملايين جنيه عام 2001-2002 نصيب الدولة منها 90 بالمائة والقطاع الخاص 10 بالمائة، وكانت ميزانية المركز وقتها 69 مليون جنيه.
وحتى تركى للمنصب كانت ميزانية المركز 250 مليون جنيه، إضافة إلى 75 مليون جنيه حصيلة التعاقدات مع القطاع الخاص تمت إضافتها لميزانية الأبحاث علاوة على 6 ملايين جنيه من ميزانية الدولة، بما يعنى أن مساهمة الدولة أصبحت 10 بالمائة والقطاع الخاص 90 بالمائة.

◄◄ على المستوى العالمى ماذا كان المردود لإنجاز المركز؟
- حصلنا فى عام 2005-2006 على جائزة أفضل مركز بحثى على مستوى 55 دولة اسلامية، والتى أعلن عنها البنك الدولى الإسلامى للتنمية، وكانت المنافسة قوية مع دول مثل تركيا وإيران وأوزبكستان وحصل المركز على ما قيمته 100 ألف دولار.

◄◄ رغم كل ذلك مازالت هناك أزمة فى البحث العلمى فى مصر.. ألا تتفق معى؟
- البحث العلمى فى مصر يواجه 4 أزمات، هى الإدارة والتمويل والعلماء والتسويق، فلابد من إدارة جديدة ونظرة جديدة للتمويل، وتشجيع وتحفيز القطاع الخاص لتمويل البحث العلمى، مثلما يحدث فى الخارج، فشركة مرسيدس تقوم بتمويل البحث العلمى فى جامعة شتوتجارت الألمانية مثلا.

◄◄ هناك 40 مركزا للبحث العلمى فى مصر.. أليس ذلك نوعا من العشوائية والتشتت؟
- بالفعل هذه إحدى المشكلات الرئيسية فى الإدارة، والمطلوب أن تضم تلك المراكز تحت مظلة واحدة وهى مظلة وزارة البحث العلمى التى يجب تغييرها إلى وزارة العلوم والتكنولوجيا، فهل تعلم مثلا أن اليابان بها وزارتان للعلوم والتكنولوجيا، وأرى أنه ليست هناك عشوائية وإنما نحتاج إلى التنظيم الإدارى لأنها أساس مشكلة البحث العلمى فى مصر.

◄◄ فى رأيك ما الميزانية المقبولة للبحث العلمى فى مصر، إذا كانت هناك دول مثل«إسرائيل» تخصص 5 بالمائة من ناتجها القومى للبحث العلمى؟
- بالنسبة للمركز، الميزانية المقبولة هى مليار جنيه سنويا، أما على المستوى العام، فلا يجب أن يقل الإنفاق العام من الناتج القومى على البحث العلمى عن 2 بالمائة، لكن يجب أن يكون معظمه من القطاع الخاص، لأنه قادر على ذلك، ويقتصر دور الدولة على التوجيه ووضع الآليات.

◄◄ هل هناك أزمة علماء فى ظل وجود 130 ألف مصرى حاصلين على درجة الدكتوراه وبنسبة تتجاوز بعض الدول المتقدمة؟
- لدينا علماء على أعلى مستوى، وعقول علمية بمستوى عالمى فى المراكز والمعاهد البحثية والعلمية فى مصر، لكن ينقصهم العمل فى مناخ نفسى يؤهلهم ويشجعهم على العمل وإبعادهم عن جو الصراعات للإبداع العلمى والحرية العلمية، وتوفير الإمكانات والظروف الاجتماعية والمرتبات.

◄◄ رغم هذا الكم الهائل من علماء مصر بالخارج لا تتم الاستفادة منهم لماذا؟
- الاستفادة من علمائنا بالخارج تأتى عبر وضع أهداف محددة، مثلما قمت بذلك أثناء رئاستى للمركز، لكننا نحتاج لعمل منظم وليس لجهود فردية، وليس لمجرد حضور ندوة.
هناك 16 ألف عالم مصرى فى الولايات المتحدة الأمريكية، و16 ألفا فى دول أوروبا، وإجمالا هناك حوالى 35 ألف عالم مصرى فى الخارج، وهم قوة جبارة للاستفادة منهم عبر برامج واضحة وتوفير الإمكانيات اللازمة.

◄◄ لكن مصر مازالت ترسل الباحثين للخارج ومع ذلك لانسمع عنهم؟
- كل عام نرسل باحثين للخارج، ومن كل 4 باحثين لايرجع 3 منهم، وبالتالى نفقد الأموال والخبرات، ولذلك أقترح أن تستقدم الدولة أساتذة من الخارج للاستفادة منهم فى الداخل بنفس حجم الأموال التى ننفقها على البعثات العلمية، وستكون الاستفادة أكبر.

◄◄ ما «روشتة» الخروج من أزمة البحث العلمى فى مصر من وجهة نظرك؟
- لدينا قاعدة علمية مهمة من الباحثين فى المركز وأساتذة الجامعات، فنحن نمتلك العقل، والمشكلة فى إدارة البحث العلمى، ولابد من إستراتيجية للبحث العلمى ببرنامج مدته من 10 إلى 15 سنة، بحيث تصل ميزانية الإنفاق على البحث العلمى إلى 4% من إجمالى الدخل القومى، بحيث يمكن من خلال الخطة الإستراتيجية فى 4 سنوات من الآن أن يصل حجم الإنفاق إلى 2.8 % عبر مصادر تمويل غير تقليدية عن طريق مشاركة القطاع الخاص، وجذب مستثمرين، ووضع الحوافز لهم، وإعفائهم من الضرائب والرسوم، والاستفادة من تجارب دول مثل ماليزيا التى نجحت فى الوصول بالإنفاق على البحث العلمى إلى 2.5 من الناتج القومى.

ومن خلال ذلك يجب تطوير اللوائح فى إدارة البحث العلمى بفكر استثمارى بحيث يمكن رفع مستوى العلماء إداريا واجتماعيا خلال الإستراتيجية، ومساواتهم بنظرائهم فى الدول المتقدمة دون تكلفة الدولة.

وأقول بصراحة إذا انطلق البحث العلمى فى الدولة فسوف نطمئن على مستقبل الصناعة والزراعة، ومحاصرة مشاكل الفقر، فالعلم يحل كل شىء حتى مشاكل المرور والطماطم، وإذا تفرغت الإدارة للبحث العلمى سننجح، لكنها تتفرغ للمشاكل الشخصية. ما نحتاجه هو المناخ الصحى السليم والإدارة الرشيدة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة