منتصر الزيات

علام تعدونه مفكراً إسلامياً؟!

الأربعاء، 17 نوفمبر 2010 07:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعجب أشد العجب عندما أتابع فى كثير من الأحيان حملات مطولة ضد من يطلق عليهم «الدعاة الجدد»، ويحذق بعض الكُتاب بتنطع مصطنع وهم يتساءلون عن مرجعية هؤلاء الدعاة وتصدرهم للفتوى وجرأتهم عليها، وللأسف شاطر هؤلاء فى حملاتهم الموجهة رجال فى الأزهر لم ينج من انتقاداتهم داعية أزهرى قح فى حجم خالد الجندى، رغم أن الدعاة الجدد لا يشتغلون بالفتوى ولم يدعوا أو يتجرأوا عليها، إنما يقومون بالوعظ الجميل الذى يستنهض الفطرة السليمة فى نفوس الناس الطيبين، ويستخدمون أساليب حديثة ويرتدون ثيابا طبيعية وليست «الجبة والكاكولا». أستغرب لانى أجد بعضا من هؤلاء الكُتاب المزعومين يقدمون حملات النذور وحلقات الزار ويشعلون البخور لكل كلمة ينطق بها «جمال البنا» فى دين الله، وهو أيضاً غير مؤهل، فلم يدرس فى الازهر ولم يحصل على شهادة منه، يهللون ويطبلون لكل فتوى ينطق بها ليس لها فى دين دليل، اللهم إلا عقله وما تتفتق عنه قريحته، وطبعا ثياب التملق فى الإمام المجدد حسن البنا وهو منه براء، هناك صنف ممن يمسكون بالقلم بدلا من مبعض الجراحة ربما فشلاً وعزوفاً عنه ويقدمون هذا البنا فى ثوب العالم الجليل المتفتح المعصرن.

بينما أتجول فى الشبكة العنكبوتية وجدت بحثاً مطولاً لكاتب يدعى أبوخباب، يتساءل فى عنوانه علام تسمونه مفكراً إسلامياً، فشدنى العنوان وتابعته فوجدته يرصد منهج جمال البنا وأسلوبه، وهو أمر يداخلنى من وقت بعيد وقد صدر الكاتب بحثه بتقدمة أو فرضية بدهية تقبلها العقول والافهام السليمة، فقال: «حينما تتحدَّث مع متخصِّص يعى حقيقة الشريعة، وينطلق من مصادر التلقى المعتمدة لدى أهل السنَّة والجماعة، يسهل عليك أن تناقشه، ولكنَّك حين تتحدَّث مع رجل لا يعرف الأصول الشرعية، وليس لديه أهلية للحديث فى القضايا الشرعيَّة، فإنَّك حتماً ستعجز عن مناقشته؛ لأنَّه ينطلق بلا قيم أومبادئ؛ لأنَّ الجهل أولى به من العلم، ومن بين هؤلاء ذلك الرجل المدعو (جمال البنَّا) الذى يستغلُّ شهرته بأنَّه أخ للإمام حسن البنا رحمه الله، أو تُستَغلُّ شهرته ليظهر فى الوسائل الإعلاميَّة ليطلق عليه اسم المفكِّر والمثقف.. وغير ذلك».

والحقيقة ما وجدت اجتهادا لجمال البنا يحفز على التدين أو القربى من الله سبحانه، ما وجدته يجمع وإنما يُفرق، وقد عبر صاحبنا خباب فى بحثه أحسن تعبير بقوله «هذا الرجل يخرج بين فينة وأخرى بـ(فرقعة) ليبدى مخبآت الأفكار التى يُظهر بين كل برهة وأخرى جزءاً منها».

لقد عُرف جمال البنا بكل ما يفرق الأمة لا يوحدها، وبكل ما يُسبب الزيغ والضلال لا بالهدى والرشاد، وقد شاركته مؤتمرا فى العاصمة القطرية الدوحة وامتحننى حظى بمشاركته جلسة بحثية من جلسات المؤتمر، وعندما دخل القاعة خرجت منها سريعا، ولما عدت همس فى أذنى الدكتور سعد الدين إبراهيم لقد خرجت احتجاجا على دخول الرجل؟، فحركت رأسى موافقا وضحكنا.

والذى يتابع فعلا أعمال (جمال البنَّا) وكتاباته، يجده يخرج بها عن دائرة الاختلاف المحمود إلى تحريف الكلم عن مواضعه، كما لاحظ أخى خباب «فقد وجدت أنَّه ينتهج ويمتطى زلاَّت العلماء والحيل الإبليسيَّة، ويدَّعى أنَّ رأيه أصوب، ومن يعرف هذا الرجل ويجلس معه فى مجالسه الخاصَّة، فإنَّه سيعلم حقيقة سبابه وحقده على نفسه وعلى تراث الأمَّة المسلمة الزاهر الزاخر، حيث الإنكار لقضايا بدهيَّة، ومسلَّمات عقديَّة».

جمال البنَّا ينطلق من تتبع الرخص، ويدور فى فلكها، بل يزيد على ذلك بأفعاله الشنعاء ويتجاوزه ليقوم بتحريف الكلم عن مواضعه فيبيح تدخين الشيشة فى نهار رمضان، ونقل عنه أنه يجيز تبادل القبلات بين الشباب والشابات ذكوراً وإناثاً!

ولا يشك أهل العلم والدين والفضل أنَّ العلماء كانوا يعدُّون من تتبع رخص العلماء بأنَّه قد تزندق، وأنَّه خلع ربقة الإسلام من عنقه، وأنَّه يهلك ويُهْلِك، ولعلى أضرب مثلاً للسادة القرَّاء ليعرفوا من خلاله قبح تتبع الرخص من زلاَّت بعض العلماء:
فلو جاء رجل ادعى أنَّه فقيه وقال: يجوز للرجل أن يتزوج بنكاح المتعة أضف على ذلك دون ولى ولا شهود، وأنَّه يجوز له أن يكشف عن فخذيه إلى قرب عورته، وأنَّ المرأة يجوز لها أن تكشف عن شعرها، وأنَّه يجوز حلق اللحية بالكليَّة، وأنَّه يجوز إتيان المرأة فى دبرها، وأنَّه يجوز شرب النبيذ، وأنَّ ربا الفضل جائز، وأنَّ الاستماع للموسيقى جائز، وأنَّه يجوز إمامة المرأة للرجال، وأنَّه يجوز شرب الدخان لمن يقدر على شرائه، وأنَّه لا ينبغى إقامة حدِّ الردَّة على المرتد فى هذا الوقت، وأنَّه يجوز للرجل تقبيل المرأة ومصافحتها، كما يجوز النظر بصورة فوتوغرافيَّة أو (فيديو) لامرأة عارية بحجَّة أنَّه لايراها حقيقة بل يرى صورتها.. وعلى هذا فقس!!

لو جاءنا رجل يدِّعى الفقه وقال: أختار جميع هذه الأقوال وبها أقول، ثم أراد للأمَّة المسلمة أن تنتهج هذا المنهج فى هذا الزمان؛ فما الذى سيقوله العقلاء سوى لقد جاءنا هذا الرجل بِدينٍ جديد على الموضة الغربيَّة.

ولو عُرِضَ صاحب هذه الأقوال وجامعها على علماء سلفنا السابقين من أهل العلم والدين، لقالوا فيه الأقاويل.

إنَّ العلماء الربَّانيين، السابقون منهم واللاحقون، الذين زلُّوا فى مسألة، لم يزلُّوا ويترخَّصوا ويمتطوا منهجيَّة الترخص منهجاً فى تلقى الفقه، أو الإفتاء به .

كلاَّ ! فمن كان يقول بقول لا يقول بالقول الآخر، ومن زلَّ فى مسألة بعينها لم يزلَّ فى الأخرى، وإلاَّ لكان للعلماء دور فى توضيح وتحديد موقفهم تجاه من أخذ بهذه الأقوال كليَّة، وقد ورد فى سنن البيهقى عن إسماعيل القاضى قال: «دخلت على المعتضد بالله فدفع إلىّ كتاباً، فنظرت فيه، فإذا قد جُمِعَ له من الرُّخص من زلل العلماء، وما احتج به كل واحد منهم؛ فقلت: مصنِّفُ هذا زنديق! فقال: ألم تصح هذه الأحاديث؟ قلت: الأحاديث على ما رويت، ولكن من أباح المسكر النبيذ لم يبح المتعة، ومن أباح المتعة لم يبح المسكر، وما من عالم إلا وله زلّة، ومن أخذ بكل زلل العلماء ذهب دينه، فأمر المعتضد بإحراق ذلك الكتاب».. وللحديث بقية. > >









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة