شريف حافظ

من لا يرحم لا يُرحم

الأحد، 14 نوفمبر 2010 03:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
غدا عيد الأضحى، ومعه تأتى الأُضحية لله. هذا بدوره، جعلنى أتذكر أستراليا، منذ عدة سنوات حين منعت تصدير الخراف لمصر، عندما رأت كيفية عمل مجازرنا فى القاهرة، بطريقة غير آدمية على الإطلاق. وقتها لم أصدق، ما سمعته، من ناشطى الرفق بالحيوان لدينا، من أن مجازرنا تعذب الحيوانات قبل الذبح، فدخلت على اليوتيوب، لأشاهد مساخر، تحدث هنا فى مجازرنا، حيث المفترض أن الذبح يستوجب أن يكون على الطريقة الإسلامية، التى تحض على عدم تعذيب الحيوان عند الذبح!! لم أستطع أن أستكمل اللقطات عند مُشاهدتها، لأنها كانت أبعد ما يمكن أن يكون عن الذبح بأى طريقة دينية، أياً كانت!

وقال لى صديق يعمل طبيباً بيطرياً، بأن الحيوانات فى الخارج تذبح فى كثير من الحالات بطريقة غير آدمية أيضاً، وأن مصر لا تنفرد بذلك، فشاهدت لقطات خاصة بالولايات المتحدة، أيضاً بذبح الخنازير، وكانت لقطات لم أتمكن أيضاً من متابعتها، لكم ما تحويه من صراخ للحيوانات، ولكن أنا لا يهمنى أمريكا ولا الغرب فى هذا المضمار، لأنى لست مسئولاً عن سلوكياتهم من ناحية الانتماء، رغم أن الحيوان فى أى مكان مخلوق من الله، ويستوجب التعامل الرحيم معه، حيث وصية الرسل عليهم أكرم الصلاة والسلام، بالإضافة إلى إنسانيتنا التى يجب وأن تكون شاهدة علينا!!

ما يهمنى هو كيفية القيام بالذبح فى مصر، لأننى أنتمى إليها.

وطالما أننا نقول إننا نذبح بالطريقة الإسلامية، فأتمنى أن يحدث هذا بالفعل، لأن ما يحدث اليوم، هو طريقة وحشية، لا تمُت للإسلام بصلة تُذكر، ففى العادى، تكون الطريقة التى يتم الذبح فيها، طريقة عشوائية، وقد شاهدت لقطة واحدة لكيفية ذبح البقر الذى يدخل السلخانة المركزية فى القاهرة، حيث يُدفع البقر من فوق الحافلات، حتى إن بعضه يقع على الأرض وفوق بعضه البعض، صارخاً من الألم!! ويضرب البقر "بسنج" على أرجله ويقطع ذيله و"تخزق" أعينه، من قبل ذبحه، ويعامل بطريقة قمة فى الوحشية!! وأكرر، أن هذا، فى غير المواسم!!

أما فى العيد، فيمكننى أن أتصور كيف سيكون الحال، مع عديد من الحيوانات التى ستدخل السلخانات للذبح، وتذبح أمام بعضها البعض! هذا، بينما وزير زراعتنا، سواء المتواجد حالياً أو "كل" من قبله، لا يهتمون! لقد قال لى طبيب بيطرى، إن مزية الذبح "الإسلامى واليهودى"، أنه يذبح الأُضحية، بسكين مسنون جيداً، بتحريكه على الترقوة مرة واحدة، (ويشتهر فى هذا المضمار السكين اليهودى المُستخدم للذبح، أكثر من غيره لأنه يذبح الأضحية من خلال تحريك السكين فى اتجاه واحد مرة واحدة فقط، ويُطلق على هذا السكين شاليف (chalef، مما يُسيل دمه سريعاً ويكون الأمر فى أرحم أشكاله، هكذا!! ولكن تسييل الدم من أكثر من مكان، لا يجعل الحيوان يتخلص من كل دمه خلال الذبح، وتبقى بعض العروق محملة به!! لا أعرف مدى صحة هذا الكلام، ولكنى ألتزم بما سمعت من الأطباء البيطريين!

لقد حثنا الرسول عليه الصلاة والسلام، بأن نذبح بأسلوب رحيم، وقال لنا، إن "من لا يرحم لا يُرحم"، و"وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة"، وهذا تأسيس لما يجب أن يكون عليه هذا العمل، بحيث تكون الأُُضحية لوجه الله الكريم، حيث إننا نذبح ما خلقه الله، ويجب وأن نحترم خلق الله، وليس أن نهينه، كما يحدث فى كافة المجازر فى مصر، وقد سمعت من المختصين فى هذا الشأن، بأن مجازر القاهرة "نعمة" بالمقارنة بما يحدث فى مجازر الأقاليم!!

قد يرى البعض أن هذا موضوع ثانوى، وأننا يجب أولاً أن نتناول حقوق الإنسان وروحه، قبل تناول حق الحيوان، إلا أننى لم أقل أننى لا أقف مع حقوق الإنسان قلباً وقالباً، ولا يمكن لعاقل أن يُقارن بين الإنسان والحيوان ولكن إنسانيتنا وحق الإنسان، يجب وأن يرتبط بالدفاع عن بقية مخلوقات الله، لأن من يظلم إنساناً، إنما يُجازيه الله، كما أنه قد يتعرض لمكروه، بسبب إيذائه هذا، ولنا فى الأحاديث النبوية فى هذا الأمر الكثير من القدوة، بالإضافة لما يجب أن يتمتع الإنسان به من رُقى فى التعامل بالرحمة!!

أتمنى لو أننا أحسنا ذبح الأُضحية لوجه الله، بشرع الله، لأن الـذبح هو سلوك مرتبط بشرع الله. كما أتمنى أن نرحم كل مخلوقات الله، ولا نستغل الأضعف منا، كى يرحمنا الله. كما أتمنى أن يقوم وزير زراعتنا بتعديل هذا الوضع فى مذابحنا، ليس فقط للأعياد والمواسم، ولكن للأبد، وليس إرضاءً لأستراليا ولكن لضمائرنا!!

* أستاذ علوم سياسية






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة