فى زمرة الاهتمام والهوس المحموم بالدعاية الانتخابية لمجلس الشعب القادم، وكذلك اهتمام المواطنين بقوائم تزكية الحزب الوطنى لبعض المرشحين، وحذرهم المبالغ فيه من الجماعة المحظورة "التى لم تعد محظورة وإلا لقبض على مرشدها العام ونائبه وأعضاء مكتب الإرشاد بأكمله بتهمة ممارسة الحياة السياسية بدون إذن قضائى أو تصريح بوليسى"، يخشى المرء على نفسه ومنها أيضاً أن ينسى أننا فى نهاية العشر الأوائل من ذى الحجة، تلك الأيام التى تنتهى بمشهد عظيم حقاً غداً فى وقفة عرفات يوم يتباهى الله، سبحانه وتعالى، بخلقه من البشر أمام ملائكته، ولو فكر المرء منا قليلاً كيف يكون تباهى الخالق بخلقه، لاستحيا من فعله وقوله وحياته بأجمعها لم اقترفه ويقترفه من صغائر الأعمال وكبائرها.
وليت المسلم هذه الأيام يتدبر حديث رسولنا الأكرم، صلى الله عليه وسلم، حينما قال: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام"، يعنى، عليه الصلاة والسلام، الأيام العشر من ذى حجة، قالوا له : ولا الجهاد فى سبيل الله تعالى؟ قال: "ولا الجهاد فى سبيل الله إلا رجلا خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشىء".
ولرسولنا الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم، حديث آخر يؤكد ذلك المقصد والمبنى والمعنى، فعن أبى الزبير، عن جابر بن عبد الله، رضى الله عنهما، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام أحب إلى الله وأفضل من أيام العشر"، قيل: ولا مثلهن فى سبيل الله؟ قال: "ولا مثلهن فى سبيل الله، إلا رجلا عقر جواده، وعفر وجهه".
وفى فضل هذه الأيام المباركة مواقف بارزة فى السيرة النبوية العطرة، منها ما ذكره عطاء، عن أم المؤمنين السيدة عائشة بنت الصديق، رضى الله عنه، أن شاباً كان إذا أهل هلال ذى الحجة أصبح صائماً، فارتفع الحديث إلى النبى، صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه فدعاه، فقال : "ما يحملك على صيام هذه الأيام؟"، قال: بأبى أنت وأمى يا رسول الله، إنها أيام المشاعر، وأيام الحج عسى الله أن يشركنى فى دعائهم، قال: "فإن بكل يوم تصومه عدل مائة رقبة، ومائة بدنة، ومائة فرس، تحمل عليها فى سبيل الله، فإذا كان يوم التروية فلك فيها عدل ألف رقبة وألف بدنة وألف فرس، تحمل عليها فى سبيل الله، فإذا كان يوم عرفة فلك بها عدل ألفى رقبة وألفى بدنة وألفى فرس تحمل عليها، وهو صيام سنتين سنة قبلها وسنة بعدها".
ويرى المفسر العلامة ابن كثير فى تفسيره أن قوله تعالى: "وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة" أنها عشر من أول ذى الحجة، وكلم الله تعالى موسى تكليماً وقربه نجياً فى أيام العشر، وكتب له فى الألواح فى أيام العشر.
وروى عن أبى الدرداء، رضى الله عنه، أنه قال: عليكم بصوم أيام العشر، وإكثار الدعاء والاستغفار والصدقة فيها، فإنى سمعت نبيكم محمداً، صلى الله عليه وسلم، يقول: "الويل لمن حرم خير أيام العشر، عليكم بصوم التاسع، خاصة فإن فيه من الخيرات أكثر من أن يحصيها العادون".
وفى كتب الصالحين ما قرأت أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أهدى إلى موسى بن عمران خمس دعوات جاء بهن جبريل، عليه السلام، فى أيام العشر، أولهن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو حى لا يموت، بيده الخير وهو على كل شئ قدير.
والثانية، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهاً واحداً أحداً صمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولداً.
والثالثة، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحداً صمداً، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد. والرابعة، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو حى لا يموت وهو على كل شئ قدير. والخامسة، حسبى الله وكفى، سمع الله لمن دعا، ليس وراء الله منتهى.
متعنا الله ببركة هذه الأيام الطاهرة ونفعنا فيها بالعمل الصالح، ولحديثنا إن شاء الله بقية تذكر.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة