أحدث إصدار المذكرات الخاصة بجورج بوش الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية "نقاط القرار" الكثير من الجدل الذى دعى للتفكير فى مناقشة فكرة كتابة الرؤساء والحكام بشكل عام لمذكراتهم الشخصية والتى بالطبع تحوى الكثير من التفاصيل الخاصة بالدول التى كانوا يحكمونها على اختلاف مكانة الدولة هل هى دولة عظمية أم دولة من دول العالم الثالث.
الدكتور على مبروك أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة أكد أن فكرة كتابة المذكرات جيدة من حيث المبدأ، مشيرا إلى أن مدى صدق وجودة هذه المذكرات يعود لكيفية رؤية هؤلاء الرؤساء لسيرهم الذاتية فهل يرونها باعتبارها اعترافاتهم بأخطاء حقيقية فتظهر بشكل الاعتذار، أم أنهم يبررون من خلالها ما اقترفوه من أخطاء تصل فى أحيان كثيرة إلى حد الجرائم، مقترحا أن تكون هذه المذكرات مادة للدارسة، لكن بعد أن تعرض على مؤرخين قادرين على التعامل معها وتصحيحها تاريخيا.
وأضاف مبروك، أنه من الصعب التعامل مع مثل هذه المذكرات على أنها تاريخ لأنها تسجل التاريخ من وجهة نظر فاعله قائلا إن هذه النوعية من المذكرات تحتاج للقارئ الواعى الذى يمتلك القدرة التفريق و الحكم على ما يقرأه من وقائع وأحداث وتبريرات قائلا إننا فى مجتمعاتنا العربية نميل للتعامل مع حكامنا على أنهم أنصاف آلهة وأننا نتعامل مع ما يقولونه وكأنه مُنزل من السماء، ثم نكتشف كذب الكثير مما يقولونه بعد ذلك.
وأضاف مبروك: أنا لا أنصح أحد بقراءة مذكرات الرؤساء والحكام لأنها ستكون مجموعة من التبريرات وليس التفسيرات لأفعالهم، ومن يريد أن يقرأ التاريخ يقرأه من وجهة نظر المؤرخين، مع إقرارى بأن الرؤساء الغربيين يحترمون شعوبهم وليس كما يتعامل الحكام العرب مع من يحكمونهم بعدم احترامهم ولا احترام عقولهم متمنيا من الحكام العرب ألا يكتبوا مذكراتهم .
ويرى الدكتور عماد عبد اللطيف أستاذ الأدب بجامعة القاهرة أنه اعتمد فى تحضيره لرسالة الدكتوراه الخاصة به على مذكرات الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر لاحتوائها على العديد من الوقائع الخاصة بالمحادثات الخاصة باتفاقية كامب ديفيد، موضحا أن فن كتابة المذكرات هو فن قديم بدأ منذ قرون طويلة، وارتبط برغبة الزعماء والسياسيين فى كتابة إنجازاتهم السياسية من قرون طويلة مثلما فعل مثلا الملك رمسيس الثانى على جدران المعابد التى كان يأمر بتشييدها وأيضا على جدران الأعمدة و المسلات.
ويرى عبد اللطيف أن مذكرات الرئيس السابق للولايات المتحدة جورج بوش مذكرات مجرم حرب ومجرد تبريرات لأعماله الإجرامية تجاه العالم، مضيفا أنه من الجيد وجود مذكرات للسياسيين، بشرط ألا تمتلئ بالمغالطات والأكاذيب، كما هو الوضع الحالى، مستشهدا بكتاب البحث عن الذات للرئيس الراحل محمد أنور السادات، قائلا إنها مذكرات مليئة بالمغالطات التاريخية مثل ما رواه مثلا عن ثورة يوليو وعلاقته بها ودوره فيها.
فيما اعتبر الدكتور وحيد عبد المجيد رئيس مركز الأهرام للترجمة والنشر صعوبة أن تخرج هذه المذكرات من بين أيدى الحكام العرب، لبقائهم فى السلطة إلى الأبد، لذا لا تتاح لهم فرصة كتابة مذكراتهم، مؤكدا أن تجربة الرؤساء و الحكام الأجانب مختلفة لأنهم يتجهون لكتابة مذكراتهم بعد تركهم للسلطة، كما تحتوى مذكرات الساسة الأجانب فى كثير من الأحيان على ما يستحق القراءة من معلومات وتفسيرات لأحداث منها ما هو تاريخى.
وأشار عبد المجيد إلى أن فكرة كتابة المذكرات نفسها فكرة طبيعية، فيجب أن يتحدث الإنسان الذى لديه تجارب عن خبراته خاصة بعد تركه لسلطات منصبه لأنها فى ذلك الوقت تعبر عن تأملاته عن هذه التجارب، وفى الكثير من الأحيان تكون مفيدة لكل من يقرأها مؤكدا على أن مسألة ذكر الحقائق هى مسألة نسبية خاصة أن المذكرات ليس من شأنها تسجيل التاريخ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة