جلست أتابع الأخبار شوفت الدمار وخراب الديار وارتفاع الأسعار فى الطماطم والخيار وتصريحات الكبار بالسلام والاستقرار، ولما تعبت من الأفكار قلت أخرج أقعد على قهوة عوكل فى الشارع السياسى.. فى المقهى سمعت عوكل وأصحابه يتحدثون فى ضوء خافت وفى ظلام دامس وبصوت هامس عن الانتخابات.
أخذ عوكل رشفة من كوب الشاى بتاع التموين الأصلى بعد ما تلفت يمينا وشمالا وقال: لما باسمع سيرة الانتخابات بفتكر قوات مكافحة الناخبين وتدور برأسى الحملة الشعبية الوطنية المهلبية للتصدى للناخبين الخائنين للوطن.. العملاء الذين لعب الشيطان اللعين برأسهم وتوهموا أنهم بلغوا سن الرشد وصدقوا تصريحات السيده الفاضلة نزيهة التى لا نسمع بها إلا فى أيام الانتخابات.
ونظر عوكل وراءه وقال: الغلابة افتكروا إن من حقهم يختاروا واحدا منهم يعبر عنهم ويحمل همومهم ويدافع عن مصالحهم ونسيوا إن الحكومة عاملة على راحتهم ومش عاوزة تتعبهم بالتفكير فى الاختيار واتخاذ القرار فتقوم هى بالواجب فتسهر الليالى الطوال فى التفكير فى أنجح الوسائل القومية لمنع المتعطشين للحرية من الاقتراب من اللجان الانتخابية فتتعب حكومتنا أياديها فى تسويد البطاقات وتقفيل محاضرالفرز ووكيلك ربنا.
وأضاف عوكل فى حيرة: الواحد محتار بين الليل والنهار.. و النور والظلام.. والكافيار والخيار.. مش عارف انتخب مين؟! رد واحد منهم وقال كل واحد مننا يختار الآن قبل الدعاية والإعلان.. وزحمة المولد والمهرجان.. وضجيج الصولجان والخوف من الإنس والجان.
رد الواد شفيق وقال أنا هنتخب الوطنى طبعا.. دى عاوزة كلام؟ فقال له عوكل طيب ليه الوطنى يافالح؟ قال الحزب الخبرة صاحب الكوادر ورجال الأعمال.. والمصالح وكروت التوصية والتأشيرات إياها إللى بألوان الطيف.. والمنجهة والمهلبية.. كفاية يا أخى تعبنا من الفول والطعمية.. وأراضى الدولة الواسعة.. والعلاج على نفقة الدولة.. وأكياس الدم.. والساحل الشمالى ومارينا وشرم، والعبارة، أنت ناسى العبارة ياعوكل؟ إللى نال فيها الشهادة ودخل الجنة بسببها 1000 مصرى مرة واحدة، مين فى مصر يقدر يدخل الجنة 1000 واحد مرة واحدة؟ ولا البطالة حد يلاقى أحلى من البطالة والقعدة فى البيت بين الأهل والأصحاب من غير شغل ولا وجع دماغ، ولا القروض إللى بالهبل.
رد واحد شباب قاعد بعيد من العيال بتوع الانتخابات الخبرة إللى همه.. وقال أنا هنتخب واحد من المستقلين مش عارف عن مين.. سأله عوكل ليه المستقلين يا ناصح؟ قاله علشان أفضفض معاهم وأحس إنى ضد الحكومة ومعاها.. ونفّع واستنفع.. وبعدين بعد ما ننجح ندخل الحزب ونتبغدد عليهم وتبقى بجميلة.. وعلشان كمان الكباب والكوفتة إللى بيوزعوها بيصرفوا كتير والله وكله بيسترزق.. موسم بقه.
رد خيشة الرومانسى و قال الواحد أفضل حاجة يخش على الأحزاب.. رد الواد عوكل الخبيث وقاله طيب ليه الأحزاب يارومانسى؟ رد خيشة وقال أحلى حاجة المعارضة بالقانون.. بتصريح من الحكومة.. طبعا انتم مش عارفين إن الحكومة بتاعتنا قلبها أبيض أد إيه؟ تصدقوا إنها بتعطى الأحزاب فلوس علشان يعارضوها فيه طيبه أكتر من كده؟ دا غير الهدوء والمقرات الفاضية الهادية بعيد عن الزحمة ووجع الدماغ، الواحد يهرب من دوشة العيال وأمهم ويروح هناك.. يعيش مع نفسه شويه.. الهدوء يا جماعة أحلى حاجة صدقونى.. ولا المؤتمرات والقاعات المتكيفة فى الصيف.. يعنى تعارض براحتك ولا حد يقولك أى حاجة ولا حتى حد يسمعك.
طلب واحد من إياهم من عوكل الإذن.. واحد شكله كده من الجماعة بتوع الله أكبر ولله الحمد وحسبنا الله ونعم الوكيل، أكيد كلكم عرفتوهم مين.. ربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم، وقال الانتخابات دى شهادة وأنا مش ممكن هاشهد زور أبدا.. أنا هنتخب واحد مننا عايش معانا من زمان.. واحد عارفين أصله وفصله.. بيشرب ميه من الحنفية.. واحد بيدور على مصلحتنا قبل مصلحته هو.. واحد عاوز يصلح فى البلد ويتمنى الخير للقريب والبعيد.. واحد من الناس بتوع شنط رمضان وكفالة الأيتام والصلاة بالليل والناس نيام.. واحد من الناس بتوع ربنا ولا إرهاب ولا كباب ولا عنده زحمة على الأبواب، ناس بيعاملونا زى الأصحاب.. واحد بعيد عن الفخفخة والمنظرة.. واحد يقعد معانا على المصطبة.. بيروح المجلس يطالب بحقوقنا وبيدخل علينا بيوتنا.
رد عوكل وقال أنا فهمت الآن، أنا هانتخب مين.. وفجأة دخل القهوه واحد من الناس التانيين فغيرعوكل الكلام وبدأ يمجد فى السلطان.
انتخابات
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة