وصف أحمد أبو الغيط وزير الخارجية، نتائج قمة مجموعة العشرين التى اختتمت أعمالها أمس، الجمعة، بكوريا الجنوبية، بأنّها تمثل الحد الأدنى لما يمكن الاتفاق عليه فى هذه المرحلة لاستعادة الاستقرار الاقتصادى العالمى، مشيراً إلى أنّ الآمال كانت معقودة قبل الاجتماع على أن تخرج القمة بنتائج جيدة نحو تعزيز الانتعاش الاقتصادى العالمى، وإنجاز العمل فى مجال الإصلاحات الهيكلية لتحقيق النمو الاقتصادى العالمى بشكل مستدام ومتوازن، إلا أنّ الخلافات التى تصاعدت وتيرتها قبيل انعقاد القمة حول موضوعى تقييم أسعار العملات وكيفية معالجة الاختلال فى موازين المدفوعات أعاقت من التوصل إلى إجراءات محددة لتحقيق هذا الهدف.
وأضاف أبو الغيط، أنّ التحديات الاقتصادية المتعددة، والمصالح السياسية المتشابكة، والظروف الدولية الشائكة، إضافة إلى المسئولية السياسية الملقاة على عاتق قادة المجموعة؛ مثلت ضغطاً على القمة دفعهم إلى التوصل على موائمة سياسية تمثل الحد الأدنى لما يمكن الاتفاق عليه، وهو ما جسده البيان الصادر عن القمة، وقال "الآن وبعد انعقاد 5 قمم للمجموعة لا يزال الوضع الاقتصادى العالمى هشاً، وأنّ عملية التعافى لا تزال بطيئة، كما أنّ القمم المختلفة لم تنجح نتيجة لتضارب المصالح فى التوافق حول أنسب السبل للخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية"، مشيراً إلى أن الصياغات التوافقية الغالبة على لغة البيان الصادر لا تلبى تطلعات معظم الدول النامية، قائلاً: "وهو ما يؤثر من وجهة نظرنا بالسلب على مصداقية وجدية الالتزام التام بهذه النصوص، ويجئ بعيداً عما تصوره حالياً العديد من الدوائر السياسية والإعلامية فى أنحاء العالم التى هللت لنتائج القمة ووصفتها بأنها تمثل حلولاً جذرية للأزمة الحالية".
وأوضح أبو الغيط، أن الدبلوماسية المصرية كانت على اتصال وتشاور مع الجانب الكورى، حيث تم اطلاعهم على التصورات والرؤى المصرية وموافاتهم بورقة القاهرة حول التنمية فى القارة الأفريقية جرت مناقشتها فى اجتماعات مجموعة العمل للتنمية التى ترأستها جنوب أفريقيا فى اليوم الثانى للقمة، مؤكداً على أنّ مصر كانت تأمل فى أن تحتل الموضوعات الخاصة بالدول النامية خاصة الأفريقية مساحة أكبر من مداولات ومناقشات المجموعة، مشيراً إلى أنّ تحقيق الأهداف التنموية يتطلب خلق بيئة دولية ملائمة، وداعمة لجهود الدول النامية والأفريقية فى هذا المجال، الأمر الذى يتطلب ضرورة صياغة سياسات دولية مالية ونقدية دولية لتحقيق هذا الهدف.
وطالب وزير الخارجية بتطوير طبيعة العلاقات القائمة بين الدول المتقدمة والعالم النامى، وإضفاء المصداقية والشرعية على قرارات المجموعة كمحفل لتنسيق السياسات الاقتصادية العالمية من خلال مراجعة تمثيلها، مشيراً إلى أنّ الرؤية المصرية تطالب بمراجعة المعايير التمثيلية فى عضويته بما يسمح بتصحيح الأوضاع بالنسبة لتمثيل العديد من المناطق كأفريقيا والدول العربية، ويتيح لها الفرصة من خلال تمثيل عادل لطرح أفكارها ورؤاها والمشاركة فى صياغة هذه السياسات، وقال إنّه من غير المقبول أن تظل عدة مناطق غائبة عن محافل تتناول قضايا وملفات تمس مستقبلها، وبالتالى يتعين وضع حد لحالة التهميش التى تعانى منها الدول النامية، وعلى رأسها أفريقيا وتصحيح هذا الوضع المعيب لصالح المجتمع الدولى بأسره، ولإضفاء مصداقية على دور ومقررات المنظومة الدولية التى تتعامل مع السياسات المالية الدولية كمجموعة العشرين.
وأكد أبو الغيط، أن الرئاسة الفرنسية القادمة لمجموعتى الثمانية والعشرين أمامها طائفتان من التحديات الرئيسية، أولاهما تتعلق بتحقيق التوافق وتقريب وجهات النظر فيما يتعلق بالحلول والإجراءات الضرورية لاستعادة الاستقرار الاقتصادى العالمى وتمهيد الطريق والحافز لمزيد من النمو، فيما يتمثل التحدى الثانى فى أهمية إضفاء الشرعية ومراعاة الشفافية فى مداولات وإعمال المجموعة، الأمر الذى لن يتحقق إلا بمراجعة العضوية الحالية بضم دول جديدة، مؤكداً أن المجموعة مطالبة الآن أكثر من أى وقت مضى بتصحيح هذا الوضع الخاطئ الذى امتد لسنوات منذ إنشائها، حيث غاب عنها التمثيل الأفريقى والعربى العادل.
