قال الأديب و الروائى د. شريف حتاتة إنه أصبح الآن صديقا لزوجته السابقة الكاتبة نوال السعداوى، وبعد ما صار بينهما من خلافات أعقبت انفصالهما بعد حياة زوجية دامت لأكثر من 43 عاما، مؤكدا على أن زواجه من الدكتورة نوال السعداوى والتى تعرف عليها عقب خروجه من السجن وتعيينه فى وزارة الصحة قد أثرى حياته بالعديد من الأشياء، منها أن السعداوى هى من دفعته للكتابة التى كانت له بمثابة الخلاص بعد تجربة السجن المريرة، مضيفا أنه تعلم من السعداوى الاهتمام بالمرأة وقضاياها، كما أنها عرفته على المجتمع المصرى الذى لم يكن يعرفه، واصفا نفسه بأنه كان "نتاج تجربة أجنبية" لأن والده كان إقطاعيا مصريا كبيرا، ينتمى لعائلة من كبار ملاك الأراضى، وأمه فتاة إنجليزية فقيرة فأصبح حتاتة نتاج ثقافتين مختلفتين وهو ما أثر عليه لبقية حياته.
جاء ذلك أثناء الندوة التى أقيمت بالأمس فى دار الكتب والوثائق القومية والتى حضرها حتاتة للتحدث عن مشوار حياته ورحلته مع الكتابة والإبداع، وشارك فيها الروائى الشاعر و الناقد محمد بدوى وأدارها الدكتور عبد الناصر حسن رئيس الإدارة المركزية لدار الكتب.
وتحدث حتاتة عن الكثير من جوانب حياته وأهم التجارب التى مر بها أثناء عمره الذى يمتد الآن إلى 87 عاما، و التى كان من أهمها تجربة سجنه لأكثر من 13 عاما فى فترة الخمسينيات، مرجعا الفضل لتجربة السجن فى تعلمه الكثير من الأشياء منها الصبر والتأمل، فيما أوضح حتاتة أثناء حديثه أنه كان يساريا أكثر من عبد الناصر، لذلك حدث الخلاف الذى أودى به إلى السجن لأكثر من 13 عاما قائلا عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إنه كان رفضا لأى تيار سياسى مغاير للتيار الذى كان يتبناه مما جعل حتاتة يشعر بالقهر الشديد.
وفيما يخص تجربة السجن أيضا قال إنه ليس نادما عن آرائه وأفكاره التى أودت به إلى السجن، مشيرا إلى أن ذلك ليس ادعاء ولا بطولية منه، ولكن ذلك لأن الندم والخوف من وجهة نظره من أهم العوامل التى من الممكن أن تحطم الإنسان، موضحا أنه غير راض على نفسه فى كل شىء، ولكن ليس للحد الذى يصل به إلى الندم.
وفيما يخص الجانب الشخصى الخاص بنشأته وتربيته، فأشار إلى ندمه على أنه لم يقدر والدته التقدير الكامل أثناء حياتها، مرجعا ذلك إلى عدم خبرته وعدم معرفته بقيمتها فى ذلك الوقت، موضحا أن دورها فى حياته كان الدور الأكبر والأهم، لأنها هى من أعدته لتحمل سنوات السجن، قائلا: تعلمت منها الجلد الذى تحملت به معاناة تجربة السجن.
وتحدث حتاتة عن السياسة كما تتم ممارستها فى مصر وفى العالم، واصفا إياها بأنها "لعبة مش نضيفة" مضيفا أن الأدب غير نظرته للسياسة، موضحا أن السياسة تتعامل مع الأفراد كأعداد فقط، لكن الأدب يتعامل معهم بانفعالاتهم وأحاسيسهم وتصرفاتهم وعذاباتهم أوقات قوتهم وأوقات ضعفهم.
فيما تحدث الناقد و الشاعر محمد بدوى عن حتاتة بأنه خبرة حياة تتجاوز كتابتها واصفا له بأن "البطل الرومانسى الثورى"، قائلا إن تجربة حياته هى رحلة طويلة لمثقف مصرى واضعا لها عنوان "رحلة البحث عن الهوية" قائلا إن هويته قد تأثرت بكونه ابن لأب مصرى وأم إنجليزية والتى تسببت فى خجله الشديد وابتعاده عن أقرانه أثناء فترات دراسته كل هذه الأشياء التى دفعته للبعد عن كل هذه المتناقضات، مؤكدا رغبته فى الانتماء للطبقات الفقيرة والمتوسطة شارحا أن زواجه من نوال السعداوى كان من ضمن الأسباب التى ساعدته على الانتماء لهذا العالم الذى لم يكن يعرف عنه شيئا، مضيفا إن السياسة والحب عند حتاتة هما الدعامتان اللتان استند عليهما فى البحث عن ذاته طوال حياته، مؤكدا على أن حتاتة رجل ذو تاريخ نضالى طويل من الصعب إنكاره.
فيما علق الدكتور عبد الناصر حسن على فكرة إمكانية تطبيق الماركسية الآن كمذهب سياسى فقال: أنا مع العلم، ولست مع الماركسية، فكل يوم يأتى العلم بالجديد من الأفكار، مؤكدا على عدم إمكانية تطبيق الماركسية بشكلها القديم كما كانت تطبق من قبل دون التطوير ودون الاستجابة لمتطلبات العصر، مؤكدا أن الكتابة انتصار على الموت، وأن الكاتب يحفر بأعماله لاسمه مكانا فى التاريخ مخترقا بذلك فكرة انقطاع الحياة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة