درسنا ونحن صغار فى مادة العلوم درس الحواس الخمس؛ وهى البصر والسمع والشم والذوق واللمس، وكان يحلو لمدرس العلوم فى زماننا أن يختبر حفظنا للدرس غيباً، ومازلت أحفظ عن ظهر قلب "يجب على الإنسان أن يكون سعيداً؛ لأن الله وهب له اللسان لنتذوق به، ويخبرنا بطعم الأشياء، هل هى حلوة، حامضة، مالحة، أم مرة، وكل جزء من اللسان له دور فى التعرف على مذاق الأشياء، ويستطيع اللسان أن يحس أيضاً بالسخونة والبرودة والألم" ومن لم يحفظ ذلك فإنه لن ينجو من خيرزانة معلمنا والمكسوة بخرطوم أسود والخرطوم مجدول بأمتار من أسلاك الكهرباء الحمراء كضفيرة شعر الغجرية، وزلت حتى يومنا هذا ورغم تكرار السنين أعرف أن اللسان هو أداة التعرف على طعم الأشياء وأن الطعم يمكن أن يكون حلو شوية أو حلو شويتين أو حلو قوى أو مالحاً أو مذذ شوية أو مذذ كثيراً، وأضاف الناس على الطعم صفات متعددة وكثيرة، لذيذ، شهى، جميل، عسل، سكر، فظيع، رهيب، كده ويرفع أبهامه لأعلى، والأخوة الكويتيون يقولون على الطعم؛ يهبل، ويينن (يجنن) وفى السوق الآن نوع من المكرونة الآسيوية وسريعة التجهيز وذلك بوضعها فى ماء ساخن فقط وأقل ما يمكن وصفها أنها تافهة وغير مستساغة رغم الدعاية المبالغ فيها وربطها بالحقول والمساجد الأثرية ولا علاقة بين المنتج وعناصر الإعلان، ولكنه نوع من الاستخفاف بعقول المستهلكين، وهذه المكرونة متعددة الأنواع وعلى كل عبوة يكتبون بطعم الدجاج أو بطعم الروبيان (الجمبرى) أو بطعم الخضار، وأعنى أن الطعم ينسب للطعام فى حالة عدم العلاقة بين شكل المنتج والطعام مثل المكرونة السابقة، وكذلك بعض عبوات اللبن ويكتبون بطعم التفاح أو بطعم الموز أو بطعم الأناناس، وكذلك بعض أنواع الأدوية والخاصة بالأطفال ويكتبون بطعم الفراولة أو أو أو ...... وهكذا.
أيقظتنى زوجتى وهى تصرخ؛ إلحق يا عبد الصمد الحقنى، يا لهوى، ياخرابى يا خراشى، يا بنتى؛ فقفزت كالقط وكنت فى البلكونة بجوارها وأخذنا نسحب بنتنا الصغيرة ولله الحمد كانت متعلقة بين حبال منشر الغسيل ولله الحمد لم تلق مصير ابن الجيران حودة الذى دفعه أخوه وهو يأكل "......" والذى طعمه حيخبطك ولم يسقط فى الماء كما فى الإعلان الذى يتكرر أكثر من 50 مرة فى اليوم الواحد، والزن على الودان أكتر من السحر، والذى نعرفه أن الطعم لا يخبط أحداً ولكن يمكن أن نقول طعمه يسعدك أو يعجبك أو يدهشك أو يريحك أو يفرحك أو يناسبك ولكن الطعم لا يمكن أن يخبط ولا يرقع ولا علاقة بين الطعم والخبط والدفع ولكن قريحة مصممى الإعلانات يبدو أنها جفت أو نضبت أو لكونهم أصلاً بلا مواهب ومعتادين على غش أفكار الإعلانات من المحطات الفضائية التى يراها أو لا يراها كثير من المشاهدين.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة