"الكباب.. الكباب.. يا نخلى عيشتكوا هباب" صرخة أطلقها الفنان عادل إمام فى فيلم "الإرهاب والكباب" لخص مدى عشق المصريين للحمة وأن ثورتهم وغضبهم ممكن تهدئته بحتة لحمة، عشان بقى يكرهونا فيها ويخوفونا منها ويبعدونا عن متعة أكلها والاستمتاع برائحتها عملوا إيه؟ يقولولك أكل اللحمة بكثرة يحفز الأعصاب السيمبثاوية وزيادة إفراز الغدة الدرقية، وارتفاع دهون الدم والكوليسترول وأمراض القلب وتصلب الشرايين ومرض الاسقربوط وهو الإعياء المتزايد ونزيف اللثة وضمور جذور الأسنان وكمان تكوين حصوات المرارة وتضخم البروستاتا وبتسبب السرطان وبترفع الضغط.
وبيصدعونا ليل نهار بأننا بنستهلك كذا ألف طن من اللحوم وبنصرف كذا مليون جنيه على الكباب وكأننا احنا بس الوحيدين اللى بنأكل لحمة فى العالم، طب هى اللحمة فين وبكام؟ فاكرين مسرحية "نرجس" بطولة الراحل حسن عابدين والقديرة سهير البابلى وهى بتقول للست الهانم زوزو ماضى وانت بقى بتأكلى لحمة كل يوم... كل يوم ومافيش يوم ماتكليهاش عشان كده صحتك ما شاء الله ميت فل وعشرة. الكلام دا من الثمانينات. طب حد منكم سمع على أسد جاله سرطان أو ارتفاع فى ضغط الدم وهو بيأكل لحمة طول الوقت. شوف يا صاحبى لما أقولك الكلام دا بقى هو اللى بيرفع الضغط ويصلب الشرايين وبلاش خيبة بقى. كلنا عارفين إن أكل الخرفان والأغنام بتزود الجسم بأهم الأحماض الأمينية التى لا تتوافر سوى فى اللحوم الحمراء وهى أهم المصادر الغنية بأنواع مختلفة من المعادن مثل الحديد والزنك، ومصدر أساسى لمجموعة كتيرة من الفيتامينات. المشكلة أن احنا اللى بنجيب الأمراض لأنفسنا وشوف ازاى بنعلق الدبيحة فى محلات الجزارة عريانة ومعرضة لكل أنواع التلوث فى الشارع لكن الأحذية اللى بنلبسها فى رجلينا بنضعها فى فترينات شيك يعنى إحنا بصراحة بناكل الزلط وأى حاجة المهم نملأ المعدة. الدليل أن رغيف العيش برضه يباع فى الشوارع أمام الزبالة والتراب وكمان الخضار والفاكهة فيهم كيماويات طب نأكل إيه؟ الحكاية وما فيها أن ملايين الأسر المصرية حاسة أنها ستحرم من الاحتفال بعيد الأضحى اللى حيهل بعد أيام. السبب جنون الأسعاراللى مالوش حل ومعروف أن العيد الكبير لحمة، طب حنعمل إيه فى الغلا ده وحنأكل لحمة فى العيد ولا لا. التجار اللى مابفيكروش إلا فى مصلحتهم وبس عملوا إيه؟ بدأوا فى رفع أسعار المواشى، فمافيش يوم يعدى إلا وتلاقى الأسعار بترتفع بخطة جهنمية وهى تعطيش السوق بضخ دفعات قليلة من الماشية فى أيام ما قبل العيد حتى يتسنى لهم الضغط ورفع السعر للحصول على أرباح خيالية وغير طبيعية. كمان الناس الغلابة اللى قالت بلاها لحمة خلينا فى البط والأوز والدواجن ولكنها برضة أصابها الغرور وجنون الأسعار. المشكلة أن الأسعار حترتفع أكثر وأكتر لأن حكومتنا متعودة دايما على التحرك فى الوقت الضائع لمواجهة أى مشكلة ليه بقى؟ لأنها مش عاملة حسابها فى استيراد الكميات المناسبة قبل الأعياد بفترة طويلة وكأنها مش عارفة بميعاد العيد وكل سنة تفتعل أى مصيبة وتتأخر فى عملية الاستيراد وكمان تستورد ماهو ردىء. النتيجة تراجع واضح فى الإقبال على شراء اللحوم المستوردة رغم انخفاض أسعارها، لأن نسبة دهونها كتير واللحوم الأثيوبية لم تصل بعد إلى البلاد وهى أفضل من اللحوم الأخرى وطعمها متقارب من اللحم البلدى. شوف يا صاحبى لما أقولك الحكومة كان عندها ما يكفى من الوقت للاستيراد سواء لحوم حية أو مذبوحة لكن حتقول إيه فى العقلية بتاعتهم والتخلف اللى مصممين عليه. الجميل بقى إن وسط الأزمة ظهر شكل اجتماعى رائع يعكس التكافل بين المصريين من خلال تجربة جديدة تتم من غير ضجيج إعلامى ومظاهر كدابة وهو قيام بعض الجمعيات الخيرية، بشراء الخراف والأغنام والأبقار المستوردة، وتذبحها وتوزعها على المحتاجين. مشاريع خيرية هامة توفرالأضاحى للفقراء، بعمليات الشراء والذبح والتضحية بالذبيحة، نيابة عن الشخص المضحى، ونبتت فكرة الأضحية الجماعية، التى تقوم على تكافل أكثر من أسرة فى شراء بقرة، بهدف تخفيض نفقات شراء الخراف الحية. كمان لفت نظرى عائلة السبكى المعروفة بإنتاج الأفلام - يعملون فى الأصل فى تجارة اللحوم، وتجارة المواشى والجزارة - عملوا إيه؟ بيعرضوا الـ3 كيلو لحمة مع كيلو كبدة هدية بمبلغ 110 جنيهات يعنى الكيلو لا يتعدى الـ28 جنيها يا بلاش، ولو كل أسرة تشترى 3 أو4 كيلو لحمة وخلاص علشان العيال تأكل لحمة فى العيد وخلى التجار والجزارين يتربوا وبعد العيد غصب عنهم حيرخصوها فقاطعوا اللحوم الحمراء من الآن ومحدش يشترى غير حاجته وبس.
* نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية