أصبحت الدروس الخصوصة تهدد المجتمع المصرى، إذ انتقل التعليم من المدرسة إلى البيت، وبالتالى ما تنفقه الدولة علىالتعليم من مليارات الجنيهات يصبح هدرا،فالطالب لا ينصت للمعلم داخل الفصل، وأصبح يعتمد اعتمادا كليا على الدروس الخصوصية، واستسلمت الأسرة المصرية تماما إلى سيطرة الدروس الخصوصة، إذ إنها الملاذ الوحيد لحصول أبنائها على مجموع كبير يؤهلهم لكلية من كليات القمة، وأخذ دور المدرسة يتقلص شيئا فشيئا، فافتقد الطلاب دور المدرسة فى التعليم والتربية وتقويم السلوك، وغاب دور الأسرة فى تربية الأبناء ومتابعتهم بسبب الانشغال بالأمور المعيشية.
الأب يعمل صباحا ومساء ولا يجد الوقت للجلوس مع أبنائه، بل أصبح مجرد بنك لصرف الأموال فقط.. والأم منشغلة بالعمل هى الأخرى..
فأين الوقت لمتابعة الأولاد؟
هل ذاكروا؟
هل أدوا واجباتهم؟
هذا ما كان يحدث فى الزمن الجميل حينما كانت الأسرة متماسكة، وتجتمع على الحب والوفاق والقيم الجميلة، فكان الأب يتابع أبناءه فى المدرسة ويحاسبهم فى المنزل على تقصيرهم، وكانت الأم متفرغة تماما للبيت والقيام بأعبائه وتربية الأولاد ومتابعتهم والتشديد على خروجهم وخصوصا البنات..
فحافظ إبراهيم لم يذكر بيته المشهور:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق
من فراغ، وذلك تقديرا لأهمية دور الأم فى التربية، وصلاح المجتمع ونهضته.
أما الآن فيستولى علينا العجب.. كل العجب من غياب دور المدرسة الذى أصبح هامشيا، وما ذهاب الطلاب إلى المدرسة إلا خوفا من الغياب فقط، ولولا ذلك لما ذهبوا دون مراعاة للتحصيل أو التعليم، وارتكنت الأسرة المصرية إلى الراحة وتركت أولادها للدروس الخصوصة فانعكس ذلك بالسلب على الأبناء، واكتسبوا سلوكيات غريبة على المجتمع المصرى، وخصوصا البنات.
كانت الأم حريصة على متابعة بناتها وتوجيههن باستمرار لاختلاف طبيعتهن عن الأولاد، وشيئا فشيئا غاب كل ذلك وتركت الأم ابنتها فريسة للدروس الخصوصية، فأصبحت تتأخر كثيرا خارج المنزل بحجة الدروس الخصوصية، دون أن تضع الأم فى اعتبارها أن ابنتها فى مرحلة حرجة من أخطر مراحل حياتها، وإذا لم يتم توجيهها صحيحا أثر ذلك بالسلب عليها ودفعها إلى الانحراف.
ومما يثير فى النفس العجب أيضا أن الأم تترك ابنتها على حريتها فى ارتداء ملابسها دون محاسبتها، فتجد البنات يتسابقن فى ارتداء أحدث خطوط الموضة والمبالغة فى مكياجهن كأنهن ذاهبات إلى حفلة أو مقابلة الحبيب، وذلك للفت الانتباه، مما يعرضهن للقيل والقال ومعاكسات الطريق، ومما هو أبعد من ذلك.
ألا تعلم الأم بأن ابنتها تختلط فى دروسها بالأولاد، وهذا قد يؤدى إلى حدوث أشياء لا تضعها الأم فى اعتبارها منها حب المراهقين الذى قد ينتهى فى النهاية إلى ما تندم عليه الأسرة بعد ذلك، لغياب رقابتها ومتابعتها لبناتها، كالزواج العرفى الذى أصبح ظاهرة خطيرة تهدد كيان الأسرة المصرية.
عزيزتى الأم..
هل سألت نفسك.. هل تذهب ابنتك بالفعل إلى الدروس أم تذهب إلى مكان آخر؟ لماذا لا تحاسبينها على تأخرها فى الدروس؟ أو تتفقين مع المدرسين على تقديم مواعيد الدروس إلى وقت متقدم حرصا على البنات وسمعتهن.. هل يمكن لابنتك الاستغناء عن هذه الدروس؟
