محمد حمدى

10 آلاف جنيه

السبت، 09 أكتوبر 2010 12:34 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما ألقت المخابرات العامة المصرية القبض على الجاسوس الإسرائيلى عزام عزام، حصلت على تحقيقات النيابة، وقرار الإحالة من أحد المحامين، وبالمعنى الصحفى كنت أمام كنز من المعلومات، طلب منى الصديق أسامة الغزولى مدير مكتب جريد القبس الكويتية بالقاهرة، أن أعيد قراءة التحقيقات وكتابتها فى عشر حلقات للصحيفة الكويتية مقابل ثلاثمائة دولا للحلقة أى ثلاثة آلاف دولار، توازى وقتها عشرة آلاف جنيه.

كانت المرة الأولى والأخيرة فى حياتى الصحفية التى تمتد نحو 23 عاما التى أحصل فيها من العمل الصحفى على هذا المبلغ الكبير مرة واحدة، ومن ثم بدأنا التفكير ماذا سنفعل بهذا المبلغ الكبير؟ ووجدت نفسى أمام خيارين، إما شراء سيارة فيات 28 مستعملة، أو إعادة توضيب الشقة التى كنت أعيش بها فى نهاية شارع الملك فيصل، واخترت شراء السيارة، ثم بعتها بعد عام، لأن البيت كان يحتاج إلى إعادة بناء السباكة والكهرباء والأرضيات وكل شىء.

وحتى ظهور الصحافة الخاصة وتنوعها قبل ست سنوات، كان راتب الصحفى فى صحيفة قومية، لا يكفى للحد الأدنى من متطلبات الحياة، أما الصحفى فى صحيفة حزبية وقد عملت فى صحيفة الشعب المعارضة عدة سنوات، فهو يجعلك تعيش ليس بجانب الحائط وإنما داخله.

ويحسب للصحافة الخاصة، إلى جانب الحركة التى أحدثتها فى المشهد الصحفى، أنها بدأت بأجور عالية للصحفيين، ومن ثم بدأت الصحف القومية محاولات بطيئة لإصلاح أجور العاملين بها.

وقد يتصور البعض أن "الصحفيين فى مصر وكلينها والعة" لكن هذا الأمر لا ينطبق على السواد الأعظم من العاملين فى بلاط صاحبة الجلالة، لذلك يعمل الصحفيون فى عدة صحف، وفضائيات، فى محاولة لتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة، التى تسمح بالحفاظ على استقلالية أقلامهم، وعدم خضوعهم للمغريات أو للابتزاز.

كان مرتب الصحفى فى مصر قبل الثورة يصل أحيانا إلى خمسين جنيها، بينما حين بدأت العمل فى صحيفة الشعب بعد الثورة بنحو 35 عاما كان أول مرتب بعد تعيينى فى الصحيفة أربعين جنيها فى الشهر، ولا أعرف ماذا كنت سأفعل فى الحياة لو لم يكن والدى يساعدنى بمبلغ شهرى محترم.

من حق كل إنسان يعمل فى عمل شريف أن يكفيه هذا العمل احتياجات حياته اليومية، لكن بعض المهن تحتاج إلى دخل كبير، مثل الصحافة والقضاء والشرطة، لأن فساد أى من العاملين فى هذه المهن يترك أثارا مدمرة على المجمتع، ولا يصح أن يعيش هؤلاء طوال حياتهم وهم يقبضون على الجمر، لأن القدرة على تحمل الضغوط تختلف من إنسان إلى آخر.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة