تسأل سيدة هل النوم يحسن من الصحة العامة للإنسان ويمنحه النشاط والحيوية؟
يجيب الدكتور عبد الهادى مصباح أستاذ المناعة على التساؤل، ويقول حقاً النوم سلطان، وهذه ليست دعوة للكسل، لكن دراسات عديدة على مدار سنوات متعاقبة، تثبت أن النوم بعمق لمدة 7 ـ 8 ساعات يومياً بالليل، يقوى جهاز المناعة لدى الإنسان، ويجعله أكثر صحة ومقاومة للأمراض، وهناك دراسات خرجت من جامعة كاليفورنيا منذ السبعينيات من القرن الماضى على الأشخاص المعمرين، تشير إلى أن النوم الصحيح يأتى على رأس القائمة التى تقترن بطول العمر.
يلى النوم ممارسة الرياضة، وهى عامل يساعد الجسم على النوم العميق دون قلق، ثم تناول وجبة الإفطار وعدم تناول الأطعمة بين الوجبات، بالإضافة إلى ضبط الوزن والبعد عن السمنة والتدخين والكحول وكل العوامل المسببة للإدمان، وقد ربطت الدراسات الإحصائية كل هذه العوامل بالصحة الجيدة وطول العمر وتأخير حدوث الشيخوخة وأمراضها، والأعمار بيد الله طبعاً، ولكنه سبحانه قد سبب الأسباب.
ولعل الكثير منا قد مر بتجربة العدوى بالأنفلونزا، ولاحظ أن الأعراض تقل حدتها كلما استراح المريض ونام نوماً عميقاً، وبعد أن يستيقظ يشعر مرة أخرى بالتعب حتى أصبح من الشائع لدى كل من المريض والطبيب أن الراحة هى أهم علاج لأعراض الأنفلونزا بلا جدال.
وقد أثارت هذه الملاحظة التساؤل: ترى هل النوم وحده يقلل من حدة العدوى بالفيروس ويقوى مناعة الإنسان، أم أن هناك عوامل أخرى؟ وكانت الإجابة من الدكتور جيمس "كروجر" من جامعة "تينسى" الأمريكية حين أثبت أن الحرمان من النوم يضعف الجهاز المناعى، ويساعد على العدوى بالبكتريا والفيروسات المختلفة، حيث يقل عدد الخلايا الليمفاوية البائية المسئولة عن إفراز الأجسام المضادة للكائنات الغريبة التى تحاول أن تغزوا الجسم، وكذلك الخلايا القاتلة الطبيعية NK Cells وهى الخلايا التائية المسئولة عن التصدى للفيروسات والخلايا السرطانية، بالإضافة إلى نقص الخلايا الأكولة، مما يجعلنا أكثر عرضة للعدوى دون وجود المقاومة الكافية.
والعلاقة تبادلية بين النوم والجهاز المناعى، فالنوم يقوى الجهاز المناعى، والجهاز المناعى يساعد على النوم عند حدوث العدوى، ومن المهم جداً أن ينام الإنسان بعمق، ومرحلة النوم العميق REM Sleep هى مرحلة فى غاية الأهمية من أجل تجديد طاقة الجسم كله، وتثبيت المعلومات فى الذاكرة الدائمة وليست المؤقتة، وهناك مثل أمريكى ينصح بعدم اتخاذ القرارات الهامة إلا بعد التفكير فيها والنوم عليها Sleep On it، حتى تنضج فكرياً وتخرج بالصورة السليمة، ولعل هذه من النصائح الهامة للطلبة الذين يحاولون الحفظ فقط مع تجاهل عامل النوم عند قرب الامتحانات، مما يجعلهم ينسون نسبة كبيرة من الذى حفظوه.
ومرحلة النوم العميق تمثل 20% من عدد ساعات النوم لدى الإنسان، إلا أنها من الأهمية القصوى التى تحافظ على طاقة الإنسان، وتحسن مناعته وذاكرته ووظائف جسمه الحيوية، وبالتالى فإن الساعة التى ينامها الإنسان بعمق، تعادل خمس ساعات من التى ينامها الإنسان نوماً سطحياً، ولعل الذين تعودوا على نوم القيلولة يعرفون هذا جيداً، حيث أن نوم القيلولة يجعل الإنسان يدخل مباشرة فى مرحلة النوم العميق بسرعة دون المرور على مرحلة النوم السطحى فيقوم الإنسان من نومه، وهو مجهد.
وهؤلاء إذا لم يستطيعوا أن يناموا كعادتهم فى القيلولة، فإنهم يرهقون جداً ولا يستطيعون تكملة يومهم بحيوية ونشاط كالمعتاد، وكلما انسجمت ساعات النوم فى المساء مع توازن إفرازات هرمونات الساعة البيولوجية الموجودة بداخل الإنسان والمنسجمة مع وظائفه، كلما استفاد الإنسان من نومه، واستطاع أن يحصل على حظه من النوم العميق المريح، أما إذا حدث العكس، وانقلب الليل إلى نهار فإن الجسم ينام، دون أن يدخل إلى مرحلة النوم العميق.
تواصلوا معنا بإرسال أسئلتكم واستشاراتكم على health@youm7.com
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة