لم تكن السماء لتشرق أكثر من ذلك.. لقد كانت مشتعلة.. كما اشتعل صدره بالحماس
كان النصر قريبا بعدما ذاق كغيره مرارة النكسة
وفقد أقرب الأقربين
اليوم أثأر لأخى، اليوم فقط يا أمى تنامين قريرة العين
دماء أخى بدر الطاهرة أبدا لن تذهب سدى
حاملا سلاحه اللامع تحت شمس الوطن الفضية
مندفعا وسط زئير الجنود الذين امتلات قلوبهم بالشجاعة والرفعة على تراب أرض الوطن
الذى دنسه المحتل الآثم
وامتلأت الأجواء برائحة الدماء
غريبة هى أرض المعركة
تختلط دماء الأبرار بدماء الغاصبين
أصوات الطلقات المدوية تقذف الرعب فى النفوس والصدور
تصم الآذان حتى أنك لا تستطيع أن تسمع صوتك
صيحات التكبير والتهليل أدخلت فى قلوب الجميع الرعب
إليكم أيها الجنباء قادم
لأذيقيكم من نفس الكأس التى شربتها لأعيد
للتاريخ معنى أن أكون مصريا
يشرد للحظة، يتذكر وجه بدر المخضب بالدماء وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة بين يده
يستقر الألم فى كل أرجاء جسده المفارقة للحياة
يبدو له وكان أصوات الطلقات قد توقفت، إن الزمان قد توقف
لم يعد غيره وغير بدر المحتضر، آهاته شقت قلبه نصفين
حاول أن يسعفه، أن يفعل شيئا لنجدته، لكن
بدرا كان قد استكان
أسلم نفسه للموت.. للشهادة
مرارة النكسة لم تدع له رغبة فى العيش
همس له: ثأرى فى رقبتك دماءنا جميعا فى أعناقكم
وأبلغ مصر عنى أنى لم أتهاون
دموعه الغاضبة والمكلومة امتزجت بدماء بدر سالت
على جبينه واختلطت بتراب الوطن
الأرض تهتز تحت أقدام الجنود.. الكل مصمم على الأخذ بالثأر..لم يكن لصومهم أثر العطش
للماء.. كما كان للذة النصر الأثر فى التعطش للدماء
الأوغاد يرتجفون خوفا تحت النيران وأصوات التكبيرات
العبور للضفة الغربية كان عبور بالزمان.. عبورا لجانب من الكرامة فقده المصريون لسنوات
لن نحارب.. قالوا ذلك آلاف المرات من قبل
بل سنحارب.. أعرف أن الرجال يوما سيفعلونها
فى بيت بدر العتيق.. أم بدر لا تتشح بالسواد.. كملاك أبيض استقرت على الأريكة
ملامحها وجهها مستكينة لدرجة مزقت قلبه عليها
نزل على ركبتيه.. تناول يدها الباردة ولثمها
نزلت دموعه الحارقة على كف يدها.. تنبهت له
مسحت على شعره.. ابتسمت فى وهن
لا تحزن يا بنى بدر لا يمت.. بدر فى قلوبنا
لن أحزن يا أمى.. بدر أخى بين قلوبنا
يعيش.. ثأره همى ودمائه لن تذهب هباء
بل ثأر وطنك يا بنى، أرضك الطاهرة.. أرض أجدادك وأرض بنيك من بعدك
الكل مشغول بضرب العدو وتلقينه درسا لن ينساه أبدا
عشنا طويل فى المهانة ويوم العزة قد جاء.. الوحوش الضوارى تلهب الكون بالنيران.. جوا وبرا وبحرا
فى ساعات قلائل تحول شاطئ القنال إلى نار الله الموقدة..
فلترقد روحك يا أخى وصديقى فى سلام..
أخبار النصر والرايات المرفوعة ملئت الأجواء.. صوت الراديو الفرحان والزعاريد.. وأم بدر
الجالسة فى سكينة.. ثوبها الأبيض كعروس..
مبارك عليك يا ولدى النصر
بل مبارك علينا جميعا.. وفيت دينى لبدر..
أخى قبل أن يكون صديقى
جميعكم أخوة يا ولدى.. طوال هذه السنوات لم أرق بينك وبينه أدا.. كنت لى كإبن وكان لك أخا
الضجيج الفرحان يعلو ويعلو.. والرجال المغبرين بالرمال ودمائهم الممزوجة بدماء الأعداء..
يعودون مرفوعى الهامة.. الله اكبر على مر العصور.. الله اكبر فى كل الدهور
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة