◄◄ القاهرة ترفض موقف واشنطن وتل أبيب المزدوج من الملف النووى الإيرانى وتعارض المشاركة فى حصار طهران
على عكس التوتر السياسى الظاهر ما بين مصر وإيران الممتدة جذوره إلى عام 1979 بقيام الثورة الإسلامية فى إيران، فإن القاهرة رفضت أكثر من مرة «بيع إيران» لأى من الأطراف الدولية أو الإقليمية المناوئة لها، فالسياسة الخارجية المصرية رفضت الانصياع لضغوط أمريكية فيما يتعلق بعدد من الملفات الخاصة بإيران، وهو ما ظهر جليا فى الحملة الدولية التى قادتها على مدار الشهرين الماضى والحالى فى اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى جنيف، واجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك، لدفع الغرب لتبنى مشروعها بإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، وهو المشروع الذى يساوى بين إسرائيل وإيران فى أنشطتهما النووية، مع إعطاء إيران الحق فى الاستخدام السلمى للطاقة النووية، رغم رفض العديد من القوى الدولية وتحديدا واشنطن وتل أبيب هذا الطرح.
مصادر دبلوماسية مصرية أكدت تعرض مصر لضغوط أمريكية متكررة خلال الفترة الماضية لعدم إثارة قضية الملف النووى الإسرائيلى والدخول فى مقارنته بالموقف الإيرانى، لكن مصر سعت لدعم لموقفها لدى الدول الأعضاء فى حركة عدم الانحياز بصفتها رئيسها الحالى ومنظمة المؤتمر الإسلامى والجامعة العربية، رافضة السياسة التى يتبعها الغرب فى هذا الملف بقيادة أمريكا وهى «الكيل بمكيالين» واستثناء إسرائيل من المحاسبة الدولية فى نشاطها النووى.
ولم يكن هذا الطلب هو الوحيد الذى رفضته مصر للإدارة الأمريكية، حيث سبق ذلك اعتراضها على منح واشنطن مباركتها لتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران بسبب تعنتها فى المفاوضات مع مجموعة الست الدولية، وكانت أمريكا تعلم جيدا أن موافقة مصر بصفتها أهم حليف لها فى المنطقة يوفر عليها التفاوض حول القرار مع دول أخرى.
تأكيد مصر لرفضها المطالب الأمريكية والتى تمثل ضغوطا عليها لم يكن خافيا بل ظهر علنا من خلال موقفها الإعلامى من رفض عقوبات مجلس الأمن بناء على المشروع الذى أعدته واشنطن، حيث عبر وزير الخارجية أحمد أبو الغيط عن الموقف المصرى تجاه هذا الملف بأن العقوبات لا يجب أن تكون الخيار الوحيد لمعالجة الأزمة، معتبرا أنها لا تخدم التوجه نحو تسوية سلمية لهذه الأزمة، وأوضح أبو الغيط أن التجارب السابقة للعقوبات انتهت دائما إلى تصعيد التوتر والمواجهة مشددا على أهمية استمرار العمل الدبلوماسى لإيجاد حل سلمى، يتيح للمجتمع الدولى التأكد بلا أى لبس من سلمية نوايا إيران فى هذا المجال، وأكدت مصر فى الوقت ذاته على حق جميع الدول فى تطوير برامجها النووية السلمية وفقا لحقوقها المنصوص عليها فى المعاهدات الدولية المنضمة إليها.
ولم يقتصر موقف القاهرة على التصريحات الإعلامية بل رفضت المشاركة بشكل عملى فى الحصار الاقتصادى على إيران، واستمرت علاقتها الاقتصادية مع طهران على الرغم من أنها لم تصل بعد إلى العلاقات الطبيعية بين أى بلدين، فالقطيعة السياسية ما بين مصر وإيران لم تمنع من فتح أبواب أخرى خلفية لعلاقات التعاون بين البلدين، كان آخرها الانفتاح الإيرانى على القاهرة بوفدين رسميين رفيعى المستوى، ترأس الأول نائب الرئيس الإيرانى ورئيس منظمة السياحة حميد بطائى، الذى وصل القاهرة الجمعة الماضية على رأس وفد ضم معه عددا من رجال الأعمال الإيرانيين، وشهباز برداى نائب رئيس هيئة السياحة، وكان فى استقبال الوفد الفريق أحمد شفيق وزير الطيران المدنى الذى أشار إلى مجموعة من مشروعات التعاون الثنائى تم الاتفاق عليها مع الوفد الإيرانى تمثلت فى التعاون بين شركات الطيران الخاصة فى البلدين، وفتح خطوط جديدة والتوقيع على بروتوكول تعاون فى مجال الطيران، أما الوفد الثانى فترأسته وزيرة الصحة الإيرانية مرضية واحد دستجردى التى حضرت للقاهرة للمشاركة فى المؤتمر الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية، وبحث علاقات التعاون الصحى مع نظيرها المصرى الدكتور حاتم الجبلى.
السفير أحمد الغمراوى رئيس جمعية الصداقة المصرية الإيرانية وصف موقف مصر من مساندة إيران فى حقها النووى السلمى ورفض توجيه ضربة عسكرية لها بالـ«متوازن»، مؤكدا أن مصر سعت من خلال ذلك إلى ما يخدم مصلحتها الشخصية، حيث إنها تسعى دوما إلى دعم استقرار الأوضاع فى الشرق الأوسط والحفاظ على أمنها، كما أن انفراد إسرائيل كقوة وحيدة فى الشرق الأوسط بالنووى يهدد أمن المنطقة ووجود إيران يعيد توازن القوى، وقال « بالمثل رفضت مصر حتى أن تلعب دور المحرض على ضرب إيران لدى دول الخليج مثل البحرين والكويت، والسعى لإقناعهم بالفكرة الأمريكية الإسرائيلية بأن يكونوا قواعد عسكرية لضرب إيران وتمرير ضربات عسكرية من خلال استخدام مجالهم الجوى».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة