شريف حافظ

ثقافة التصويت بين المصلحة العامة والخاصة

الخميس، 07 أكتوبر 2010 07:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يمكن أن يصدق المرء أن تمنع المُعارضة التصويت، إذا كانت "المشاركة" ثقافة متوارثة، ولكنها تُبدى اعتراضها على التصويت فى بلد، لم يتعود شعبه على المشاركة عبر عقود، فلزم زرع تلك الثقافة فيه، أولاً! ولكن، أن تمنع المعارضة فى أى بلدٍ حول العالم، التصويت، بينما لا توجد ثقافة مشاركة من الأصل، ويراد لشعبٍ ما أن "يتعود" وينتهج ثقافة المشاركة؟؟؟ هل هذا مُمكناً؟ بالطبع، هذا أمر غير طبيعى، حتى ولو أن الانتخابات يتم تزويرها! لماذا؟ لأن المبدأ الأساس، المتمثل فى المشاركة، يجب وأن يترسخ بدايةً فى الوجدان، ثم يتم الحديث عن غيره، لأن وقتها سيكون حجم الاعتراض على التزوير أعلى، ويسعى القائمون على عملية التصويت، أنهم مراقبون بعين يقظة، من شعبهم، المؤمن بحق، بالمشاركة من أجل رفاه الوطن ومصالحه، وليس بثُلة من الأحزاب أو الحركات أو الجماعات فقط.. وهنا يبرز وبوضوح، لا يقبل الشك، الفارق بين من يرى مصالح الوطن ككل ومن يرى مصلحته الذاتية!!

لا أريد أن أخون أحداً، ولكن بالتأكيد، سأُعارضه، عندما يطرح فكراً "لا يفهمه" هو قبل غيره! نعم! لا أخونه، ولكنى أؤكد أنه لا يعى ما يقول! ففى الولايات المتحدة الأمريكية، وفى وقت حدوث تقارب بين كلا المرشحين للرئاسة: آل جور وجورج دبليو بوش عام 2000، قام حديث عن التزوير، ولكن أكد المثقفون من الأمريكيين، أن الأهم، هو أنهم قد صوتوا، ويمكنهم الآن الاعتراض على نهج بوش، متى أخطأ، وكانت له خطايا، وليست مجرد أخطاء فيما بعد! فالذى يصوت، يملك حق الاعتراض! الذى يُشارك، يستطيع الاعتراض، لأنه اشترك من الوهلة الأولى!

إن المعارضة، ومنذ 2005، تصرخ بأعلى صوتها، بأن على الناس أن يصوتوا فى الانتخابات، ثم اليوم، تعود لتقول: لا تصوتوا!! بل يخرج بيان من بعض قادة الإخوان ويؤكد على أن عدم التصويت "أشرف قرار"؟؟؟ هل حدث تغيير فى المصطلحات وخطوات ترتيب الأولويات فى الاستراتيجيات السياسية، دون أن ندرى؟؟؟ ما هذا "الغُثاء" الذى يُطرح على الساحة السياسية المصرية؟ كيف يكون للمعارضة "بالذات" أن تطالب بعدم التصويت؟ كيف لا تريد المعارضة تغيير الوضع القائم؟ كيف تؤسس المعارضة لعدم المشاركة؟ نحن لسنا السويد، التى لديها مشاركة رائعة، ليكون التصويت "سلبياً"، بعدم المشاركة! نحن لا نملك ثقافة المشاركة من الأصل، ونريد بناءها.. فكيف لمن لن يصوت أن يعترض مستقبلاً؟؟؟

لقد حادت المعارضة عن الطريق، ولم تصبح معارضة ولكن خادمة للنظام، لأن عدم تغيير الثقافة، فيه بقاء للوضع الراهن، ومنع واضح وجلى للتغيير! والغريب حقاً أن يصدر هذا كله عن المعارضة، بينما انتخابات مصر تزور منذ عهد الملك فاروق!! ليس الأمر جديداً إذاً، وبالتالى، يجب أن يدخل عامل جديد على العملية الانتخابية، هو عامل زيادة المُشاركة، حتى يكون "تجربة مفيدة"، للتجربة اللاحقة والأهم، سنة 2011، فى انتخابات الرئاسة، حتى يشعر الشعب بما تعنيه مشاركته، ويستطيع فهم معنى المعارضة الحقيقية، وليس فقط ثقافة "الزعيق" التى تنتهجها معارضتنا الحالية، التى تطرح بدائل غير معقولة فى أغلب الأحيان، وليس لديها أطروحات عقلانية إلا فيما نُدر!

إن من ينتخب، يملك حق الاعتراض على السياسات فى البلاد، ومن لا يُشارك، لا يملك الحق نفسه، لأنه ليس له دخل بالعملية من بدايتها! كما أن الذى يُشارك، له كامل الحق، فى أن يدلوا بدلوه، فى طرح البدائل فيما يراه، بينما من لم يشارك لا يستطيع!! هكذا تعلمنا من العمليات الديمقراطية فى الخارج الغربى والشرقى! فلا يمكن أن نتجنب المشاركة فى التصويت على مستقبلنا "الحاسم"، ثم بعد ذلك نعترض! كيف لشخص، لم يكن شريكاً فى عقد بين شخصين، أن يعترض على هذا العقد؟ فى تلك الحال، لا دخل له! وفى حال عدم التصويت، إنما تبعد المعارضة، الشباب عن بلادهم، رغم أنها "كانت" تقول، أن هذا شُغلها الشاغل.. فياللعجب العُجاب!!

إن الشأن الاجتماعى، ليس كالشأن فى العلوم البحتة! فليس الإنسان يعمل وفقاً لضغط "الأزرار"! إن عودت شخصاً على أمر، فلا تطلب منه فيما بعد بفترة وجيزة، تغييره! والتاريخ، الذى يُعد بالعقود والقرون، يؤكد أن فترة سنة، هى فترة وجيزة، وفترة 6 أو 7 سنوات، هى أيضاً فترات وجيزة!

يا معارضى مصر، انظروا إلى المستقبل ومصلحة مصر وشبابها، وليس فقط إلى مصالحكم الشخصية! حاولوا أن تحوزوا المصداقية فى العمل السياسى، لأنكم فقدتم الكثير منها، خلال السنوات الماضية، ليس لأن النظام حاربكم، ولكن لأنكم حاربتم مبادئكم ذاتها، ولم تتقابل مصالحكم الذاتية و"الانتقامية" مع مصالح الناس فلم تقنعوا الكثيرين بالتغيير من خلالكم!

• أستاذ علوم سياسية








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة