◄◄ رئيس الوفد أدار ملف الخلافات الداخلية بالحزب بحنكة.. والبرادعى غاب وترك الصراعات تتفاعل داخل «الجمعية الوطنية»
فى الوقت الذى يواصل فيه السيد البدوى رئيس حزب الوفد صعوده سلم الحياة السياسية بشكل منظم وعبر انتخابات نزيهة داخل الحزب، بدأت تنحصر الأضواء عن البرادعى رغم الهالة التى أحاطت به فور وصوله إلى مصر. وصعود نجم البدوى رغم أنه لم يكن متوقعا لأنه ابن التجربة الحزبية المقيدة التى أصابها الإخفاق والفشل، فإنه استطاع أن يعيد الحياة إلى حزب الوفد، حيث بادر كثير من المشاهير ونجوم المجتمع إلى الانضمام إلى الحزب.
ورغم حداثة تجربة البرادعى السياسية فإن المقارنة التى لم يسع إليها هو أو البدوى حدثت، وتشير إلى أن الخلاف بين المشروع الذى يمثله كل منهما ينحصر فى إطار الفارق بين فكرة التغيير من داخل مؤسسات النظام والتغيير من خارج المؤسسة وهو خلاف سابق على وصول الرجلين إلى منصبهما، ويمكن القول إنه بدأ منذ تأسيس حركة كفاية عام 2004 وباقى الحركات الاحتجاجية فيما بعد والتى أطلقت فكرة التغيير من خارج المؤسسة فى مواجهة الأحزاب التقليدية التى هى جزء من مؤسسات النظام تدعو للتغيير، واللافت أن خلال السنوات الماضية كانت فكرة التغيير من الخارج تحظى دائما بقبول على المستوى الشعبى والجماهيرى، ونظرا لأن البرادعى هو امتداد للحركة الاحتجاجية حظى بشعبية وجماهيرية بدأت قوية وأخذت تقل بشكل تدريجى بمجرد حدوث خلافات قوية بين أعضاء الجمعية الوطنية للتغيير. ولكن السيد البدوى رغم أنه من المؤسسة الحزبية فإنه للمرة الأولى يخطف الأضواء من مشروع الحركات الاحتجاجية.
التحليلات تذهب إلى أن الخلاف بين البرادعى والبدوى فى آليات العمل، فالبدوى بدوره يسعى إلى تدعيم فكرة المؤسسية داخل الوفد وكانت التعديلات التى أدخلها على اللائحة الداخلية للحزب والتى تحد من هيمنة رئيس الحزب وتقر مبدأ العودة إلى الجمعية العمومية خير دليل على ذلك. أما مشروع البرادعى فى المقابل فإنه تمحور حول شخص الرجل والهالة التى أحاطت به منذ وصوله إلى مصر، ولذلك فإن البيان الذى أصدره وتضمن 7 نقاط سبق أن طالبت بها القوى السياسية المصرية لسنوات طويلة تم اعتباره بيانا تأسيسيا للجمعية الوطنية للتغيير التى بدأت فى جمع توقيعات من المواطنين حوله بوصفه بيان البرادعى، ومن ثم أصبحت الجمعية تستمد شرعيتها الشعبية من البرادعى وأثناء فترات غيابه الطويلة تصبح عارية من الشرعية الشعبية.
وفى ملف إدارة الخلافات الداخلية كان البدوى أكثر حنكة من البرادعى فعندما أثارت تعديلات اللائحة خلافا بين جبهته وبين جبهة رئيس الحزب السابق محمود أباظة، استطاع الرجل أن يصل بالخلاف بين الطرفين إلى نقطة وسط وحتى الخطأ الذى وقع فيه عندما شن هجوما عنيفا ضد خصومه فى بيان أصدره ونشر بصحيفة الحزب الرسمية تداركه سريعا بعناق حميمى مع محمد سرحان عقب اجتماع الهيئة العليا.
أما البرادعى فكان غائبا عن الخلافات داخل الجمعية الوطنية للتغيير والتى بدا أنها ورثت كل أمراض الحركات الاحتجاجية حتى عصفت باستقرارها، وقدم حسن نافعة استقالته منها ثم عاد مرة أخرى قبل أن يستبدل بالدكتور عبد الجليل مصطفى كمنسق عام للجمعية الوطنية للتغيير وفى هذه الأثناء كان البرادعى مترفعا عن التدخل.
الفخ الأخطر الذى وقع فيه البرادعى وتجنبه البدوى كان العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين بحيث أصبح لدى النخبة السياسية فى مصر اعتقاد بأن الجماعة ابتلعت البرادعى والجمعية الوطنية للتغيير فور إعلانها عن تدشين موقع إلكترونى خاص بها لجمع التوقيعات على بيان الجمعية.
البدوى كان أذكى فى تعامله مع الإخوان واستند إلى قاعدة الندية حتى لو كان الوزن النسبى للجماعة أكبر من الوفد الآن فانتظر أن يأتى المرشد إلى مقر الحزب أولا لتهنئته برئاسة الوفد ثم رد بزيارة مماثلة إلى مقر مكتب الإرشاد وبعدها قطع الطريق على التكهنات التى ذهبت إلى إمكانية إبرام صفقة انتخابية بين الطرفين بتصريحات أكد فيها أنه سينافس الإخوان فى الانتخابات ولا يوجد لديه أى استعداد لإخلاء دائرة واحدة لمرشح إخوانى.
وكان لافتا أن البدوى حرص عقب الانتهاء من زيارة مكتب الإرشاد أن يذهب مباشرة إلى مقر حزب التجمع «بيت اليسار» ولقاء رفعت السعيد أهم خصوم الإخوان فكريا وسياسيا.
وفيما يبدو ظاهرا أن البدوى تمكن من اجتذاب مجموعة من الشخصيات العامة المعروفة لدى غالبية الشعب إلى عضوية الوفد وهو ما اعتبره مراقبون تأسيسا جديدا للوفد نظرا لدلالته الرمزية، أما الجمعية الوطنية للتغيير فلم تجذب إلى عضويتها شخصية جديدة تختلف عن ذات الوجوه التى سبق أن شاركت فى تأسيس كل الحركات الاحتجاجية قبل وصول البرادعى إلى مصر.
وإن كان البرادعى والبدوى وقفا على طرفى النقيض فى الموقف من المشاركة فى انتخابات مجلس الشعب فإن البدوى تحلل من أى حرج سياسى بالعودة إلى المؤسسة عندما دعا الجمعية العمومية وهى أعلى سلطة داخل الحزب للتصويت على القرار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة