قال إنه انساق خلف برامج الفضائح التى لا تناسب منهج إعلام الدولة..

الدكتور صفوت العالم: التليفزيون لا يملك قدرة جيدة للتسويق.. وشعار "المصرى والحصرى" تسبب فى تكدس المسلسلات

الخميس، 07 أكتوبر 2010 01:27 م
الدكتور صفوت العالم: التليفزيون لا يملك قدرة جيدة للتسويق.. وشعار "المصرى والحصرى" تسبب فى تكدس المسلسلات د.صفوت العالم
حوار ريمون فرنسيس ـ تصوير ماهر اسكندر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يعرف فى الوسط الإعلامى بمواقفه الصادمة والكبيرة فى مواجهة الظواهر الإعلامية الفاسدة أبرزها موقفه من وثيقة وقوانين تنظيم البث، الدكتور صفوت العالم الخبير الإعلامى الكبير فى حواره لليوم السابع يرد على تساؤلات كثيرة..

ما رأيك فى إنفاق أكثر من 500 مليون جنيه على المسلسلات والبرامج؟
لا أجد مشكلة فى حجم الإنفاق ولكن يجب أن تتوفر عدة شروط، فإذا كان هذا الإنفاق يعادله عائد إعلانى متميز وحجم مشاهدة كبير، فمن الممكن تعويض هذه التكلفة، ولكن إذا كان هذا الإنفاق دون أى نتيجة بالتأكيد هناك خطأ فى هياكل الإنتاج، هذا بسبب الاحتفاء المبالغ فيه بالقادمين من الخارج، فهناك برامج يحصل فيها المذيع على 20 ألفاً، بينما مذيع مبنى التليفزيون يحصل على 200 جنيه فى الحلقة.

فى رأيك.. ما سبب تراجع الإقبال الإعلانى؟
من الأخطاء الفادحة فى إدارة اقتصاديات التشغيل فى ماسبيرو الاعتماد على وكالة صوت القاهرة، وهى وكالة ناشئة خبراتها محدودة لا تتناسب مع حجم ومكانة التلفزيون المصرى، والقائمون عليها ليس لديهم أى خبرة، ومازالوا يعتمدون فى جلب الإعلانات على إرسال الجوابات والاعلانات تأتى بالتسويق، فضلاً عن أن معظم هذه الإعلانات تأتى بحكم أنها أصلا تعرض على التليفزيون المصرى.

رغم عرض التليفزيون 36 مسلسلاً إلا أن معظمها لم تحقق أى علاقة مع الجمهور؟
لأنه لا توجد قدرة جيدة على الترويج للمسلسلات، فكل قناة فى التليفزيون كانت تروج لمسلسلها "على مزاجها"، وكل قناة تعلن عن أوقات عرض المسلسل على شاشتها فقط، بينما المفترض أن كل قناة تعلن عن مواعيد عرض المسلسل على شاشتها وباقى شاشات التليفزيون لكى يكون هناك عدة اختيارات للمشاهد، لأن أسهل شىء عنده أن يذهب إلى قناة أخرى، وكذلك الترويج للقنوات نفسها فلم يكن هناك ترويج جيد لقنوات الدراما 1 و2 و1+2 و2+2، حتى إن معظم المشاهدين عرفوا بها بالصدفة.

وفى رأيك لماذا لم تحقق هذه المسلسلات أى نجاح يذكر حتى على مستوى المشاهدة؟
تحت شعار مصرى وحصرى حدثت حالة من التكدس والتشبع وإغراق الشاشة بالمسلسلات، وهو ما حرق فكرة العرض الأول، فالعرض الحصرى لابد أن يحصل على نصيبه من الإعلانات والدعاية الكافية قبلها بثلاثة أشهر على الأقل، والعرض الأول يجب أن تتوفر له قيمة أن يجلب مشاهدين ومعلنين على السواء وذلك بالإعلان الجيد عنه، ولكن ما حدث أن التليفزيون قدم عرض أول ببذخ وتكرار دون انفراد وهو بهذا قام بعمل دعاية للفضائيات الأخرى التى تعرض نفس المسلسل، لأن المواطن لا يعلم بمواعيد المسلسلات فيلجأ إلى قناة أخرى.

وما سبب عدم نجاح برامج التليفزيون رغم ما أنفق عليها؟
البرامج ذات التكلفة العالية مخصصة لرؤساء القنوات، كما أن التليفزيون بدأ ينساق خلف برامج النميمة الاجتماعية والفضائح، وكذلك إعادة عرض فضائح قديمة وضيوف محفوظين للمشاهد وبرامج أخرى أعادت عرض القضايا، وهو أمر لا يهدف إلا لاستعادة مجد المذيع الذى يؤكد أنه مازال لديه القدرة على إثارة الفضائح، وأسلوب تخديرى يصلح للإلهاء بالفضائح لتغيير مسار النقاش العام، ولكنه لا يقنع الجمهور المستنير وهذا ليس منهجاً يصلح لتليفزيون الدولة.

وما سبب تدنى مستوى البرامج إلى هذا الحد؟
معظم المستفيدون من تورتة البرامج هم الصحفيون والفنانون المقربون من قيادات المبنى، واندهش حين أجد صحفياً لم يقف أمام الكاميرا فى حياته ولو مرة واحدة، ويريد أن يجرب حظه فى البرامج فيقدم برنامج 30 حلقة دون أن يأخذ أى وقفة لتقييم نفسه، وأيضاً يخصص لبرنامجه ميزانية كبيرة ومبالغ طائلة ولا نعلم على أى أساس تخصص هذه الميزانيات، والسؤال هل يمكن لتليفزيون الدولة أن يكون أداة لتجارب أصحاب القيادات بهذه الميزانيات الضخمة؟

فى رأيك ما سبب أن هذه البرامج لم تخلق أى علاقة مع المشاهد؟
من ناحية أخرى احتكار البرامج من إعداد وإنتاج وإخراج وتصميم تترات لأشخاص معينين جعل البرامج كلها تشبه بعضها، والمدهش أن رغم كل هذه الإمكانيات يتم الاستعانة بأشخاص من الخارج، التطوير يجب أن يكون له طبيعة كلية وله رؤية، هناك 30 لجنة فنية تجتمع فى ماسبيرو كل أسبوعين لمختلف أنواع البرامج تتضمن هذه اللجان فى عضويتها أساتذة جامعة، وأعضاء هذه اللجان من خبراء وموظفين فى ماسبيرو يحصلوا على مقابل مادى، إما الاستفادة بهذه اللجان أو إلغائها، لأنها بذلك ستكون إهدار للوقت والمجهود والفلوس والحقيقة أنها تحولت إلى مجرد مصدر للفلوس.

وما تأثير هذا على المشاهد المصرى؟
التشابه بين البرامج يخلق حالة من النمطية وعدم الخصوصية والملل للمشاهد، أضف إلى ذلك ضعف مستوى الإبداع، والواقع أن المناخ السائد فى ماسبيرو لا يشجع على الإبداع، وأصبح الإعداد يستسهل ويدعو نفس الضيوف من محترفى البرامج الذين لا يكلفون المعد أى مجهود، لأن الضيف حافظ كلمتين يقولهم فى كل البرامج.

لماذا لا يعد التليفزيون المصرى يعبر عن ذوق الناس؟
لأننا نحتاج إلى بارومتر دقيق لقياس اهتمامات المشاهدين، كما أن الإدارة العامة لبحوث المشاهدة بالتلفزيون تحتاج هى الأخرى إلى إعادة صياغة وهيكلة حتى تقوم ببعض البحوث الميدانية بأسس علمية دقيقة وسليمة وعينات مختلفة من الجمهور، وأرى أن نمطية هذه البحوث هى السبب فى استمرار برامج رغم عدم إرضائها لذوق الناس، كما أن بحوث المشاهدة هذه غير دقيقة ومن يقوم بها، هم بعض أقارب ومعارف القيادات فى ماسبيرو للاستفادة المالية فقط، واستمارات الرأى يتم فبركتها، لكن عندما يقوم بهذه الأبحاث متخصصين وعليهم رقابة تكون أكثر نزاهة

هل أصبح التليفزيون المصرى عاجزاً عن تسديد احتياجات المواطنين؟
هناك ثغرة كبيرة فى معالجة اهتمامات الناس خاصة من الجانب الإخبارى والمعلوماتى والتحليلى، خصوصاً أننا على وشك الانتخابات البرلمانية، وهذا الأسلوب فى المعالجة لا يمكن أن يصلح للمرحلة المقبلة ولم يعد هناك جدوى من التجميل أو المغالطات أو التعتيم على الحقائق حيث أصبح للمشاهد اختيارات عديدة بين قنوات أخرى، والعلاقة القوية بين المشاهد والتليفزيون المصرى تتحقق بداية من الجانب الخبرى.

ترى أن إعلام الدولة يقوم بدوره تجاه القضايا القومية؟
لا.. ونحتاج تفعيل جهاز الإعلام تجاه هذه القضايا، لأنها محور حياة المواطن مثل حماية المستهلك من تغيير السعر أو الجودة أو الوزن، وكذلك قضية الكهرباء والفواتير غير الدقيقة يجب تنبيه المواطن لسعر الكهرباء وكيفية التعامل مع الفواتير المبالغة وكذلك الخدمات الصحية والوعى السياسى والمشاركة السياسية، وكذلك قضايا الفتنة الطائفية، هل يعقل أن الجهاز الإعلامى للدولة يتعامل مع كل الاتجاهات السياسية باستثناء الوطنى أنهم عملاء وتصبح تيمة الإعلام ليس لرفع المشاركة السياسية بل الاهتمام بتلميع الحزب الوطنى.

وفى تقديرك.. لماذا غابت الرؤية القومية عن ماسبيرو؟
الإعلام يعكس حدود وطبيعة النظام السياسى، وإذا رجال الأعمال أصبحوا الوزراء وقيادات الحزب ورؤساء لجان البرلمان، فبالتالى أصبح الإعلام يرضى ذوق رجال الأعمال وأصحاب المقام الرفيع والمستوى الراقى وليس عامة الناس، وإذا لم يفلح إعلام الدولة فى تقديم الحلول المناسبة للمواطن سينصرف إلى قنوات أخرى، وهناك قضايا وطنية تضخمت بسبب تخلى الإعلام الرسمى عنها مثل الفتنة الطائفية وأزمة بدو سيناء والانتخابات، وفى ظنى أن وزارة الإعلام تستخدم القضايا استخداماً تكتيكياً.

ما النتائج المترتبة على غياب الحساب عن الإنفاق المبالغ فيه؟
نحتاج إلى رقابة جادة وجيدة لمراقبة الإنفاق من المال العام فى ماسبيرو، الذى أصبح فى حالة من غياب الرقابة وعدم المحاسبة والدقة، ولابد من وجود شفافية فى الإعلان عن عائدات الإعلانات وما يتم إنفاقه على الخدمات والمهرجانات والمناسبات وبرامج التكلفة العالية التى يحصل فيها المذيع على أجر 20 ألف جنيه، ولكن الأمر المؤسف أنه داخل مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون عندما تدار نقاشات حول تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات بشأن إهدار المال العام تقابل بالتسفيه وعدم التقدير والاستهزاء والاستخفاف، وفى الفترة الأخيرة لم نسمع أن معلناً تم عقابه على ما قدمه من معلومات مضللة، رغم أنه هناك حالات كثيرة، فإذا كان من السهل التضحية بصحة المواطن وسلامة غذائه، فلا يمكن التفكير فى محاسبة المختلسين والفاسدين هذا الأداء يفقد المشاهد الثقة فى إعلام الدولة.

ترى أن علاقة التليفزيون الرسمى بالمواطن انتهت وماذا نحتاج لإعادتها؟
المواطن مازال لديه حنين لاستعادة مشاهدة تليفزيون الدولة، خصوصا الجيل الذى وصل إلى عقده الخامس، أما الجيل الجديد فقد فقد هذا الانتماء ولو لم نهتم كإعلام دولة باستعادة المشاهد أخشى أن نفقد الجيلين معاً، لأن الإعلام يقدم أجندة اهتمام من يحكمونا أكثر من أجندة اهتمامات الناس، والعلاج يبدأ من تقديم معالجات متوازنة للشأن السياسى، وإخضاع برامج التكلفة للتقييم والاختبار، وكذلك الاستفادة من كل الكوادر الفنية الموجودة بالمبنى وتأهيلها بشكل دائم ومستمر، واتخاذ القرار وفقاً لقواعد الشفافية.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة