إنها طبقة ظهرت فى مصر بعد إعلان نظام الاقتصاد الحر وإنهاء تبعية الدولة وسحب يدها عن معظم ما يخص مؤسسات هذا الشعب، وبدء تطبيق نظام الخصخصة لتدار المؤسسات برجال أعمال، فأصبح الاستثمار هو الكلمة التى تتشدق بها كل حكوماتنا فى الآونة الأخيرة إنماء وتشجيع الاستثمار، وكان الهدف المنشود هو خلق فرص عمل وفتح آفاق الفرص أمام الشباب وزيادة الإنتاج ليصبح مصير الشعب متعلقا بهؤلاء الرجال من نمو اقتصادى ورخاء وسيولة وتنشيط للسوق المصرية.
فمنهم من عمل فى الإنشاء والتعمير ومنهم من عمل فى مجال الأسمنت ومنهم من عمل فى مواد تحضيرية للإنشاء والتعمير.
فأصبحت الحكومات المتعاقبة تعمل فى تسهيل مهمة هؤلاء الرجال حتى أصبحت البنوك والحكومة وكل أجهزة الدولة لا يهمها سوى هؤلاء تحاكى فى ذلك الدول الكبرى التى يعمل رجال الأعمال فيها بصورة ملموسة وتنهض دولهم على يديهم وقد يصل هذا الرجل إلى كرسى الحكم بالانتخاب الذى تغلفه الشفافية والنزاهة ويستمر ويعمل من أجل وطنه مثل بيرلسكونى فى إيطاليا مثلا.
ولكن فى مصر تختلف طبقة رجال الأعمال كثيرا عن رجال الأعمال فى أى دولة أخرى، ففى مصر يحصلوا على مقدرات الوطن دون حسيب وبأبخس الأثمان وتساعدهم الدولة وتؤيدهم وتحميهم على حساب المواطنين العاديين وهم يحصلون على أراضيه ويبنون عليها المنتجعات والقصور الفارهة، التى تباع بالملايين ويحاسبون ضريبيا كأى مواطن عادى وبنفس النسبة التى تخصم من مرتب موظف لا يتعدى ثلاثمائة جنيه أى أن الدولة تفرش طريقهم بالورود.
وليأت السؤال ماذا قدم رجال أعمال مصر لأبناء هذا الوطن الذى فرش طريقهم بالورود للاستحواذ على معظم مقدراته بشبه منح بلا مقابل وماذا جنى المواطن العادى منهم قد يجيبنى أحد ويقول إيجاد فرص عمل لا رد، وأقول كم فرد استفاد من فرص العمل بالقياس إلى ما حصلوا عليه وإيجاد فرص العمل ليس عطاء من رجل الأعمال لأنه ليس من المعقول أن يعمل وحده دون حاجة إلى أيدى عاملة إذاً فهو المستفيد الأكبر من الأيدى العاملة وفى احتياج أكثر له فى إنجاز أعماله ونخرج من هنا، إن فرص العمل ليست منحة من رجل الأعمال فما الفائدة إذن الضرائب؟ شىء عادى فهو يدفعها كأبسط مواطن فى الدولة موظفا أو غيره ولنأت لمثل محورى ونموذج لرجل أعمال فى دولة من الدول يدفع ضرائب ويشغل أيدى عاملة ولا يمن على دولته بأنه يشغلهم ويساهم فى القضاء على البطالة ليبين لهم أنه عضو مثمر فى المجتمع بل إنه يقدم الخدمات وله أنشطة فى القضاء على الفقر ومحاولة محاصرة المرض ليس فى وطنه فقط ولكن فى كل أنحاء العالم ويشغله الفقر والبؤس الذى يعيشه أطفال العالم ويساهم بجهده فى شتى أنواع الأعمال الخيرية لم تلهه ثروته أو تزين له أن تجن جنونه الثروة الخيالية ليصاب بهيستيريا العنجهية والزهوة الكدابة ليصرف أمواله على التفاهات ويملأ اسمه ويلمع فى عالم النزوات إنه بيل جيتس.
بيل جيتس صاحب شركة مايكروسوفت لبرمجيات الكمبيوتر أغنى أغنياء العالم والذى يطلق عليه الملاك الأزرق لأنه كما هو قمة فى الثراء فهو أيضا قمة فى التواضع، إنه الأشهر فى العالم ومع ذلك يشغل تفكيره ويسيطر عليه الإحساس بالفقير فى كل أرجاء المعمورة وليست أمريكا فقط لما سمى الملاك الأزرق؟ لأن بيل جيتس يرتدى دائما الملابس البسيطة ويفضل دائما اللون الأزرق ومشتقاته فتراه يسير فى الميادين مرتديا قميصا أزرق وبنطلون جينس بسيط لا يتفنن فى المبالغة فى ملبسه وحراسات خاصة ومواكب من السيارات.
إن ثروة بيل جيتس تخطت المائة وعشرين مليار جنيه ماذا فعل بيل جيتس لقد تبرع بثلثى ثروته من بعده للقضاء على الفقر والمرض فى العالم.
لقد أقام بيل جيتس الجمعيات الخيرية وصرف 20مليار جنيه وأنقذ حياة 5 مليون طفل فى أفريقيا من الموت وقال عندما قرر أن يتبرع بثلثى ثروته للفقراء إن ثلث ثروتى لأولادى من بعدى يكفوهم كثيرا ويوفرون لهم حياة كريمة أما الثلثان الآخران فهناك من فى حاجة إليهم أكثر بكثير مما يحتاجه أولادى هذا هو نموذج رجل الأعمال الحقيقى.
ولنأت مرة أخرى لرجال الأعمال لدينا الذين كانوا من الممكن أن يقدموا الكثير كأن يقوموا باستغلال أراضى مصر التى أخذوها ويقسموها إلى شقين شق للمنتجعات والقصور والفيلات الفارهة وشق آخر لبناء مساكن للشباب تليق بهم بمساحات معقولة وتقسط على أقساط طويلة الأجل وتكون مدن محترمة فهنا فى المنتجعات يكسبون، وفى مدن الشباب ينفقون جزء مما كسبوا ويربحون أيضا ولكن الربح مؤجل بعض الشىء.
فأعتقد أن هذا لن يفرق معهم كثيرا، يقومون ببناء المستشفيات فى مناطق وتخصصات قد نكون فى حاجة إليها.
يقومون بإصلاح أراضى الصحراء والمساهمة فى حل أزمات كأزمة القمح مثلا بدلا من أنهم إذا شرعوا فى الزراعة يزرعون أنواعا من البصل تستخدم فى صناعة الخمور وبدلا من إنتاج زهور وورود غالية الثمن لتصديرها فنحن فى حاجة إلى القمح ليس للورود والزهور والفراولة.
يقومون ببناء المدارس والجامعات والمساهمة فى تطوير البحث العلمى الذى تأخرنا فيه عن ركب التقدم.
هنا سيحبهم الشعب ويعشقهم ويحترمهم بدلا من أن يحنق عليهم لما يفعلوه من أعمال مستفزة بالصرف على الأبهة والمظاهر الكدابة هنا سيكون عندنا مئات بل ألوف من بيل جيتس.
سيعرف الشعب أن هناك من يعمل من أجلهم ويشعر بالآمهم ولن يشعر أنهم نهبوا ثرواته وقضوا على مقدراته من أجل نزواتهم وأفقروه وزادوه فقرا على فقره وجعلوا 80% من هذا الشعب حانقا على الحاضر ومرعوبا من المستقبل.
محمد الحفناوى يكتب: هذا نموذج رجل الأعمال الوطنى الذى نريده
الأربعاء، 06 أكتوبر 2010 10:36 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة