كنت أتمنى أن أواصل الحديث عن نظرية الـ"توك توك" لولا أن كيلو الطماطم وصل إلى الأسعار المتجاوزة، وتزامن ارتفاع أسعار الطماطم مع الارتفاع فى أسعار الذهب، ويعرف المصريون أن الطماطم مجنونة ترتفع أسعارها فجأة وتنخفض فجأة، لكن ما يسرى على الطماطم لا يسرى على غيرها، وما جرى فى القفزة الأخيرة للأسعار أن الطماطم ارتفع سعرها ومعها الكوسة رمز الصعود لدى المصريين والفاصوليا والبسلة ووصل سعر كيلو العدس الأصفر إلى 15 جنيهاً، وهى كارثة متواصلة من سنوات، لأن العدس كان هو الوجبة المتاحة للفقراء والموظفين.
وكان المصرى يؤكد لزميله "دا أنا أقضيها عدس" تأكيدا على أنه لا يهمه أن يأكل أرخص أكلة، الآن لا يمكن للمواطن المصرى أن يقضيها عدس ولا فول لأن أسعارهما تضاعفت ومعهما كل الخضراوات التى أصبحت أعلى من الفواكه.
وقد ودع كثيرون اللحوم منذ تجاوزت الأسعار المسموح بها "راتبيا" وتجاهلوا الفراخ، التى ارتفعت أسعارها بشكل كبير.
لم يعد للمواطن من ملاذ للأكل أو الشرب، ويمكن بالفعل أن يموت مواطن من الجوع، وهو أمر لم يكن واردا فى سجلات الحياة المصرية على اعتبار أن "ما حدش بيموت من الجوع"، اليوم ومع ذكرى الانتصار يمكن للإنسان أن يموت من الجوع ومن الأسعار وبلا دية تقريبا.
الغريب أن ارتفاع الأسعار لم يثر لدى الحكومة أى شعور بالدهشة، الحكومة، حكومة الدكتور نظيف، تعتبر نفسها من الحكومات غير المسبوقة ولهذا لا يقلقها ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخضر والفواكه، وخرج متحدث باسم الحكومة ليقول إن "الحكومة مالهاش دعوة بأسعار الطماطم والحكومة ليست مسئولة" والمتحدث صادق لأن حكومة الدكتور نظيف تشعر بالاطمئنان طالما المواطن معه موبايل وكارت شحن ساعتها لن يشعر بالجوع والعطش.
لكن الأجهزة الأمنية رفعت تقارير قالت للرئيس إن ارتفاعات غير مبررة فى الأسعار يمكن أن تسبب أزمة ساعتها استدعى الرئيس الحكومة وعنفها وأصدر تعليماته بأن تسعى الحكومة لمواجهة ارتفاع الأسعار، لكن طبعا الدكتور نظيف شرح نظرية العرض والطلب وخشيته من أن يكون التدخل فى الأسعار أحد عناصر تطفيش الاستثمار.
ولا نعرف ما هى خطورة أن يتم مواجهة الاحتكار أو التلاعب فى الأسعار بالاستثمار الأجنبى ثم إن العرض والطلب يعنى المنافسة والتجويد لكننا نرى أسواقا سوداء لكل السلع ثم إن العرض والطلب فى أوروبا لا يقود لهذه الفوضى التى تجتاحنا، فالمواطن الموظف أو العامل لا يحصل على راتبه بالعرض والطلب بل بالفرض والإذعان لكنه يطالب بأن يعيش فى العرض والطلب ثم إن الاحتكار فى السلع واضح ومتوافر.
ومن المفارقات أن الحكومة لم تبد أى إحساس بارتفاع الأسعار ربما لأن الحكومة لا تشترى أو لأنها تعيش فى كوكب ثان، لأنها تجاهلت أسعار الخضراوات والفاكهة والأرز والسكر وركزت اهتمامها فى نفى وجود الأزمة، ولما اهتم الرئيس اهتمت الحكومة ليقدم الجميع دليلا على أن النظام كله يسير بالتعليمات ولم تعد الطماطم فقط هى المجنونة.. بل كل السلع الضرورية، التى أصبحت مجنونة دون أن تكون طماطم.. والمواطن معها مجنون.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة