أقر وأنا فى كامل لياقتى الذهنية، وأقر وأنا فى كامل نظرتى المتفائلة للحياة واسألوا من يعرفونى شخصيا فأنا أرضى بنصف الكوب المليان وأقل منه بكثير، أقر وأنا أعلم أنى لا استطيع فعل شئ تجاه ذلك.
أقر بأنى لم أعد أحب مصر أكثر من ذلك وأقر بأن مصر أصبحت قبيحة إلى أقصى درجة ممكنة، الإنسان والنبات والحيوان والجماد كل أولئك فى مصر اتفقوا على سمة واحدة تجمعهم وهى القبح، القبح فى السلوك وفى الفعل.
لم تعد المشكلة فى نظام يحكم وحكومات متعاقبة فاشلة كل ما أنجزته فى ثلاثين عاما تنجزه حكومات دويلات صغيرة فى 5 سنوات، لم تعد المشكلة فى الفساد بكل أشكاله، المشكلة أصبحت فينا، فى أننا رضينا بالقليل أو لتقل رضينا بالعدم، فمتابعة سريعة وبمقارنة بسيطة بين الإنسان فى مصر والإنسان فى معظم بلاد الأرض ستكون مخزية بكل المقاييس.
من يمر ويشاهد ويسمع ما أشاهده يوميا فى طريقى ذهابا وعودة إلى العمل سيدرك أن القبح أصبح فى الإنسان وملامحه، قبل أن يكون فى الهواء وفى الطرقات وفى الأشجار وفى الجمادات وفى الـأفعال والتعاملات، تعلمت أن الإنسان هو من يصنع المكان وليس العكسوا، لأن أدرك تماما حقيقة ما تعلمته، فعلا نحن صنعنا أسوا مكان حاليا على سطح الأرض.
القبح صار نمطا لأمة بأكملها، وهذا ليس وليد اللحظة ولكنه تراكمات لسنوات طويلة، سنوات افتقدنا فيها إلى التخطيط، إلى الشلل وانعدام الحركة فى اتخاذ القرارات، تماما نحن نشبه السلحفاة وإذا كان هناك أبطأ من ذلك فنحن نشبهه.
يجتمع مسئولونا يضعون الخطط الخمسية وما فوقها، وتمر تلك السنوات ولم يتحقق سوى عشرة بالمائة مما تم تخطيطه سلفا وتأتى وزارة أخرى تهدم ما سبق وتبدأ من جديد، يجربون فينا وينهبون فينا وفى أعمارنا لصالحهم، وهكذا تستمر نفس الدائرة وتتكرر.
إذن ليس النظام ووزاراته هم السبب وحدهم، وأيضا لن يكون دعاة التغيير وحدهم قادرون على إيجاد الحلول وتطبيقها، المشكلة الكبيرة والخلل الأكبر فينا أنا وأنت، إننا أصبحنا ضعفاء لا حول لنا ولا قوة، جبناء سلبيون متبلدون لا نبالى، يفعل بنا دائما، ثم نبدأ فى التحرك كرد فعل ثم ما يلبث رد الفعل أن يهدأ ويموت، لا نبادر أبدا للفعل، دائما نقوم برد الفعل، شعب تعود أن يكون مسالما وديعا راضيا بالقليل أو راضيا بالعدم.
من يشاهد ويتابع ويعرف ما يحدث فى دول كثيرة فى العالم مثلنا ليست أفضل منا بكثير سيتألم على ما وصلنا إليه، مرضانا يتسولون فى حالة يرثى لها، وقس على ذلك وتذكر فى لحظات سريعة كل أنواع الذل والمهانة التى نقحم أنفسنا فيها بإرادتنا أو لتقل مسلوبى الإرادة.
نعم تعليم وإعلام وثقافة سيئة خلال السنوات الثلاثين الماضية تفعل أكثر من ذلك بالناس وتصل بهم إلى تلك الحالة من اللامبالاة وقتل روح الرفض والتمرد على الظلم، ولكن يبقى الناس هم من يتحمل الذنب الأكبر فى ما وصلوا إليه.
من لا يرى أن مصر أصبحت قبيحة لأقصى درجة ممكنة يكذب على نفسه وينافقها، ومن لا يرى أننا كأهل الكهف راقدون بين اليقظة والنوم لا نفعل فعل هؤلاء ولا هؤلاء أعمى البصيرة والبصر.
أقر بأننى لا أرغب فى أن أعيش فى مصر أكثر من ذلك على حالتها تلك طالما أننى لا أستطيع أن أغير ما حولى ولا أن أصل بنفسى قبل الناس لأفضل آلة ممكنة نستحقها وليست مستحيلة، طالما أنى وحدى لن أستطيع أن أغير لأن ما وصلنا إليه من قبح يحتاج إصلاحه إلى ثورة، ثورة فى النفوس والعقول والأخلاق ثورة سلاحها الوحيد والوحيد فقط العلم، علم بالدين وعلم بالدنيا والمزج بينهما.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة