م. محمود شعبان يكتب: لا للديمقراطية كمان وكمان

الإثنين، 04 أكتوبر 2010 05:42 م
 م. محمود شعبان يكتب: لا للديمقراطية كمان وكمان دولة الصين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحدثنا فى المقال السابق تحت عنوان "لا للديمقراطية" عن أن الانتصار الذى حققه الغرب لم يكن بسبب القيم والديمقراطية لكن كان بسبب التقدم الاقتصادى وأن النموذج الغربى لا يصلح تطبيقه لأى بلد فى العالم وأيضا قد لا يصلح التطبيق فى أى مرحلة من مراحل التنمية وذكرنا النموذج السوفيتى الذى تبناه جورباتشوف وحاول تطبيق الإصلاح السياسى قبل الاقتصادى وكان مصيره الفشل وعانى الشعب السوفيتى منه كثيرا، وعلى النقيض من ذلك النموذج الصينى والذى تبناه دينج إكسياوبنج وأعطى الأولوية للإصلاح الاقتصادى قبل السياسى فكانت النتائج مبهرة وسنتعرض بتفصيل أكثر لهذه السياسة والتى كانت محاورها الرئيسية كالآتى:
1-اقتصاد السوق الحرة ففى عام 1980 تم إطلاق برنامج التحديثات الأربعة (تحديث الزراعة، والصناعة، والعلوم والتكنولوجيا، والتحديث العسكرى) وقد لاحظ الرئيس الصينى النجاح الهائل الذى حققه الصينيون فى الخارج وانخفاض إنتاجهم فى الداخل، مما أكد شكوكه فى خطأ النموذج الماركسى اللينينى للإنتاج.
وقد شهدت الصين قفزة عظمى إلى الأمام بعد أن هجرت مبادئ ماوتسى تونج للتخطيط المركزى.
وتم اختيار قرية صينية صغيرة تسمى شنزن لتكون إحدى المناطق الاقتصادية الخاصة الأولى فقد ارتفع عدد السكان من 30 ألف نسمة إلى 11 مليونا فى الفترة من عام 1980 حتى 2005 وارتفع معدل النمو الاقتصادى إلى 28 % فى المتوسط وارتفع الناتج المحلى من 22 مليون دولار عام 1980 إلى 101 مليار دولار عام 2005 بما يمثل 13 % من إجمالى صادرات الصين واحتلت شنزن المرتبة الرابعة كأنشط ميناء للحاويات فى العالم. وحققت الصين معدل نمو حوالى 10% سنويا.
2- العلوم والتكنولوجيا فقد قامت الحكومة الصينية بمضاعفة نسبة استثماراتها فى البحوث إلى الناتج المحلى أكثر من مرة حيث ارتفع من 0.6% إلى 1.3% وقد ساعد ضخ هذه الأموال على تشجيع كثير من الباحثين الصينيين إلى العودة لبلادهم.
3- مبدأ الجدارة والاستحقاق عندما قام دينج بإطلاق ثورته الاقتصادية فقد كان الصينيون من جميع الطبقات الاجتماعية تملؤهم الرغبة والحافز للتقدم والتحرك للأمام وكان للجرأة فى إصلاح نظم الإدارة وأن يتم الترقى على أساس الكفاءة وليس التوصية أو الأقدمية الأثر الكبير فى تولى القيادات الأكفأ المناصب القيادية.
وتعلم الصينيون الدرس من الاتحاد السوفيتى بأن سيطرة كبار السن على المناصب العليا عادة ما يكون مدمرا لأنهم سيشكلون عقبة أمام التغيير وأمام تولى الشباب المناصب القيادية وباختصار فإن الحزب الشيوعى الصينى طبق مبدأ الجدارة بنفس الدرجة التى تطبقه بها جامعة هارفارد.
4- ثقافة السلام كان فى القرن التاسع عشر هدف الدولة الأساسى هو تعزيز قوتها وتوسيع نطاق نفوذها لكن فى القرن العشرين أثبتت ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية أن تعزيز القوة يتم من خلال تحسين الأوضاع الاقتصادية ورأت الصين مزايا النمو الاقتصادى وانعكس ذلك على ثقافة السلام ومما أكد ذلك هو تجربة الاتحاد السوفيتى الذى انهار لعدة أسباب منها التركيز على التنمية العسكرية بدلا من التنمية الاقتصادية.
5- حكم القانون بالنسبة للدول الغربية إنما هو لحماية المواطن من استبداد السلطات الحكومية وتتجه الصين لتطبيق حكم القانون ليس لأسباب أخلاقية ولكن لأسباب اقتصادية ويتم ترسيخ فكرة أن اتباع القانون يجب أن يكون أمرا طبيعيا كاتباع قواعد المرور وإلا فسوف يفشلون فى إقامة اقتصاد حديث وقوى، وأن يطبق القانون بالتساوى على جميع المواطنين كافة بما فى ذلك أعضاء الحزب الشيوعى الصينى.
6- التعليم: كان فى السابق يهاجر أبناء الصين للخارج لتلقى التعليم وهو ما يعرف بنزيف العقول أما الآن فيعرف بإثراء العقول حيث يعود الكثير لبلادهم بعد حصولهم على الدرجات العلمية العليا وكان من أثر الاهتمام بالتعليم أن كانت جامعة بكين من أفضل 25 جامعة على مستوى العالم وكان التركيز على نوعية التعليم اتباعا لمقولة إن التعليم لا يملأ دلوا ولكن يوقد نارا.

7- البراجماتية: وكان تعريف دينج اكسياوبنج للبراجماتية من خلال مقولته الشهيرة "لا يهم لون القط ما دام يصيد الفئران" وكان ذلك بهدف الابتعاد عن القيود الأيديولوجية الجامدة للشيوعية وقد عمل دينج للترويج للإصلاح الاقتصادى بعد زيارته لبانكوك وكوالالمبور وسنغافوره وتم الترويج لقبول الاستثمار الأجنبى وهذا لا يعنى ضياع الاستقلال السياسى.
مما سبق يتضح معنى عنوان المقال وهو لا لديمقراطية الغرب قبل الأخذ بمفاتيح الحداثة والتنمية الاقتصادية مسترشدا بتجربة الصين والاستفادة من أخطاء الآخرين مثل ما حدث للاتحاد السوفيتى.

ونعم لديمقراطية يسبقها تطور اقتصادى وزيادة الوعى وبناء مؤسسات قوية قادرة على حماية الاستقرار وأن يتم دعم آليات السوق الحربالعلم والتكنولوجيا والأخذ بمبدأ تكافؤ الفرص مع نشر ثقافة السلام فى ظل سيادة القانون وتطوير التعليم والمرونة فى الوسائل لتحقيق الأهداف.

وليست هذه المقالة إلا اجتهاد بقراءة التاريخ للتعرف على تجارب الآخرين للاستفادة من النماذج الناجحة وتفادى التجارب الفاشلة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة