سؤال لا يحتاج إلى تفكير طويل، "فالمصالح المصرية تكسب طبعاً"، لكن إذا عارضت هذه المصالح مصالح بلاد أخرى، فما هو الموقف؟، بلا شك أكرر المصالح المصرية، فأنا مع المصالح المصرية أينما تواجدت.
فقد اقتضت المصالح المصرية عقد إتفاق تسيير الرحلات الجوية المباشرة بين القاهرة وطهران فى الزيارة الأخيرة لنائب الرئيس الإيرانى حميد بقائى، والذى قام خلالها بالتوقيع على اتفاقية جوية مشتركة مع وزير الطيران المدنى السيد أحمد شفيق، أعلم أنها خطوة كبيرة، لكن مصر إن لم تكن ترى مصالح لها فى هذه الخطوة لما أقدمت على اتخاذها مع بلد علاقاتها السياسية بها شبه مقطوعة منذ أكثر من 30 عاماً، وهناك توتر شديد بينها سياسياً، إلا أننى أرى أن المصالح يجب أن تتخطى كل هذه الحدود والخلافات السياسية، لأنها تصب أولا فى صالح البلد.
فما مصالحنا إذاً من وراء تلك الاتفاقية؟، أو بعبارة أخرى، ما النفع الذى سيعود على مصر من جراء تلك الخطوة؟.. مصر لا تتخذ أية خطوة إلا وهى تعلم حجم المنافع التى ستعود عليها، ففتح خطوط جوية مباشرة بين مصر وإيران من شأنه إنعاش السياحة، خاصة أن الشعب الإيرانى شعب عاشق لمصر، رغم كل الخلافات السياسية بين الحكومتين إلا أن حب الأوطان والتعرف على الثقافات الأخرى لا يعرف الخلافات السياسية، أقولها بصدق، إن الشعب الإيرانى يعشق تراب مصر، وقال لى الكثير منهم "نحن نود رؤية الأهرامات المصرية أو نهر النيل من قريب ولو لدقيقة واحدة"، لدرجة أن هناك صديقة إيرانية كانت تريد منى أن أرسل لها حجرا صغيرا من الأحجار الملقاة عند الأهرامات لاشتياقها لرؤية مصر.. فضلاً عن زيارة أهل البيت التى يتبارك بها الإيرانيون، وزيارة قبر شاه إيران بمسجد الرفاعى.. إلخ، كلها من شأنها إنعاش حركة السياحة بشكل كبير، ولاسيما أن الشعب الإيرانى شعب ينفق ببذخ على سفره ورحلاته حسب ما قال القائم بالأعمال الإيرانى بمصر السيد مجتبى أمانى..
أما عن حركة التجارة بين البلدين، فتسير رحلات مباشرة بين مصر وطهران ستزيد بالتأكيد من حجم التبادل التجارى بين البلدين، وهو ما أكده الخبراء، ومن شأنه أيضاً نمو حجم الاستثمارت الإيرانية بمصر، وهو ما تحتاجه مصر بالتأكيد.
ورغم كل المنافع التى ستعود على مصر من جراء تلك الخطوة، إلا أنها تتعارض والمصالح الأمريكية، فالإدارة الأمريكية كانت تراقب عن كثب سفر النائب الإيرانى لمصر وتتابع نتائج الزيارة، بالطبع لقلقها من التقارب المصر الإيرانى.. فبمجرد أن انتشرت أخبار عقد الاتفاقية بين الجانبين المصرى والإيرانى إذا بالمتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماركر هونر يطالعنا بتصريحات بل "بأوامر تمليها الإدارة الأمريكية" على مصر بألا تعقد اتفاقيات جديدة مع إيران، وكأنها تريد أن تأمر مصر بإلغاء تلك الاتفاقية، وهو ما كان له صدى كبير لدى الخبراء والدبلوماسيين المصريين الذين رأوا أنه ليس من حق أمريكا التدخل فى العلاقة بين القاهرة وطهران، فلماذا إذاً أثار ذلك التقارب مخاوف الإدارة الأمريكية؟.. ببساطة ترى الإدارة الأمريكية تعارض لمصالحها فى ظل التقارب المصرى الإيرانى، حتى ولو رأت فى هذه الخطوة منافع لمصر، فهى ترى فيها تعارض لمصالحها أيضاً، وترى تقارباً بعد أكثر من 30 عاماً بين بلدين لطالما حلمت بأن يطول أمد التباعد والخلاف بينهما، ليس أمريكا وحدها، فإسرائيل أيضاً هى الأخرى لديها مخاوف من هذا التقارب.
ترى إسرائيل وأمريكا تعارضا لمصالحها فى ظل هذا التقارب، لأن مصر وإيران قوة لا يستهان بها فى المنطقة، وأمريكا تعلم جيداً النتائج التى ستؤول إليها المنطقة إذا ما اتحدت مصر وإيران بوجهها هى وحلفائها فى المنطقة، رغم أن هذا التقارب ليس سياسياً وهو ما أكد عليه السفير حسام زكى والمسئولون المصريون، إلا أنها تتخوف من أى تقارب يحدث بين البلدين.
أما من يتحدثون عن خطر تواجد إيرانيين فى مصر أو خطر هذا التقارب، فأنا أرى أنه يجب بالأحرى أن ننظر إلى مصالح بلدنا الحبيب مصر أولاً، ونجنب تلك الاحتمالات التى يبثها بيننا كل من يرى تعارض لمصالحه فى المنطقة فى ظل هذا التقارب، بالتأكيد هناك من يبث أفكاراً مسمومة بيننا عن هذا التقارب، لكن لنكن نحن الأذكياء ونوئد أى فتنة فى مهدها ولا ندع مجالا لنموها بيننا، ولننظر إلى مصالح مصر أولاً، فالمصالح المصرية فوق الجميع.
إسراء أحمد فؤاد تكتب: المصالح المصرية أم الأمريكية؟
الأحد، 31 أكتوبر 2010 05:21 م
احمد شفيق وزير الطيران