تخلت الطماطم عن جنونها، وعادت أسعارها إلى المعدل الطبيعى فى حدود ثلاثة جنيهات للكيلو، بعد أن أمضت أكثر من شهر وهى متربعة على عرش أسعار الخضروات، وتجاوزت حاجز عشرة جنيهات فى بعض الفترات.. وبحسب المسئولين فى الغرف التجارية فإن عودة الطماطم إلى قواعدها راجع إلى بدء حصاد العروة الشتوية، ووصول المحصول الجديد للأسواق، وليس بسبب تدخل حكومى لضبط الأسعار أو توفير الطماطم أو غيرها من السلع التى أصابها الجنون.
أزمة الطماطم غير المسبوقة التى عاشتها مصر تطرح العديد من الملاحظات التى ينبغى التوقف عندها وتحليلها:
1- مصر دولة زراعية أو هكذا كانت، وهى من الدول المصدرة للخضروات الطازجة إلى عدد غير قليل من الدول العربية والأوروبية، لكن أحدا لم يقل لنا هل أزمة الطمام راجعة إلى تفضيل المنتجين والمصدرين تصدير الخضروات على طرحها فى السوق المحلية؟.. وإذا كان هذا صحيحا فما دور الدولة فى هذه الأثناء خاصة أنه فى مواقف مماثلة حينما زادت أسعار الأرز صدر قرار بوقف تصديره للخارج؟
2- باستثناء تصريحات المسئولين وبعض المحافظين الذين وقفوا على النواصى لبيع الطماطم فى آخر أيام الأزمة "بثلاثة ونص وتعالى بص"، كان التدخل الحكومى خجولا، واكتفى بمحاولات تبريرها والبحث عن الأسباب دون محاولة جدية لتقديم الحلول، وهو ما يكشف ضعف الآداء الحكومى فى الأزمات الطارئة، وعدم القدرة على المواجهة أو وضع حلول سريعة لمواجهة الأزمات.
3- صحيح أن مصر تطبق اقتصاديات السوق الحرة، بما يعنى أن قواعد العرض والطلب هى التى تتحكم فى الأسعار، لكن حين ترتفع الأسعار بشكل غير مبرر تتدخل الحكومات لإعادة ضبط السوق، وإعادة الأسعار إلى طبيعتها، لأن الحكومات لا ترفع يدها، وإنما يقتصر دورها على الرقابة، لمنع الاحتكارات، والقضاء على الاستغلال، ومواجهة الفساد.. وهوما لم يحدث!
4- القول بإن أسعار الغذاء فى مصر تقترب من المعدلات العالمية للأسعار هو نوع من الضحك على الذقون، لأن الأسعار فى اى مكان فى العالم ترتبط بمتوسط الدخل، وليس بالأسعار العالمية، فليس معقولا أن يكون معاش الضمان الاجتماعى مائة جنيه فى الشهر للأسرة، بينما كيلو الطماطم بعشرة جنيهات، أى أن دخل الأسرة يساوى عشرة كيلو طماطم.
لكل هذه الأسباب يبدو أن الحكومة فشلت فى اختبار الطماطم، فهى لم تعرف الأسباب الحقيقية للزيادة غير المبررة، ولم تفلح فى التدخل لضبط الأسواق، وأخيرا تنفست الصعداء لعودة الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية دون أن يكون لها أى دخل بهذا التراجع لأنها اكتفت بالمشاهدة، ووقف مكتوفة الأيدى مثلنا تماما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة