المؤلف وصف المنطقة بأنها تعيش على صفيح ساخن

إيران ورقصة السرطان.. كتاب عن الخطر الفارسى

السبت، 30 أكتوبر 2010 10:38 م
إيران ورقصة السرطان.. كتاب عن الخطر الفارسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تنبأ الكاتب السعودى جميل الذيابى بنار جحيم جديدة تجتاح الشعب الإيرانى، بتأثير نوازع الرئيس نجاد العدوانية المتراكمة عن "تدثره المستمر بعباءة الخمينى".

جاء ذلك فى كتابه "إيران ورقصة السرطان" الصادر أخيراً عن دار العبيكان للنشر والتوزيع فى العاصمة السعودية الرياض، وضم 54 مقالة كتبها فى الشأن الإيرانى، فيما وصفه بأنه لا ينتمى إلى الأمانى العدوانية أو إلى ما يسمى بـ"نبوءات فرحة أو راقصة طرباً بسقوط إيران"، مؤكداً أنه عندما تصدى لهذا الموضوع بالتأمل والدرس بضع سنوات فهو إنما يتحدث "عن واقع خطر يجب على هذه الدولة (إيران) أن تعيه حتى تتفادى الصدام مع العالم".

وفى لهجة حرص المؤلف على أن تكون خالية من الاستعراض الفكرى شدّد الذيابى على أنه لا يحاول أن يقدم كتابه على أنه من أمهات الكتب المعصومة، مبيناً أنه "مجموعة من المقالات التى قرأها كثيرون، منهم من قدح ومنهم من مدح، ومنهم من أعرض عنها بعيداً وذهب بلا صوت، جمعتُ أشلاءها فخرج شملها بهذا الشكل الفنتازى".

ويستطرد الذيابى فى وصف الرؤية التى انطلقت منها تلك المقالات بأنها "قراءات تتوشّح بروح واقعية.. وقبلها المسئولية، فى عصر جثمت فيه «العولمة» على ثقافة وقلوب شعوب المنطقة، فأصبح العالم أصغر من قرية صغيرة يتصارع داخلها سكان حفاة، حتى تحولت طرود الورود إلى ألغام لا عطر، وتحولت حدائق خضراء إلى ساحات حرب دموية حمراء".
الجرأة لا تنقص طرح الذيابى الذى يخترق حجب الغيب ليخرج بنبوءة سياسية ما زال كثيرون من المهتمين بالشأن السياسى للمنطقة يتهيبون الإفصاح عنها، وإن كانت الأعين تصطادهم بين حين وآخر، وهم يضعون أياديهم على قلوبهم، هذه النبوءة تلخصها مقولة المؤلف فى مقدمته: "حدسى ينبئنى بأن هذا الرجل المتدثر بعباءة الخمينى سيقود الشعب الإيرانى إلى جحيم جديد، إذ إن الخلفية الأيديولوجية للرجل والتفافه الشديد على التيار الدينى المتشدد يمنح ذلك المؤشر الأولى".


وعبر عرض تاريخى سريع يعود بنا الذيابى إلى ماضى الإمبراطوريات الفارسية، ليحاول من خلاله قراءة ما يجرى فى الراهن المحير، ليخرج بنتيجة مفادها أن "ما لم تلحظه الدراسات التاريخية إلا نادراً، وهو ما تركز عليه هذه المقالات هو أن الحضارات الفارسية المتكررة كانت على امتداد التاريخ أسهل الحضارات سقوطاً واضمحلالاً، على عكس الحضارة الرومانية «ذات القرون» كما جاء فى حديث نبوي، التى لم تضعف فى جهة إلا واستأنفت حضورها ووجودها فى جهة أخرى. وهذا التصور لا يمكن فهمه إلا عندما نؤسس نظرية «الحضارة الفارسية» على أساس «قومي» لا «جغرافى»، أى على أساس «فارس» لا على أساس «بلاد فارس»".

ويتابع المؤلف، "لهذا السبب يرى ندرة من الباحثين أن حضارة فارس سهلة البناء، وهشة بحال يسهل معها سقوطُها دائماً، فمثال ذلك واضح فى ثلاث مراحل تاريخية شهيرة: مرحلة الدولة الإخمينية التى أسقطتها عنجهية داريوس أمام الإسكندر، ومرحلة الدولة الكسروية التى أسقطتها عنجهية أنوشروان أمام جيوش الفتح الإسلامى، ومرحلة الصفوية التى تأسست وأسقطتها عنجهيتها أمام العثمانى سليم الثالث، فمقارنة بجميع الحضارات التى يعتبر اكتمالها وصعودها إرهاصاً لتسيدها التاريخى حقباً من الزمن، تتميز الحضارة الفارسية عبر التاريخ بأن اكتمالها وصعودها يعد أمارة على سقوطها القريب والمفاجئ، وذلك نتيجة لرؤيتها النرجسية لإمكاناتها وغطرستها السياسية، التى تعتبر مواجهة العالم لها، خطراً على العالم نفسه، وليس خطراً عليها".

بعد ذلك يدخل بنا الكاتب إلى جولة واحدة مطولة من المقالات على مدى 170 صفحة، لنجد أننا نخوض فى عالم المقالات التى تنتمى إلى فترة ما قبل افتتاح مفاعل بوشهر النووى فى إيران بمساعدة روسيّة (بطبيعة الحال)، والذى يعد افتتاحه مرحلة فارقة فى تاريخ إيران وعلاقاتها بالدول المجاورة والعالم العربى.

ونجد أن هذه الكتابة المتتابعة عبر سنوات عدّة تظل ممسكة بزمام الأحداث، متحدثة بخط أفقى مقتنع أشد قناعة برؤيته المستقبلية لخطورة الموقف، واصفة الرئيس نجاد بأنه حامل عود الثقاب، الزاحف الإيرانى تجاه الخليج، وهى المنطلقات التى تفسر عدم الموافقة على الثنائية المتضادة، التى من شأنها – بحسب المؤلف - أن تجعل إيران وريثاً لإسرائيل، ومن هنا يعلنها بصوت مدوّ: "لا نبحث عن وريث لإسرائيل".

بيد أن المؤلف يعود ليقطع الطريق على أية قراءة من شأنها أن تعد انتقاده للسياسية الإيرانية منتقدة لذاتها وليس من أجل خطورتها على نفسها وعلى المنطقة، فيقول فى مقال بعنوان: "نحن وإيران": "لا نختلف مثلاً مع سعى إيران وسخائها المالى لكى تنقذ نفسها وتبطئ معركتها المقبلة مع الولايات المتحدة، لكن ليس على حساب تهديد جيرانها وتفجير عراقنا ولبناننا داخلياً". كما يعترض على الرؤية التى تقتضيها النظرية الثنائية الأخرى التى "تطبل" لها "البروباجاندا" الإيرانية من أن "كل من يعادى إيران فهو حليف أميركي"، فيقول: "نعلم أن واشنطن ليست الأم الحنون، كما أن إيران ليست الأب البار، فالكل يبحث عمّا يخدم مصالحه وأهدافه واستراتيجياته". وتأكيداً لهذه القاعدة التى تدور حول الهدف السلمى المعلن فى توطئة الكتاب يعود الذيابى ليؤكد فى مقال بعنوان: "حتى لا يبح صوت العقل" أن رؤيته لا تميل قطعاً إلى تأجيج المنطقة، وإنما ينادى إلى إحلال صوت العقل ونبذ الفتنة الطائفية التى تحاول إيران بثها فى المنطقة بشتى الوسائل.

وعلى رغم أن نبوءة "رقصة السرطان" ترمى إيران بـ"التسرطن" نتيجة لقراءة سياسية فاحصة لـ"عنادها للعالم ونزوعها الفارسى نحو العدوان"، فإن رسالة الكتاب وكما يؤكده المؤلف حرفياً تقول: "إننا فى هذه المقالات لا نصدر نبوءات فرحة أو راقصة طرباً بسقوط إيران، بل نتحدث عن واقع خطر يجب على هذه الدولة أن تعيه حتى تتفادى الصدام مع العالم والقولبة الجديدة والأنظمة المتجددة".

ومن أجل الخلاص من "لعنة السرطان" يقدم الذيابى حلولاً سياسية جذرية لإنقاذ إيران والولوج بها من "بوابة الخلاص"، بقوله، " يتلخص التهديد فى نهاية فارس متعلقاً بالغطرسة الفارسية نفسها، القائمة على «الشهوة القومية التوسعية المدعومة بالأسطورة الدينية»

ومن خلال مقالات هذا الكتاب سيلحظ القارئ أن العقول الفارسية الواعية لهذا الخطر بدأت تظهر رغبة حقيقية فى الانفتاح والإصلاح، يقيناً منهم بأن ذلك لن يتم إلا بتفتيت عنصرين مهمين هما ،المثيولوجيا الإثنا عشرية، وتغيير تطلعات المجتمع الفارسى من فكرة السيطرة والاستحواذ إلى فكرة الشراكة والاندماج الحقيقى.

ولن يتم ذلك فى نظر المؤلف إلا بتحويل الاهتمام والمناصرة الشعبية التى يحظى بها المحافظون إلى الإصلاحيين".

وإذا كانت ثمة نهاية صالحة لتكون نهاية لكتاب "رقصة السرطان" مختارة من جسد الكتاب نفسه فإنها يجب أن تكون هذه العبارة المختارة،"لقد انتهى «عالم الأقطاب المتعددة»، ولا مكان لظهور «قطب جديد» فى الشرق الأوسط أو فى أى مكان من العالم، وإنما المجال مفتوح للانخراط فى «النظام العالمى الجديد». وهذا هو الشيء الوحيد الذى يمكنه إنقاذ «إيران» من سرطانها البطىء".






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة