أسامة سرايا ينتقد السياسات السورية تجاه مصر ويحذر من الخطر الإيرانى على المنطقة العربية ويكتب: عفواً‏..‏ الرئيس بشار

الجمعة، 29 أكتوبر 2010 02:28 م
أسامة سرايا ينتقد السياسات السورية تجاه مصر ويحذر من الخطر الإيرانى على المنطقة العربية ويكتب: عفواً‏..‏ الرئيس بشار الرئيس السورى بشار الأسد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلا عن الأهرام

أثار الكاتب الصحفى أسامة سرايا فى مقاله اليوم، الجمعة، قضية التصعيد من الجانب السورى تجاه مصر من خلال التصريحات الصحفية الأخيرة للرئيس بشار الأسد والتحذير من الدور الإيرانى فى إفساد العلاقات بين الأشقاء العرب.. ولأهمية القضية واستقراء الخطوط العريضة لملامح العلاقة بين الدولتين فى المرحلة المقبلة ننشر نص المقال..

الرئيس بشار الأسد‏..‏ مثل كل التصريحات السورية يريد أن يجمع بين متناقضين لا اتفاق بينهما ولن يكون‏، إيران بسياساتها الراهنة فى المنطقة‏، والمصالح العربية كما يفهمها أبسط السياسيين‏، وإذا كان الرئيس السورى مقتنعا بأنه يمكن لسوريا أن تجمع بين هذين المتناقضين، فإن التسويق الإعلامى لتلك القناعات السورية فى المحيط العربى أمر لا يمكن قبوله أو التغاضى عنه‏.‏ فقد نقبل الاختلاف فى الآراء مهما تكن، ولكن حينما تتحول إلى سلوكيات وتحركات وبرامج، تعمل سوريا مع إيران على تنفيذها على حساب مصالح الشعوب وأمن الدول العربية، فهذا واقع جديد، يتطلب تحركات مختلفة لا تتعامل بمثل التسامح فى اختلاف الآراء‏.‏

لست هنا فى مجال الرد على حديث الرئيس بشار الأسد، ولكنه فقط توضيح وبيان أصبح ضرورة من أجل حماية المصالح العربية العليا التى تتعرض للخطر من إيران وسوريا، ومن محاولة تسويق سياساتهما والعبور فوق التناقضات الحقيقية القائمة‏.‏

الرئيس بشار يرى فى زيارة نجاد إلى بيروت تدشينا لولادة الشرق الأوسط الجديد، كما يراه أو يأمله، أو كما عمل من أجله فى السنوات الأخيرة، ويريد أن يعطى إيران راية القيادة لشرق أوسط جديد‏.‏ ونحن نرى ما حدث فى بيروت محاولة مستميتة من الإيرانيين للوجود فى قلب المنطقة العربية باستخدام قضاياها الأصلية بل مصالحها الاستراتيجية وأمنها القومى لمصلحة الملف النووى الإيرانى، أو باستخدام عنيف وعابث لورقة المقاومة، أو استخدام حزب الله لقمع شركاء الوطن، أو الاستخدام الأسوأ لملف الأقليات والصراعات الدينية بل الطائفية، وتحديدا السنى والشيعى، وهو ملف يخشى منه أن يأتى على ما تبقى للمنطقة من الاستقرار‏.‏

الرئيس الأسد فى حديثه المثير للجدل والأقاويل يرى أن الدور الإيرانى فى المنطقة مثل الدور التركى، وليس هناك خلاف بينهما‏.‏ وهذا حقيقى فى جانب، وخطأ فى جانب آخر، فى الجانب الأول‏:‏ الأتراك لهم مصالح نعترف بها، ولكن تلك المصالح لا تناقض المصالح العربية، ولا تعرض أمن العرب للخطر والتقسيم الطائفى‏..‏ وفى العراق يساعدون على وحدة الوطن وعدم انقسامه طائفيا، والمشكلة الكردية نموذج‏.‏ وهم فى المشكلة الفلسطينية لم يعملوا على تجنيد ميليشيات عسكرية يستخدمونها من حين لآخر لتحقيق مصالحهم، كما يحدث من إيران مع حزب الله فى لبنان أو حماس فى فلسطين‏.‏

إما إيران فقد استطاعت التمركز فى لبنان باستخدام الطائفة الشيعية وحزب الله، والصوت يعلو الآن بالتهديد للطوائف الأخرى، إما أن تكونوا معنا أو البديل الآخر معلوم ومعروف، وليس‏7‏ آيار مايو ببعيد، ‏كما حاول الرئيس السورى تبسيطه بأنه كان تعبيرا عن حقائق على الأرض ترجمها حزب الله، وهددنا بأنه من الممكن أن تتكرر، ويجب على الجميع أن يعترف بها أو تتم تصفيته‏..‏ ومع ذلك فإن إيران لا يمكن أن تختزل تاريخ لبنان وشعبه ونضاله فى حزب الله مهما يبلغ تسليحه، وتبلغ قدرته على إرهاب شركاء الوطن‏.‏
وتعرف إيران قبل غيرها أن أسلحة حزب الله لم تعد موجهة إلى إسرائيل بل هى لتهديد اللبنانيين ووحدة بلادهم‏.‏

هذه التناقضات التى جاء بها الرئيس السورى تجعلنا نتوجس خوفا منه، وليس من إيران وحدها‏.‏ فلقد أوهمنا الرئيس بشار أنه مع المقاومة، وهذا خط أحمر لا يتخلى عنه فى سياسته‏.‏ ولكننا نعرف جيدا أنه عمليا ليس مع المقاومة، وإلا كانت المقاومة فى الجولان لاسترداد الأرض وتحرير ما تبقى من التراب السورى أولى بجهوده ومساعيه‏.‏ ولكن إذا كانت المقاومة لحساب إيران، فيبدو أنه معها، لمصلحة ألاعيب سياسية إقليمية، تتغذى على القضايا القومية العربية مثلما يتم استخدام قضايا العرب وهمومهم عبر التاريخ لمصلحة الاستئثار بالسلطة أو لمصلحة أهداف أخرى غائبة، بينما تتأخر الحلول وقضايا العرب‏.‏

ذكرنا الرئيس السورى بشار الأسد أن أمريكا هى صانعة التوتر والفوضى فى الشرق الأوسط، وهذا صحيح تماما، ولكنه لم يتكلم مثلما شرح وحلل أن إيران هى الأخرى كانت شريكا لأمريكا فى احتلال العراق‏.‏ وأنها الأخرى صانعة الفوضى وتقود ميليشيات لضرب وقتل العراقيين بلا رحمة أو سند من قانون أو حتى مصلحة، بل للقتل والثأر التاريخى وحده‏.‏

نحن نعرف الآن تاريخا لخروج القوات الأمريكية من العراق، ولا نعرف تاريخا لخروج القوات الإيرانية من لبنان أو تاريخا لمنع تدخل الميليشيات المسلحة إيرانيا لقتل العراقيين وتدمير عروبتهم‏.‏

أما ما ذكره الرئيس السورى عن علاقات مصر بسوريا بأنه لايريد شيئا من مصر، فإن مصر تريد الكثير من سوريا الأرض والشعب والتاريخ‏..‏ سوريا التى كانت دوما سندا لمصر فى صد العدوان على المنطقة عبر التاريخ‏.‏ لا تريد مصر من الحكومة السورية الآن إلا أن تكف عن لعبة التوفيق بين المتناقضات، وتسويق هذا الوهم فى المنطقة‏.‏ فالمصالح العربية لمصر كما هى لسوريا الشعب والتاريخ، الخط الأحمر الذى لا يمكن تجاوزه أو المقامرة به‏.‏ أما السياسة السورية الراهنة فقد خرجت على هذه المصالح، وارتضت أن تمارس دورا لحساب قوة إقليمية، لا يمكن أن تعمل لحساب أمن المنطقة واستقرارها‏.‏

لا نريد الحديث كثيرا، فنحن حقيقة نخاف على الرئيس بشار وعلى سوريا، ولا نريد لهما أن ينجرفا فى صراعات لا طائل من ورائها، فاستقرار سوريا بل ازدهارها يهمنا شعبا وحكومة بل وطنا، فسوريا تعنى لنا مصر، ومصر لدى المصريين تعنى سوريا‏.‏ وهذا الكلام لا يدركه البعض فى سوريا، خاصة من تستخدمهم إيران ضد مصر بل ضد القضايا العربية فى العراق وفلسطين ولبنان، بل فى الخليج فى البحرين والإمارات وصولا إلى السعودية‏.‏

نريد من سوريا أن تتدخل وتستخدم علاقاتها مع إيران لتلجيم دورها التخريبى فى منطقتنا، وتساعد الفلسطينيين على التحرر الوطنى وإقامة دولتهم، لوضع حد للانقسام بين الضفة وغزة‏.‏ وأن تستخدم نفوذها ولا تستخدمها إيران فى تحجيم الدور العربى فى منطقتنا، ثم تتباكى عليه‏..‏ وكأن الدور العربى حتى يكون موجودا أو مؤثرا يجب أن يتبع فى خطواته وسياساته ورغباته الاحتياجات الإيرانية أو يدفع المنطقة للصراعات أو الحروب ضد مصالحها ومستقبلها، نريد من سوريا أن توقف الانقلاب الإيرانى على الطوائف الأخرى، خاصة على المسيحيين وسنة لبنان‏.‏

نريد من سوريا أن تتعاون مع العرب فى وقف النفوذ الإيرانى فى فلسطين حتى تتمكن من إعادة لملمة الفلسطينيين معا، وفى وحدة تحمى مصالحهم، وتحفظ ما تبقى للقضية الفلسطينية من وجود‏.‏ نريد من سوريا ألا تكون يد إيران فى مساعدة الأقليات الشيعية فى الخليج للاستئساد على الاستقرار الخليجى‏.‏

إن فعلت سوريا ذلك فقد عادت إلى مكانتها التى عرفناها، وإلى قوتها التى ندخرها لدعم قضايا العرب‏..‏ وهذا فقط ما نريده اليوم من سوريا‏.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة