كثيرا ما يظل الإنسان يكافح فى الحياة ويعمل على أن يجعل لحياته معنى، و فى فترة من فترات العمر يجد نفسه وحيدًا، يجلس ينادى على أحبائه وأصدقائه ومعارفه، فمنهم من يستجيب، ومنهم من لا يستجيب، ولكن فى نهاية اليوم يجد نفسه وحيدًا بين أربعة جدران، لا ونيس، ولا أنيس، ولا هاتف من قريب أو صديق، وتستمر الحياة بمعناها الجديد ذات ضوء خافت، لا جديد فى الحياة، يظل يبحث عن أنيس لكن دون جدوى.
تختلف ظروف كل شخص من حيث البحث عن أنيس يؤنس وحدته، فهناك من يبحث عن زوج أو زوجة أو صديق مقرب أو شخص داخل المنزل تطمئن لسماع صوته ويشعرك بالأمان الضائع، وكما تمر الأيام تمر الثوانى، ولا يشعر بالثوانى إلا من يعيش وحيدا، ولقد قدر لمن يحيا وحيدا أن تفقد ذكراه لمن أحبهم، فلا يبقى إلا ذكريات قد كستها الأيام ألما.
الغريب حقا هو أن تجد أناسًا يحبون الوحدة كثيرًا ويريدون أن يعيشوا فى فترة من عمرهم بمعزل عن البشر، وإن كان بدون إرادتهم أو بإرادتهم إلا أنهم أحبوا البقاء بدون رفقه،و (( وجدوا راحتهم فى وحدتهم))، يفعلون أشياء جديدة لم يفعلوها من قبل بسب قربهم من البشر وانشغالهم معهم، فمنهم من يبدأ فى عباده الله والتقرب منه أكثر من قبل، ومنهم من يشعر بالحرية بالرغم من أنه أصبح وحيدًا، ومنهم من كان محرومًا من الهدوء فوجد راحته فى الوحدة.
وآخرون يقربون إليهم بعض الحيوانات عوضًا عن البشر
ومنهم من يثق فيهم أكثر من البشر ويتحدث معهم ويكلمهم. فعندما يخلو المنزل من أى إنسان، ويعتاد الإنسان على الوحدة، فإنه من الصعب عليه أن يعود مرة ثانية للسكن مع آخرين، فقد تعود على الوحدة ووجدها ملاذه المفقود، ولكن هل يبقى الشخص وحيدا لفترة طويلة دون الشعور بحاجته إلى أنيس؟ لقد عرفت أشخاصًا كثيرين قد جعلتهم الوحدة يفقدون تركيزهم
ويسيرون هائمين فى الشوارع لفترات طويلة، وبالرغم من هذا يعودون إلى منزلهم فى آخر المطاف.
وأحيانا أخرى تكون الوحدة مفروضة عليك (أى أن تكون وحيدا وأحبابك بجوارك) ويا لها من قسوة وشعور قهر يكاد يفتك بك، فأنت تعيش وسط أسرتك لكن كل منهم بمعزل عن الآخر، تكاد لا ترى من تحبهم إلا طيفًا فقط، يأتون ويذهبون ولا تشعر بهم ولا يشعرون بك، وتراهم أمامك فتحاول أن تفتح معهم حواراً إلا
وتجدهم قد ذهبوا دون أن تكمل الكلمة، وتنتظر كلمة السلام عليكم، ولكن تجدها ثقيلة على ألسنتهم، الحب موجود بينهم لكن الحوار بينهم مفقود لأن الوقت يمر أسرع من دقات القلب، فلا تكاد تلمحهم حتى يذهب كل منهم فى طريقه.
فمن يريد ألا يحيا وحيدًا فليدعو دعاء ذكريا عليه السلام
(وَزَكَرِيَّآ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِى فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْوَارِثِينَ).
أشد المعاناة هى معاناة شخص يشعر بالوحدة، داخل أسرة كبيرة، لا يشعر بهم ولا يشعرون به.
الوحدة ليست فقط البعد عن الناس إنما الوحدة تكون أقسى فى وجود الناس.
فلتكن حياتك مليئة بالبشر فإن لم تجد من تحبهم فابحث عمن يحبك.
محمد فاروق أبو فرحة يكتب: وجدوا راحتهم فى وحدتهم
الخميس، 28 أكتوبر 2010 09:29 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة