لم أر فى حياتى تعذيبا مثل الذى تتبعه حكومة الدكتور أحمد نظيف مع الصعايدة، فكل يوم تتفنن الحكومة فى اختراع الوسائل التى تنكد بها على الصعايدة عيشتهم وكأنهم مواطنين من كوكب آخر لا علاقة لهم بالدولة المصرية.
أحد وسائل التعذيب هى قطارات الصعيد التى كانت حتى وقت قريب وستظل تحمل نعوش الصعايدة بحوادثها الكارثية، التى تتكرر دون أن يكون هناك وازع يفيق الضمير الحكومى على أهل الصعيد المكدرين، فالحكومة الذكية لا تترك أى ميزة فى الصعايدة إلا واستغلتها لتعذيبهم، وطالما أن من أهم مزايا كل صعيدى التحمل والصبر الذى إن تحول إلى غضب سيكون الانفجار، فهذا التحمل حولته الحكومة وأجهزتها إلى أسلوب لمعايرتهم لا إلى الافتخار بهم.
أثناء عودتى من المنيا وتحديدا مركز مغاغة السبت الماضى قررت أن أركب القطار، فهو الوسيلة الآمنة إلى حد ما بالنسبة لنا فى ظل حوادث الطرق التى حصدت خيرة شباب الصعيد، وبالفعل حجزت فى قطار رقمه 971، ومنذ اللحظة الأولى التى رأيت القطار قادما أيقنت أن هيئة السكك الحديدية لم تخيب أبدا ظننا بها، فالقطار كالعادة مهلكا من الداخل، بل معدما، لا وجود فيه لشىء نسمع عنه فى القصص اسمه دورات المياه، وإن وجدت فلا تستطيع أن تمر من أمامها لرائحتها الذكية!!، وبمجرد أن تجلس على مقعدك تجد من هو فى انتظارك للترحيب بك، ولكى لا تسرح بخيالك كثيرا، فمن ستجده فى انتظارك ليس "كمسرى" أو "مضيف" وإنما مجموعة من الصراصير التى وجدت فى قطارات الصعيد سكنا آمنا لها.
إلى هنا والأمر عادى.. فكل من ركب قطارات الصعيد متعود على تلك الأمور، لكن أن تكون تذكرة السفر مدون بها أنك حاجز فى قطار مكيف وعندما تدخل تجد القطار تحول إلى "ساونة"، فالأمر هنا مختلف، فالتكييفات أصابتها أعطاب متكررة، دون أن تجد من يهتم بها، ورغم ذلك فهذه أمور أيضا تعودنا عليها.. لكن ما لم نتعود عليه أن يخرج علينا مشرفو القطار ليقولوا بكل بجاحة للركاب الذين ضاقوا ذرعا بحرارة الجو الساخنة فى القطار كله "يعنى والنبى ما أنتم متعودين على الحر.. هى وقفت على القطر اللى عايزينه يكيفوه.. عيشوا عيشيتكم بقى".. أمام هذه البجاحة لم يستطع أحد الرد، واكتفى الركاب بندب حظهم العاثر.. وفتح الحديث عن مقارنة قطارات الصعيد بقطارات وجه بحرى التى لا يجرؤ رئيس قطار أن يخرج به من المحطة وبه عطل.. أما فى الصعيد فالأمر عادى جداًً لأن الصعايدة غلابة وبيستحملوا اللى بيجرى معاهم!!.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة