نبرة حزن وتشاؤم على ألسنة العديد من شباب اليوم، وخاصة إذا ما كان الحديث عن مصر أو إذا ما تناول البعض قضايا الوطن والانتماء والولاء فتجد الأصوات قد ارتفعت بالشكوى والانتقاد وتجد نظرة الحزن وقد كست العيون ولمحة من اليأس قد علت الوجوه وعبارة تتردد على ألسنتهم جميعا ( وهى مصر عملت لنا إيه.. إديتنا إيه؟).
وعلى الرغم من أن مصر قد أعطتنا الكثير من الأمن والحرية والاستقلال إلا أننا نلتمس لهؤلاء الشباب بعض من العذر فمعظمهم قد نالوا قسطا لا بأس به من التعليم وحصلوا على مؤهلات دراسية تؤهلهم للعمل والكسب ثم جلسوا بلا عمل يتطلعون إلى أى فرصة للحصول على عمل يجوبون الشوارع حتى كلت كعوبهم بحثا عن وظيفة مناسبة أو حتى عمل حر يوفر لهم سبيلا للرزق.
وفى النهاية، ينتهى بهم المطاف إما مندوبا للمبيعات لبعض الشركات أنصاف المشهورة ويقضون يومهم من منزل إلى آخر وقد تحولوا إلى ما هو أشبه بشريط الكاسيت يرددون نفس الكلام أمام كل باب يعددون من مزايا المنتج وكم من مرات عديدة تغلق الأبواب فى وجوههم أو يتطاول علهم البعض بأنهم نصابون ومحتالون إلى أن يتعطف عليهم مشتر ويأخذ بضاعتهم بأرخص الأثمان أو أن يعملوا سائقين للتكاتك وسيلة المواصلات الشعبية رقم واحد فى المدن الصغيرة وساعتها لا يجد الشاب فائدة لشهادته الجامعية أو المتوسطة إلا أن يضعها فى برواز جميل ويعلقها فى مقدمة التوك توك والعديد من الأعمال التى يلجأ إليها الشباب من بيع كروت أو إكسسوارات المحمول أو أى شىء من الممكن أن يباع ويشترى، فتجد الواحد منهم على قارعة الطرق وقد صنع لنفسه فاترينة من الخشب والزجاج وبدأ بعرض منتجه فيها، ناهيك عما يسمعه الشاب من أبيه وأمه من أنه فاشل علما بأنه لم يقصر فى واجباته أبدا، فقد ذاكر ونجح وحصل على الشهادة وكلت قدماه بحثا عن عمل ولكن دون جدوى والنتيجة لا تزيد عن الصفر.
ولذلك تجد الحزن والتشاؤم قد سيطر عليهم فهم غير كارهين للوطن ولكنهم ساخطين على الأوضاع التى لا ذنب لهم فيها
فكل شاب أمله أن يحصل على قدر من العيش الذى يحفظ له كرامته فى وطنه ويشعره بالأمن والأمان على أرضه ويضمن له أن ينام مطمئنا على مستقبله يضمن له علاجا إذا مرض وسكن وعمل ومورد للرزق يحفظ له حقه فى العيش الكريم.
لا عمل غير دائم ولا أن يكون مطاردا من رجال الشرطة مثل المجرمين بتهمة إشغال الطريق أو البيع بدون ترخيص إلى آخره من المشاكل التى تواجه الشباب الذين يعملون بهذه الأعمال الحرة من تعقيدات فى استخراج التراخيص أو أنه يقف فى مكان غير مخصص للبيع، ناهيك عن مظاهر الاستفزاز عندما يقرأ فى الصحف إعلانا عن سكن للشباب بمليون جنيه علما بأن المستثمر قد حصل على متر الأرض من الدولة بجنيه.
ولكن كيف؟ كيف يحصل الشاب على فرصة عمل وقد تحولنا من دولة منتجة إلى دولة مستهلكة؟ من دولة مصدرة إلى دولة مستوردة؟ كيف ورجال المشاريع والاستثمار لا يعطون العمال حقوقهم ولا يملك العمال إلا التظاهر والاعتصام؟ وما من مجيب
كيف ورجال الأعمال الآن يفضلون العمالة الهندية والصينية لانخفاض أجورهم؟ كيف يحصل هؤلاء الشباب على عمل ومصر ما زالت تستورد فانوس رمضان من الصين؟.
أرجوكم يا رجال الأعمال ويا أصحاب المشاريع أن تنظروا لهؤلاء الشباب قبل أن يتملكهم الضياع، فهم مستعدون للعمل فى أى عمل ولن يطلب الشاب منهم أن يعمل مديرا ولا وزيرا وإنما أن يحصل على قوته بكرامة، اتركوهم يعملون فى مصانعكم وشركاتكم واستغلوا ما لديهم من طاقات وفكر وإبداع.
أرجوكم ساعدوهم على إنشاء بعض المشروعات الصغيرة أعطوهم الفرصة أن يبدأوا بعض الأعمال الحرة وأن يبدأوا بعض الصناعات دون تعقيد فى استخراج تراخيص وأوراق ولا تضعوا فى طريقهم المصاعب والعراقيل ولا تسعوا للقضاء عليهم حتى تملكوا زمام السوق وتحتكروه لأنفسكم فقط فلن تضاروا برزقهم ولن تقل ثرواتكم الهائلة إذا ما ساعدتوهم، بدلا من أن تتركوهم للضياع وحتى لا يصبحوا كالقنبلة الموقوتة التى من الممكن أن تنفجر فى أى وقت نتيجة للضغوط الهائلة عليهم.
لا تلقوا بالحمل كاملا على أكتاف الحكومة، فالحكومة وعلى الرغم من أنها مسئولة أمام الله وأمام الناس عن توفير احتياجات المواطنين إلا أنها لن تقدر أن تقوم بهذا وحدها وإنما بالتعاون وتكاتف الجهود.
كما أرجوكم ألا تطلبوا من الشباب أن يذهبوا لإعمار الصحراء إلا بعد أن تضعوا خططا وتوفروا الإمكانات اللازمة لهم ولا تلقوا بحلول وهمية ولا ترددوا كل الشعارات التى لا طائل من ورائها إلا مزيد من الإحباط.
بل أرجوكم أن تشاركونى فى التفكير والبحث عن الحل المناسب لكى يخرج هؤلاء من أزمتهم ولكى لا يتم القبض على العشرات بل المئات يوميا أثناء محاولتهم للهروب خارج البلاد.
ولا تتهمونا بأننا نكتب مقالات ندبية دون البحث عن حلول لقد عرضت المشكلة وأرجو أن من لديه الحل أن يتفضل به شاكرا عله يجد لدى المسئولين صدى أو أن يجعل الله الحل على يديه.
يتساءل الكثيرون لماذا يفضل الشاب السفر لغسل الصحون فى الخارج عن العمل فى مصر؟
والإجابة بمنتهى البساطة لأن مصر لم يعد بها من يجد طعاما يأكله حتى تتسخ الصحون.
صورة أرشيفية شباب مصرى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة