لا يستطيع مصرى مخلص عاقل أن يطمئن لما يحدث فى الساحة المصرية من تطورات سياسية واجتماعية وأمنية واقتصادية وقضائية، فبينما تتساقط أمنيات المصريين فى الحياة السعيدة السهلة التى يجد فيها الإنسان عملا يوفر له سكنه وطعامه وشرابه ولباسه وعلاجه وتعليمه، نتيجة فشل الحكومات المتعاقبة فى التخطيط والتنفيذ، إلا أننا نراها ما تزال قابضة على أمور الحكم ولا تعترف بمسئوليتها عن هذا الفشل وتتحجج بزيادة السكان تارة أو بالأزمات المالية العالمية تارة أخرى، وتعطى لنفسها الحق فى الاحتفاظ بالحكم لأنها تدعى أنها نجحت فى حفظ الأمن والأمان فى المجتمع وهو ما تراه الحكومة أكثر أهمية من رفع مستويات المعيشة.
ويبدو أن ذلك دفع بالحكومة إلى اتخاذ عدد من الإجراءات لتضييق الخناق على المعارضين لها لضمان فشلهم فى الانتخابات، مثل التعديلات الدستورية المبتورة التى ألغت الإشراف القضائى بحجة تقليل مدة الانتخابات، ورفضت المراقبة الدولية على الانتخابات لأنها تراها تمس السيادة الوطنية، وكلما تبين للحكومة أن شيئا جديدا قد يهدد نجاحها، نراها تصدر من القوانين ما يحميها منه، ولعل قيام الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات بفرض قيود وضوابط جديدة للرقابة على خدمة رسائل المحمول هو أحدث ما لجأت إليه الحكومة لإضعاف المعارضين لها تحت مسمى تقنين الأوضاع، كما تشير تمثيلية شراء جريدة الدستور إلى بصمات مريبة للمستفيد الحقيقى من نتيجة الأحداث، والأمر الغريب أن وعودا وعهودا ما تزال تطلق لتأكيد نزاهة الانتخابات المقبلة، ويؤكد كل ذلك أن الحكومة لم تعد تحكم فقط وإنما هى تفرض وصايتها على الشعب كله وتتصرف كأنها الوصى الشرعى الوحيد على مصر، ويدل ذلك على استمرار مسلسل الفشل الحكومى الذى يصاحب الحكومات المتتالية منذ أربعة عقود فى حكم الشعب، ويبدو أن الجديد الذى تقدمه لنا هو شكل جديد من فشل المستقبل تتم دراسة أبعاده ونتائجه حتى يمكن تبريره باعتباره نتيجة طبيعية تمثل مستقبل الفشل الذى نعيشه الآن، ويعد التصويت لصالح هذه الحكومة بمثابة التصويت للفشل فى المستقبل!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة