عايرنى أخى الصغير على قلة موهبتى بالرسم، رغم أنى أعلم بقدر تفاصيل لا بأس بها عن استخدام الفرشاة وكيفية الموازنة بين الألوان، إلا أننى وعندما أكدت ذلك لأخى الصغير أصر على اختبارى كنوع من التحدى وإثبات نظريته، فطلب منى أن أرسم له جامعة، فأخذت فى الرسم والانهماك فى استخدام ألوان شتى حتى انتهيت إلى رسم شىء عجيب لم يفهمه أخى، فقد رسمت طالبة محجبة يتم ضربها بالخرطوم وإهانتها من قبل ضابط الأمن الذى يرفع قدمه ليضربها فى بطنها.
أطرق أخى الأصغر فى ذهول، ثم طلب منى أن أرسم شارعا من شوارع بلدنا، أمسكت بكراسة الرسم وأخذت فى التخطيط والتحديد، الشخبطة، نبهنى أخى الصغير إلى وجود الألوان إلى جوارى وأنى لم استخدم منها إلا اللون الأسود.
انتهيت من رسم أكوام زبالة مكدسة على جابنى طريق، وميكروباص الترامكو حاضر فى صدر الصورة وبابه مفتوح وقد ظهرت مؤخرة رجل تمنع الباب من أن يغلق، وسيارات من كل صنف ولون تخرج من كل الجوانب إلى كل الجوانب وصغار يقفزون بين السيارات للناصية الأخرى، وتوك توك بأعداد غفيرة يسدون الطرق على الجميع، عمارات تبنى بعد أن جرفت أرض زراعية وصبت بالأسمنت.
أخذ أخى الصغير الصورة منى ونظر إليها فى استغراب، ثم نظر إلىّ نظرة غير متفهمة لما فعلت، فطوى الصفحة وأفرد لى غيرها ثم طلب أن أرسم مباراة لكرة قدم، فأمسكت بتلابيب الفرشاة وأنا أنظر إليه فى استهتار يشى بصغر مقدار المطلوب قياساً بموهبتى، ففعلت وقد خرجت الصورة وقد جاء هدف فى مرمى أحد الفريقين وذهب اللاعب الذى أحرز الهدف يسجد إلى الله فى تضرع وشكر بالغين، إلا أن ظهر كلمة كنت قد كتبتها على لسان أحد المشجعين وهو يقول "طيب إزاى يجيب الجون بإيده ويروح يسجد لربنا. أفهما دى والنبى؟!
ثم رسمت بالوعات مفتوحة، وخناقات فى المدارس وقد أشهرت فيها المطاوى والسنج، ومدرس يضعون على وجهه منديل جيبه وقد أعلنوا وفاته لأنه لم يصمد فى ظروف الحر والقيظ على تصحيح الامتحانات.
رسمت شباباً يتسكع على الطرقات ويتحرش بالمئات على فتيات يسرن بالشارع، رسمت فرحة هستيرية لحظة فوز فى مباراة لكرة القدم، ورسمت سكون الليل على أكل طعام قد روى بماء المجارى.
كل هذا وقد حدث أن هناك قائمة تضم أفضل 60 بحثًا فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، لا يوجد بينها بحث مصرى واحد، فى الوقت الذى ضمت القائمة 47 بحثًا من إسرائيل بمفردها، و7 أبحاث من جنوب أفريقيا، والمفاجأة أن السعودية دخلت القائمة بأربعة أبحاث ولكن لباحثين أجانب ومصر حصلت على صفر فتذكرت على التو جملة الممثل القدير جمال إسماعيل فى إحدى مسرحيات العظيم فؤاد المهندس عندما لم يعجبه أن ابنه حصل على صفر فى المواد الدراسية فقال للمدرس بكل قوة ويقين "صفر واحد بس.. طب قول صفرين".
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة