أكد المخرج داوود عبد السيد فى المؤتمر الصحفى، الذى عقد أمس فى قصر الإمارات بعد عرض فيلمه رسائل البحر المشارك فى المسابقة الرسمية والذى ينافس على جائزة أحسن فيلم روائى عربى أنه بات من الضرورى أن تتغير طبيعة الرقابة على الأعمال الفنية فى مصر، مطالباً بأن يتم تصنيف الأفلام وفقاً للمرحلة العمرية التى يتوجه إليها العمل، موضحاً أن الرقابة تمارس عملها على الفكر وليس على العمل الفنى بعناصره المختلفة، مؤكداً أنه ليس هناك بلد لديه صناعة سينما، ويطبق فيه مثل هذا النوع من الرقابة المؤسسية التى تلتزم بمجموعة من القوانين الصارمة.
واعتبر عبد السيد، أن الرقابة المجتمعية التى يمارسها أفراد المجتمع أقوى وأكثر تأثيراً من الرقابة المؤسسية، وهى غالباً تقف أمام تقديم صناع الأفلام لأعمال فنية، خوفاً من نظرة المحيطين بهم إليهم، داعياً إلى العمل على تحديث المجتمع وإشاعة روح التحرر، وهى مهمة ليست بسيطة ولا تتم فى فترة قصيرة، بل تحتاج إلى سنوات طويلة، موضحاً أن السينما المصرية شهدت فى السنوات الأخيرة تطوراً كبيراً فى المعدات والتجهيزات الفنية والتقنيات، ولكن فى مقابل ذلك شهدت تراجعاً فى مساحة الحرية المتاحة.
وعن المشاهد الحميمية بين بطلى الفيلم، أوضح عبد السيد، أنه إذا كان هناك مناخ مختلف، من المؤكد أنه كان سيقدم هذه المشاهد بشكل مختلف، لكن "ما لا يدرك كله لا يترك كله".
وأوضح داود، أن ما يسعى إلى تحقيقه فى أفلامه هو أن تكون هناك دائماً تجربة شعورية فى الفيلم، وأن يشعر المشاهد بالمتعة عند مشاهدة فليمه، وكلما شاهده أكثر ازداد شعوره بالمتعة، وقال "ليس هناك صانع فيلم يريد تقديم فيلم لا جمهور له، كما أن فكرة التنازلات لكسب الجمهور بالنسبة لى مرفوضة، ولكن بدلاً من ذلك علينا بذل المزيد من الجهد لجذب الجمهور، ولا أعنى بذلك إضافة مشاهد راقصة أو أغنيات معينة لتحقيق ذلك، ولكن أعنى تقديم العمل فى مستوى فنى متميز".
وعن تراجع مستوى السينما المصرية، أشار عبد السيد إلى أنه من الصعب إرجاع الظواهر إلى سبب واحد فقط، فهناك دائما أسباب عدة، مثل المستوى الثقافى والتعليمى للمجتمع، ومدى حيوية السينما المصرية، فعندما يتم إنتاج 60 فيلماًَ فى العام، يصبح من المنطقى أن تكون نسبة الأعمال المتميزة أعلى منها فى حالة إنتاج 20 فيلماً.
لافتاً إلى أنه لا يمكن التخلص من الطابع التجارى للسينما المصرية، طالما أن هناك صناعة سينما وليس فقط إنتاج إفلام، "المنتج من الطبيعى أن يبحث عن أكبر هامش للربح، وخلال هذا البحث قد يهمل شريحة معينة من الجمهور، باعتبارها الأقل عدداً، فى مقابل الوصول للشريحة الأكبر، ولكن هذا لا يعنى أن الجمهور المصرى لم يتقبل سوى الأعمال المتواضعة المستوى، ولكن هذا ما يقدم إليه".
وانتقد عبد السيد تآكل الكثير من تقاليد صناعة الأفلام فى مصر نتيجة لعوامل عدة مثل تدخل المنتج فى الأعمال الفنية والتقنية كالمونتاج، وكذلك تدخل النجوم فى أفلامهم، حتى يمكن اعتبار أن هذه الأفلام "تصنع على حجر النجم ووفقاً لمطالبه الخاصة".
وأشار عبد السيد إلى أن قدرة مخرج الفيلم على اختيار الفنان المناسب للدور تمثل 50٪ من عوامل نجاحه، بينما تظل النسبة الباقية مرهونة بقدرة المخرج على توظيف الفنان، كما حدث مع المخرجة نبيهة لطفى التى شاركت بالتمثيل فى "رسائل البحر" ليحصل منها على الدور المطلوب، وأضاف أن "أداء بطل الفيلم آسر ياسين كان مفاجأة له، أما بسمة فقد كان يشعر فى أدوارها السابقة بأن هناك شيئاً ما ناقصاً لم تستطع الأدوار أن تظهره لديها، ولذلك حرص على اظهار هذا الشىء الناقص، والتركيز على ما تتمتع به من أنوثة لم يلتفت إليها فى أعمالها الأخرى".
وأشارت بسمة إلى أنها لم تشعر بالقلق من المشاهد الساخنة التى أدتها فى الفيلم، لأنها تدرك أن هناك فرقا بين الانسان وبين الأدوار التى يقدمها، معربة عن أملها أن يتمتع الجمهور بهذا الإدراك.
وأكد آسر ياسين، أنه اضطر لتلقى دروسا مكثفة فى الأصوات ومخارج الألفاظ ليتمكن من أداء "التأتأة" التى كان يؤديها فى دوره، لافتاً إلى حرصه على التنويع فى الأدوار التى يقدمها، فى حين اعتبر الفنان محمد لطفى أن الفيلم يمثل فرصة العمر بالنسبة له، مشيراً إلى أنه سيقبل الأدوار المختلفة التى تعرض عليه، لأنه إذا انتظر دوراً فى عمل بالمستوى الفنى نفسه فلن يعمل لسنوات، وقال "شاركت فى فيلم عرض أخيراً بعنوان (أولاد البلد)، وهو فيلم خفيف تجارى، ورغم ذلك حقق عائداً يقدر بمليون و450 ألف جنيه فى يوم واحد من أيام عرضه خلال عيد الفطر الماضى".
يذكر أن رسائل البحر قوبل بحفاوة شديدة من النقاد والجمهور، كما أن هناك العديد من المصريين العاملين بدبى جاءوا إلى أبو ظبى خصيصاً لمشاهدة جديد داود، وبعد أن تنتهى فعاليات مهرجان أبو ظبى سيتجه المخرج داود عبد السيد وفريق عمله إلى قرطاج بتونس، لأن رسائل البحر سيمثل مصر فى المسابقة الرسمية بالمهرجان أيضاً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة