صدر حديثًا عن الدَّار المصرية اللبنانية كتاب جديد بعنوان "الأولة مصر.. عن هويتها ومستقبلها" للكاتب إيهاب قاسم.
ويقع الكتاب فى 190 صفحة من القطع المتوسط، ويتضمن أربعة فصول، أولهم "بين الدين والحضارة" وثانيهم "مربط الفرس" وثالثهم "حدوتة مصرية جدًّا" ورابعهم "البداية".
ويدور الكتاب حول سؤال: لماذا مصر وطن له تاريخ ناصع يحتفل ويحتفى به كل العالم ويأتى لمشاهدته من كل بقاع الأرض، وبرغم هذا التاريخ فإننا ببساطة شعب "متخلف"، ودولة لا تحتل مكانتها اللائقة بها بين الأمم حتى التى تلتها؟ هل السبب فى الاستبداد؟ أم المؤامرات؟ أم الاحتلالات الكثيرة التى مرَّت على هذا الشعب؟
وفى الفصل الأول "دعوة للتناغم" يقف الكاتب أمام حضور الآثار المصرية فى كل متاحف العالم، ويتأمل المفارقة القائلة بأن التماثيل حرام، ليدخل منها مباشرة إلى فحص مقولة إن الإسلام عدو الحضارة، مع أنه فى أى مكان آخر فى العالم يعمل المسلم والمسيحى والبوذى والسيخى فى شركة واحدة دون أن يسأل أحدهم عن ديانة الآخر، ليطرح السؤال الشائك وهو: كيف يمكن أن تتناغم الأديان الإبراهيمية مع بعضها البعض ومع الحضارة الإنسانية؟ فكل الأديان والحضارات تتفق فى النهاية أمام حقيقة واحدة وهى الإنسان وسعادته ورضاه.
فالإيمان الصحيح كما يقول الكاتب هو إيمان بالحق والعدل والخير والسلام لكل خلق الله، والأوامر الإلهية فى التفكر والتدبر والسعى فى ذاتها الدافع الأساسى لتحقيق حضارة إنسانية متطورة ومستمرة، كما أن الحرية فكرة أساسية، سعت إليها كل الأديان، وهنا فإن العلوم والفنون والآداب هى فى حد ذاتها وسائل إنسانية للوصول إلى الحق والخير والجمال، وعليه لا معنى لفكرة القتل باسم الإله، التى يؤمن بها كل متطرف.
وفى مبحث بعنوان "من الأصولية ما قتل" يتأمل الكاتب ملامح الفكرة الأصولية التى تتلخص فى كراهية الآخر ورفضه والتبشير باقتراب يوم القيامة وعلامات الساعة، حتى إن بعض المصريين يؤمنون بأن حياتهم تبدأ فور النزول إلى القبر، وكذلك من ملامح هذه الأصولية التفسير الدينى للعلم وتدنى مكانة المرأة.
ويطرح الكاتب فى الفصل الثانى "مربط الفرس" مجموعة من الأسئلة ومنها لماذا كانت مصر فى وضع أفضل مما أصبحت عليه، ولماذا تبدو مشكلاتها بلا حلول؟، ولماذا تضيع جهودنا هباءً ولا نشعر بتقدم مهما بذلنا من جهد؟ لماذا بتنا نتقاتل مع بعضنا البعض على أتفه الأسباب غير عابئين بتأثير ذلك على وطننا ومستقبلنا ومستقبل أولادنا؟، لماذا باتت مشكلاتنا مثل الدائرة المفرغة نلف حولها وندور بلا نتيجة، وهو فصل يقف بشكل عام أمام فكرة الهوية وتعريفاتها وروافدها ومصادرها وأهميتها فى استقرار الأوطان وبناء مستقبلها.
ويقف الكاتب فى الفصل الثالث "حدوتة مصرية" طويلاً أمام سحر الحضارة المصرية ويصدره الكاتب بمقولة مايكل رايس "لم تأت مصر من فراغ، ولم تكن وليدة مصادفة أو مجرد لحظة إبداع، ولكنها كانت بناء فلسفيًّا جعل من الوطن فكرة ينتصر بها الفرد على هشاشته وعمره الموقوت، ويتصالح بها مع حتمية نهايته من خلال دوام واستمرار هذا الوطن.. مصر".
وفى الفصل الرابع والأخير بعنوان "البداية" يضع الكاتب فيه مصر بين نقطتى حرب أكتوبر، وارتفاع علم مصر على خط بارليف وبين يناير 2010، حينما امتلأت الشوارع بعلم مصر احتفالاً بفوزها بكأس الأمم الأفريقية للمرة الثالثة على التوالى ليتأمل توهج فكرة الوطنية لدى المصريين عبر تاريخهم حتى فى اللحظات الحالكة، ليحاول طرح نقطة بداية ودعوة للتناغم والأمل فى المستقبل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة