عطا درغام يكتب: الصغير وشعبولة وبعرور وزمن الفن الجميل

السبت، 02 أكتوبر 2010 02:27 م
عطا درغام يكتب: الصغير وشعبولة وبعرور وزمن الفن الجميل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا أردت أن تتعرف على طبيعة المجتمع فاستمع إلى أغانيه التى يسمعها الناس ويتداولوها الشباب ويغنيها الأطفال، فالفن هو مرآة للمجتمع التى تعكس ثقافته وتوجهاته، وإذا أردت أن تتعرف على المجتمع المصرى قبل ثورة يوليو سنة1952، فاستمع إلى أغنيات سيد درويش التى كانت تلهب حماس الناس وتثير الحمية وتشعل الوطنية فى نفوسهم؛ لأنه كان يتفاعل مع الأحداث وبما يدور فى المجتمع فيؤثر فى الناس.

وأم كلثوم وفريد الأطرش ومحمد عبد والوهاب ومحمد فوزى ونجاة وعبد الحليم حافظ وفايزة أحمد وشادية وغيرهم من مطربى الزمن الجميل الذين أمتعونا بإبداعاتهم، فعبروا عن أحاسيسنا وتطلعاتنا وانطلاقتنا وانفعالاتنا وهمومنا... كنا نتأثر بهم لصدق مشاعرهم وكلماتهم التى تعبر عنا، تتلاقى المشاعر وصدق الكلمات لتخرج لنا سيمفونية رائعة قوامها الكلمة واللحن يعبر عنها صوت يشجينا بأغنية رائعة فى زمن جميل.

وفى وقت الأزمة عندما تتعرض مصر لعدوان غاشم كانت تتشكل كتيبة رائعة فيتحول الاستوديو إلى ثكنة عسكرية من أهل الفن... الشاعر يؤلف والموسيقى يلحن والمطرب يغنى، فيلتهب حماس الجنود فى ميدان المعركة وترتفع معنويات الشعب فيتحدى ويقاوم ويتمسك بالأمل.

غابت الكلمات... غاب اللحن... غاب الصوت... تغيرت الأذواق، وغزت الآذان أصوات هى أشبع بنعيق البوم ونعيب الغربان التى تظل تصرخ فلا تستطيع التفريق بين صوت وآخر... أو لحن أو جملة موسيقية، أصوات مختلطة وكلمات غريبة تعبر عن الانحطاط والانهيار الذى أصاب حياتنا، فانهار معها المجتمع وتغيرت سلوكياتنا وأذواقنا، كان المطرب يحرص على هندامه ومظهره والظهور أمام محبيه فى أبهى صورة، فكان يحترم جمهوره الذى كان يتحلى بهذه المظاهر.

والآن قد تجد على المسرح بهلوانا لا يعطى اهتماما للجمهور ولا يحرص على مظهره، فتجد لحيته طويلة وقميصه مفتوحا دون مراعاة لمشاعر السيدات أو الفتيات التى تعجب لهذه السخافات، وقد تجد بنطلونه ساقطا....ويتحرك ويجرى على المسرح كالقرد ميمون فى مونولوج اللى اللى اللى يا ميمون.... وآخر يحمل سيفا أو سكينا يغنى بها.... وآخر يحمل زجاجة بيرة، ومما يدعو للأسف والحسرة هو تفاعل الجمهور وخصوصا الشباب، والفتيات تتراقص فى ميوعة.

ليت الكلمات تحمل معان سامية أو قيما جميلة أو تدعو إلى فضيلة أو تعبر عن مشاعر صادقة... بل كلمات تعبر عن مشاعر كاذبة تخرج من أفواه معبأة بالمسكرات والمخدرات..... فتسمع العنب العنب العنب.... هركب الحنطور واتحنطر.... بحبك يا حمار... أيظن (عير أيظن نجاة) وبعض هذه الكلمات تحمل تعبيرات فجة وإيحاءات جنسية صارخة قد يرددها الشباب وللأسف الصغار.

ونترحم على الزمن الجميل بكلماته الجميلة التى عبرت عن أحاسيسنا وانفعالاتنا تأثرنا بها وانفعلنا معا.

وندخل زمن شعبولة وبعرور والصغير مرددين العنب العنب العنب ......وبحك يا حمار.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة