د. آلاء عزت عبد الحميد تكتب: فن الصدقة

ربما لم تفكر فى ذلك من قبل، ولم تخطر ببالك تلك الأمور، لذلك دعنى أحدثك قليلا عن ذلك الفن!

هل فكرت يوما فى فن الصدقة؟، أنت ترى فقيرا يستحق المال (وأخص بكلامى هؤلاء الذين لا يجدون ما ينفقون وقد طلبوا المال على استحياء وليس ممن اتخذوا من التسول مهنة رابحة لهم) فتُخرج مالك "جزاك الله ألف خير" وتضعه بقبضة يدك وتناوله فى قبضة يده وتهرول بعيدا عنه، اسمح لى أولا أن أرفع لك القبعة احتراما منى لك على عطاءك، ولكنى أدعوك لتتعلم معى فنون الصدقة.

الآن سأتبادل الأدوار مع الفقير، وها أنت تعطينى المال، أشعر بالسعادة لأنى حصلت على المال، ولكن هناك قليل من الخجل.. بل هو أقرب للانكسار.. آه من ذلك الموقف كم هو مؤلم!!، أتدرى، لا أتحمل الدور سأعود مرة أخرى، وها أنا أنتظر سؤالك.. ماذا أفعل إذن؟

عليك أن تفكر قبل تعطيه مالك، أن تحرص على جبر خاطره فالمال هو تخفيف للفقر وجبر الخاطر هو تخفيف لطلب ذلك المال، إن من فنون الصدقة أن تكون يدك أقل من مستوى يده وليس العكس وأن تعطيه المال كما تعطى البائع ثمن الشراء، نعم بالضبط، تمسك المال بالإبهام والسبابة والوسطى وقلها كما قلتها للبائع "تفضل" وأيضا تلك الابتسامة البسيطة مطلوبة، ويالها من كلمات ذهبية تلك "مبلغ بسيط هو الذى معى أتمنى أن تقبله منى" ولا أصف لكم راحة النفس التى سيشعر بها وهو يأخذ المال بانشراح وحب، فأنت أزلت منه مشاعر الحاجة لديه والاستحياء إلى مشاعر أرقى هى قبول مالك على استحياء منك، إنه فن رائع نبتكر فيه طريقة لجبر الخواطر مع الاحسان، نسمو بالأعمال الخيرية إلى أرقى معاملة، فابتسامة صادقة فى وجهه قد تكون مرهما لآلامه لم تخففها أموال من قبل، وتذكر قوله سبحانه وتعالى فى سورة البقرة " قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى"، وأرى أن مجرد التفكير فى مراعاة مشاعرهم والحرص على ذلك سيجعل منك إنساناً فى كل مواقف الحياة، أتدرى؟ ستتحمل من يخطأ بحقك، ستسامح بسهولة سيمتلأ قلبك بالحب والعطاء، وستكون تلك شيمتك، أراك الآن تعامل أصدقاءك، أقاربك جيرانك، نعم ستتذكر ذلك المبدأ الذى رسخته بقلبك "مراعاة خواطرهم، والحرص على عدم جرح مشاعرهم" كم موقف جميع الكل مطمئن والكل مرتاح، الجو يخلو من المشاحنات والمضايقات، كلام خال من السخرية ومن التضييق، انتقاد مهذب يليق بأصحابه، رقى فى الحديث، صفاء بالنفوس،
يالها من معاملة !! بل يالها من إنسانية!!.