أكرم القصاص - علا الشافعي

د. خميس الهلباوى

خطورة المرحلة الحالية

الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تمر الأمة المصرية الآن بفترة خطيرة ودقيقة من تاريخها الوطنى، إن لم تكن أخطر فترة تمر بها على مدار تاريخها المفرط فى القدم، حيث إنها على موعد مع القدر، لإثبات وجودها وأحقيتها فى احتلال مكانتها تحت الشمس وذلك من خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة.

فالأمة المصرية عن طريق الانتخابات القادمة سواء كانت البرلمانية أو الرئاسية، عليها أن تحدد الآن الرؤى المستقبلية لمصر، وهل ترى الأمة مكانها ضمن الدول الفقيرة أم الأكثر فقرا، أو بين الدول الغنية أم متوسطة الغنى، هل تسعى إلى أن تكون دولة ديمقراطية أم تظل دولة ديكتاتورية.. إلخ، فعلى الشعب (صاحب المصلحة) أن يحدد الهدف، الذى يرنو للوصول إليه فى المستقبل.

إن الماضى القريب يشهد بأن الشعب المصرى كان دائماً بطلا على مر التاريخ، وتجلت بطولته فى الحروب التى خاضها منذ قيام الثورة المصرية 1952، وقيامه بتأييدها وتأييد قادتها ومنحهم الثقة الكافية لقيادته فى أحلك الظروف ففوض الأمر لقائده الرئيس عبد الناصر، الذى عمل جاهدا لتخليص مصر آثار الهزيمة التى لحقت بها فى حرب 1967، ولم تمهله المنية حتى يقوم بتحرير الأرض من المحتل الغاصب وتوفاه الله، وجاء نظام حكم الرئيس الراحل أنور السادات فمنحه الشعب المصرى العظيم، نفس الثقة الكاملة واستمر تفويضه من الشعب المصرى لاستكمال مهمة التحرير المقدسة، وكان الرئيس عبد الناصر قد قام بتغيير بعض بنود الدستور المصرى بموافقة الشعب حتى تسمح له بممارسة مهمته المقدسه فى تحرير الأرض، وقام الرئيس السادات بتعديل الدستور مرة أخرى لتسهيل مهمة اتخاذ القرار بتحرير الأرض والنجاح فيه، واستطاع الرئيس السادات ومعه رجال مخلصون من الشعب المصرى ومن القوات المسلحة وعلى رأسهم الرئيس محمد حسنى مبارك، بالانتصار فى الحرب على العدو الإسرائيلى، فى أكتوبر 1973.

ولكن الله استرد أمانته بوفاة الرئيس السادات عن طريق رصاصات الغدر، وترك أمانة استكمال استرداد باقى تراب مصر لخليفته الرئيس محمد حسنى مبارك، الذى قام بتعديل الدستور مرة أخرى لضمان عدم تأثير بعض المزايدين من الداخل والأعداء من الخارج على سرعة تحرير ما تبقى من تراب مصر الغالى، وفعلا استردت مصر واسترد شعب مصر كامل تراب أرض مصر الغالى.

وطوال تلك الفترة كان الشعب سعيداً بجميع التضحيات التى قام بها، من التنازل عن إرادته برضاه للرؤساء الوطنيين الأقوياء من قادته عبد الناصر والسادات ومبارك، وعلى ذلك تمت المهمة ولم يتبق إلا مهمة تحقيق السلام فى الشرق الأوسط، ومن هنا يتبقى أن تحمى مصر حدودها الخارجية وجبهتها الداخلية جيدا، حتى تستمر المحافظة على حرية الوطن وسلامة أراضيه.

وهى مسئولية روتينية عادية تقوم بها الجيوش والحكومات وفقا لنظم الدول المختلفة ولا تحتاج لتفويضات استثنائية من المجتمع وسلب إرادته ومنحها لرئيس الجمهورية.

وبهذا ينعدم السبب المباشر للتفويض المطلق الذى سبق أن منحه الشعب للرؤساء المصريين بسبب ظروف الطوارئ والحروب منذ 1952 وحتى الآن، ويجب استرداده.

وترتب على ذلك، أن قوى الشعب المصرى الآن تتمثل فى مجموعة من التيارات الناتجة عن الظروف السابقة، وهى تيارات من اليمين واليسار والتيارات الوطنية والقومية والليبرالية حتى الدينية المستنيرة، وغير المستنيرة "مع الأسف"، ولكنها جمعيها خاضعة للظروف والحقائق التالية:
أولا: نتيجة للفترات الاستعمارية الطويلة التى مر بها شعب مصر، والتحديات التى واجهها الشعب المصرى نتيجة قيام دولة إسرائيل، ومحاربة الدول الاستعمارية اقتصاديا وسياسيا لمصر، فإن مصر تخلفت عن ركب الأمم وتحتاج إلى الكثير والكثير حتى تحقق المكانة التى تستحقها.

ثانياً: أن السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحالية جميعها غير مناسبة لظروف المستقبل وقد تكون صالحة فقط لفترة سابقة تتسم بسمات خاصة جدا نتيجة الظروف التى شرحناها فى أولا.

ثالثا: أن مصر تحتاج احتياجا ملحا لسياسات اقتصاية واجتماعية وثقافية مختلفة تماما عن تلك السابقة لاختلاف الظروف بحيث تؤدى تلك السياسات إلى تحقيق أهداف المجتمع فى مستقبل مشرق واعد يعمل على تحقيق التوازنات الاجتماعية، مثل العدالة الاجتماعية فى ظل نمو اقتصادى ضخم ونظام للمواطنة الحقيقية التى لا تفضل فئة على فئة ولا مواطن على مواطن.

رابعا: أن مصر تحتاج أيضاً إلى قيادة يمكنها ملاحقة العصر فى التطور مع المحافظة على الوحدة الوطنية والتضامن الاجتماعى، مع تصفية الفوارق الاجتماعية التى نتجت أخيراً عن فساد انتشر واستشرى فى الفترات السابقة.

ولتحقيق كل هذا، المطلوب هو إعادة النظر فى نصوص الدستور التى تمنح تفويضا استثنائيا من الشعب لرئيس الدولة القادم، بحيث يعود الدستور إلى القواعد الدستورية التى وردت فى دستور 1923 مع الأخذ فى الاعتبار التغييرات التى حدثت فى المجتمع من نظام ملكى إلى نظام جمهورى وغير ذلك من الأمور الهامة، بحيث يوضع دستور دائم يشترك فى وضعة نخبة من أساتذة القانون الدستورى فى مصر، ويجب إعادة النظر فى المواد المثيرة للجدل فى الدستور الحالى لتصبح مصر مرة أخرى دولة ديمقراطية بصدق، مع إلغاء قانون الطوارئ واستبداله بقانون مكافحة الإرهاب.

ونشير هنا إلى التجاوزات التى تتم عن طريق حرية التعبير فى القنوات الفضائية من تجاوزات ضد الديمقراطية، وتوضع معايير موضوعية للقضاء على تلك التجاوزات بحيث تكون الأمور واضحة وفقا للدستور والقوانين المنظمة، فيجب أن يكون للقانون أنياب لحماية الديمقراطية المنشودة.

ويجب النظر إلى تحرير الفكر المصرى من البيروقراطية القديمة التى تحارب الديمقراطية والحرية الاقتصادية، فما زالت عقول بعض المسئولين المعوقين تعيش فى عصر النظام الشمولى وإن كانت تقول مالا تفعل وتدعى تشجيعها للديمقراطية.

والتراجع عن الديمقراطية يتمثل فى الخطوات التى اتخذتها وتتخذها بعض المصالح الحكومية مثل هيئة الاستثمار بالتقدم للأمام خطوة، والرجوع للخلف خطوات فى عمليات الخصخصة وتشجيع الاستثمار ثم محاربته، والارتجالية وعدم الإخلاص للديمقراطية.

لكل ما سبق فإن صوت المواطن فى الانتخابات القادمة يجب أن يكون محدداً لتحقيق مصالحه، فلا تصدق مزايداً ولا راشياً وابتعد عن من يعرض عليك أموالا مقابل صوتك فإنه يشترى سعادتك وسعادة الأجيال القادمة بأبخس وأنذل الأسعار.

‏ * دكتوراة فى إدارة الأعمال ورجل أعمال.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة