عندما ذهبت للولايات المتحدة الأمريكية كنت محملة بثقافة المصريين بشأن تدخل أمريكا فى شئوننا الداخلية وكنت أعتقد كغيرى من المصريين أن الأمريكيين ليس لهم شاغل غير الأديان فى مصر والحريات، ويقفون لنا بالمرصاد وهذا ما يشعل النار فى بلدنا ولكن منذ أن وطأت قدمى مطار دالاس وجدت حقيقة مغايرة تماما لما أسمعه فى مصر فوجدت منذ الوهلة الأولى من يقدم لى المساعدة دون انتظار "بقشيش" أو السؤال عن ديانتى حيث وجدت من يساعدنى فى حمل حقائبى ولم أكن أعرف الطرق جيدا فوجدت من يصطحبنى حتى البوابة الخارجية للمطار ليطمئن على.
وجدت أيضا من يعرض على استخدام تليفونه الشخصى إذا كنت فى احتياج لمكالمة أحد بمصر وحينما كنت أقول إنى مصرية كنت أجد حفاوة غير متوقعة، فهنا فى واشنطن تقابلت مع كثير من الأمريكيين وعندما سألتهم عن آرائهم فى المظاهرات التى تحدث بين الحين والآخر فى مصر والوضع الملتهب هناك وجدت إجاباتهم غاية فى البساطة "أن كل إنسان له الحرية الكاملة فى التعبير عن رأيه إذا لم يعبر عنه بطريقة العنف لأن هذا ضد الإنسانية ونحن لا نلقى بالا لمسألة الأديان ولا نعترض على بناء المساجد فهذا حق للمسلمين بل نحن ننظم المظاهرات السلمية للدفاع عن هذا الحق، كما أننا لا نمنع إقامة المعابد بالنسبة للهنود ـ هكذا قالت نانسى ميغيستن ـ أصابتنى الدهشة فأنا كغيرى من المصريين غالبا ما تمطرنا وسائل الإعلام بوابل من البرامج التى تؤكد أن الغرب وراء كل ما نعيشه من ظلمات الفتن الطائفية.
وجدت الأمريكان شعبا يعيش من أجل العمل فقط ولا يتدخل فى شئون غيره ولديه قدر كبير من التسامح مع الآخرين المختلفين عنهم فلم لم يسألنى أحد عن ديانتى طيلة إقامتى هنا كما يحدث فى مصر وهذا ليس انحيازا منى ولكنه الحقيقة التى وجدتها فعلا فمنذ أن وصلت واشنطن العاصمة وجدت أجناسا لم أتصور عددها هكذا "هنود وأفغانستانيين وصينيين وباكستانيين وإثيوبيين ومصريين وأسبان وأوربيين" وكل حسب دينه وحينما كنت أبحث عن مقر البنك الدولى حيث المؤتمر الذى كنت مكلفة بتغطيته وجدت من يصطحبنى له بكل بشاشة دون تأفف أو ارتسام ملامح الضيق على وجه أحد منهم وعندما تعطل جهاز الكمبيوتر الخاص بى وجدت من يصلحه لى دون مقابل وجدت أن "الجدعنة" ليست فى الشباب المصرى فقط وإذا أردت التقاط صور معهم يرحبون دون ظهور ملامح الشك والريبة على وجوههم وجدت أسرة قبطية أمريكية ممن يحملون بتهمة " أقباط المهجر" تفتح لى بيتها بكل ترحاب طوال مدة تواجدى بواشنطن دون انتظار مصلحة كما نتصور عنهم ولم أجدهم مشغلون بالتحريض على الفتن فى مصر فهم ناس عاديون ينشغلون فقط بالديموقراطية فى العالم أجمع ويرحبون بالمساواة حتى للبوذيين والملحدين فهم ينظرون للإنسان كإنسان فقط لا يعنيهم، دينه أو جنسه أو عرقه.
وما أدهشنى أكثر موقف عاصرته بنفسى وإذا كنت سمعت عنه حتما لم أكن أصدقه فهناك مجموعة من الشباب المصرى الذى أتوا لأمريكا بطرق غير شرعية وهم مازالوا طلابا "مسلمين وأقباط" طردوا من الشقة التى استأجروها بكل ما يملكون لأنهم لم يقدروا على دفع الإيجار هذا الشهر" علما بأن صاحب الشقة لبنانى عربى وليس أمريكانى" فوجدوا منزل زميلهم الأمريكى مفتوحا لهم لحين إيجاد مكان آخر ولم يفرق بينهم فى شىء بل عاملهم كبنى أدميين معرضين للطرد فى الشارع.. وجدت تآلفا بينهم لم أكن أتصوره.. إليكم موقف العربى وموقف الأمريكى ولكم الحكم بمنطقكم.. ليس هذا دفاعا عن أحد لكنها حقيقة وجدتها ورأيت من واجبى نقلها لكم كما رأيتها علنا نقضى على إحساسنا المستمر بالاضطها.
سألت نفسى فى حيرة إذا كانت هذه أخلاق الأمريكيين "الشماعة" الوحيدة التى نعلق عليها من نمر به من فتن فى مصر فمن أين إذن تأتى تلك الفتن ولمصلحة من إحداث الفرقة فى مصر؟.. هل هناك أيد خفية؟.. إذا توصلتم لإجابة فأرسلوها إلى حتى يهدأ بالى وأخرج من دهشتى.
e.hana@youm7.com
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة