د. خميس الهلباوى

مرض الترشح للانتخابات البرلمانية

السبت، 16 أكتوبر 2010 08:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أنظار الشعب المصرى والعالم أجمع تتجه الآن نحو الموقعة المسماة بانتخابات مجلس الشعب المصرى، لقد تسابق وتصارع وتكالب أصحاب المصالح الشخصية للترشيح لتلك الانتخابات.. لماذا؟

المفروض أنها تكليف لا تشريف!! مبلغ علمنا "الساذج" أن عضوية المجالس النيابية إنما هى من قبيل المسئولية الوطنية والعبء الثقيل على من يتحمله، وذلك لأن من يمثل الشعب يصبح مسئولاً عن مجموعة من الوظائف نيابة عن الشعب الذى قام بانتخابه كممثل له، لذلك فإن تحمل مسئولية عضوية مجلس الشعب أو الشورى إنما هى أمانة فى رقبة من يتحملها يحاسبه الله عليها، بصفته ممثلاً لمصالح الجماهير التى أعطته أصواتها ليقوم بالكثير من الأمور.

وقد حدد الدستور والنظام الداخلى لمجلس الشعب وقانون الانتخابات العلاقة بين الناخب والمرشح لمجلس الشعب، بينما نجد ما يجرى على أرض الواقع شىء مختلف، ومن المؤكد أن نائب المجلس بعد انتخابه يجب أن يكون ملتزماً بآراء الناخبين ومصالح دائرتهم التى انتخبوه من أجلها، وأن يبقى على تواصل وتفاعل مع ناخبيه، ويجب أن يتبنى المسائل التى يطرحونها وألا تكون هناك فجوة أو انقطاع عن هذه العلاقة بأطرافها، وأن يؤدى عمله فى المجلس وفقاً لنصوص الدستور وروح مصلحة الوطن، فماذا يجرى واقعاً؟! لأن الناخب ربما لم يصل إلى مرحلة من الوعى التى يحتاجها موضوع الانتخاب، فإن ما يجرى على أرض الواقع إنما هو مجرد عمليات تجارية، يقوم الناخبون بموجبها ببيع أصواتهم إلى بعض المرشحين فى مزايدة لأسعار الصوت والناخب لا يعلم ولا يدرى أنه لا يبيع مجرد صوته الانتخابى، لكنه فى نفس الوقت يبيع ضميره ويبيع مستقبل بلده، بجنيهات معدودة، فقد رأيت بعينى من يدفع 100 جنيه فى الصوت الواحد، ومن يدعى أن أهل الدائرة يؤيدونه برفع لافتات التأييد، فى حين أنه هو نفسه من أقام تلك اللافتات، ومنهم من يوزع البطاطين، والسلع المختلفة حتى الجرارات الزراعية، وعموماً كل بحسب العائد عليه من شراء الأصوات، فإذا كان مركزه فى المجلس يسمح بعلاقات مع وزراء تتيح له الحصول على آلاف الأفدنة بأسعار زهيدة، فهو يضحى بالكثير، المهم أنه فى جميع الأحوال من يدفع أكثر فى الانتخابات يجنى أكثر من المال الحرام بعد ذلك، ويفسد أكثر فى المجتمع وفى مستقبل الشعب المصرى كله، وهذا أمر غير شرعى من حيث النتيجة فى موضوع الانتخاب.

ومن هنا تأتى الانتخابات على أسس مادية أو على العلاقات الشخصية والمعرفة، وهناك من لا تتوفر لديهم الأهلية إلى مجلس الشعب من حيث السلوك الشخصى أو الخبرة أو المؤهلات العلمية أوالثقافة، وعلى هذا يجب معالجة هذه المسألة بحيث يصل إلى المجلس الأشخاص ذوى المهارة فى أمور التشريع، إضافة إلى ضرورة توفر النزاهة، والشفافية.

وتأتى مشكلة الحزب الوطنى بنوابه ومرشحيه، فمن المعروف أنه بمجرد إعلان تأسيس الحزب الوطنى الديمقراطى برئاسة الرئيس السابق محمد أنور السادات اندفع عدد كبير من أصحاب المصالح اندفاعاً بين صفوف الوطنيين، آملين شرف التقرب من رئيس الجمهورية طمعاً فى الجاه والمال الذى سيأتى من وراء ذلك، وكان منهم الصالح والطالح، فاختلط الحابل بالنابل، ولكن طغت الرغبة فى الجاه والسلطان والمال وبدأت سلسلة الفساد.

ومنهم من هو استغلالى، وسيظل قابعاً هناك تحت راية الحزب الوطنى طالما هناك رئيس جمهورية رئيسا للحزب، ومنهم الطامحين للترشيح على قائمة الحزب الوطنى الديمقراطى، مستخدمين جميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة للوصول إلى مآربهم، ومنهم من يغير صفته الانتخابية من عامل إلى فلاح وبالعكس، مع إن نص المادة 96 من الدستور تنص على أنه لا يجوز إسقاط عضوية أحد أعضاء المجلس إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، أو فقد أحد شروط العضوية أو صفة العامل أو الفلاح التى انتخب على أساسها أو أخل بواجبات عضويته، وقد غير الكثير من أعضاء مجلس الشعب فى الدورة الأخيرة من صفة عضويتهم، ومع ذلك لم يتخذ ضدهم أى إجراء وفقًا للدستور!

وأيضاً جميع نواب الشعب لابد أن يقسمون قسماً قبل تولى المهمة وفقا للمادة ((90: حيث يقسم عضو مجلس الشعب أمام المجلس قبل أن يباشر عمله اليمين الآتية: "قسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على سلامة الوطن والنظام الجمهورى، وأن أرعى مصالح الشعب، وأن أحترم الدستور والقانون"، ومع ذلك ليست لدى أحد الناجحين بالنقود النية "تجار الانتخابات" أن يحافظ على القسم وإلا لما أنفق تلك المبالغ الطائلة، إنه لو التزم بما جاء بالقسم، لن يحقق أى مكاسب مادية شخصية وهو لهذا يخدع الجماهير، وينصرف بعد دخول المجلس إلى جمع التوقيعات من الوزراء الذين يراقبهم لصالح الشعب، لتحقيق مصالحه الشخصية.

وأيضاً فى نية معظمهم مخالفة المادة رقم 95 من الدستور والتى تنص على: "لا يجوز لعضو مجلس الشعب أثناء مدة عضويته أن يشترى أو يستأجر شيئاً من أموال الدولة، أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئاً من أمواله أو أن يقايضها عليه، أو أن يبرم مع الدولة عقداً بوصفه ملتزماً أو مورداً أو مقاولاً"، إن الجهل وعدم الوعى السياسى لدى الكثير من الشعب المصرى وعدم الثقة فى نتائج وجدية الانتخابات التشريعية تفسد تلك الانتخابات، مع أنها تاج الديمقراطية، وإنها لفرصة طيبة أن يدعى الشعب إلى التوجه لصناديق الاقتراع، ويجب أن يعرف المواطن أن صوته، أمانه فى عنقه تجاه الأجيال القادمة حتى يضعه فى المكان الصحيح غير خائف ولا عابئ إلا بمستقبل الوطن، ولا يثق فى تاجر انتخابات أو رجل اعمال مستغل لايراه بين صفوف الجماهير إلا فى مواعيد الانتخابات، فمن يدفع جنيها فى الصوت الواحد يسرق أمامه المئات بل الآلاف، إنه يدفع لك ميلغا زهيدا مقابل امتصاص دمك ودم وطنك، لأن عضوية مجلس الشعب تكليف لاتشريف ومن يتخذها تشريفا يسعى إلى الفساد، ويجب محاربته، ويجب متابعة من ندلى بأصواتنا لصالحه ونتتبعه خلال دورة المجلس، ونسجل نجاحاته وفشله وأنانيته، حتى نعرف فى المرة القادمة من ننتخب ومن نتجنب.

كفى بالمرء ذنباً أن يضيع أمانته، وصوتك أمانة فى عنقك، ومن سينجح فى الانتخابات يحمل فى عنقه أمانة صوتك وأمانة الوطن، بدأ من الدائرة التى انتخبته إلى المحافظة إلى المجلس، إن عضو المجلس الشفاف النقى لا يتكالب على عضوية المجلس وينفق الأموال بهذه الطريقة، أما من لهم أهداف شخصية فهم من يتكالبون عليها ويشترون الأصوات بالأموال والسلع.

إن مصر تناديكم وترجوكم يا أبناءها المخلصين أن تضعوا أصواتكم لمن يستحقها، ومن يستطيع تحمل مسئوليتها، لامن يستطيع تعويض ما دفعه فى الانتخابات من أموالكم أضعافاً مضاعفة.

دكتوراه فى إدارة الأعمال ورجل أعمال








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة