لليوم الثانى على التوالى تتواصل العروض السينمائية المقامة ضمن فعاليات أبو ظبى ومن خلال العديد من التظاهرات والمسابقات حيث عرضت العديد من الأفلام ومنها داخل المسابقة الرسمية الفيلم الكندى الفرنسى "حرائق" للمخرج دنى فيلنوف والذى درس السينما فى جامعة كيبك فى مونتريال، وأخرج عددا من الأفلام القصيرة ثم قدم فيلمه الروائى الأول "32 أغسطس على الأرض"، أما فيلمه حرائق فهو مأخوذ عن نص مسرحى بنفس العنوان والنص للكاتب اللبنانى ـ الكندى وجدى معوض.
والفيلم الذى يبلغ طوله ساعتين وعشر دقائق، يعالج قضية منتهى الإنسانية تمس الكثير من اللبنانيين الذين عانوا ومازالوا يعانون من ويلات الحرب الأهلية اللبنانية، وفكرة الطائفية والفيلم الذى يبدو للبعض أنه يحمل الكثير من الميليودرامية الزائدة فى تطور أحداثه والتى تدور أحداثه حول الام اللبنانية.. إلا أنه الفيلم يحمل الكثير من الرؤى الفلسفية وكأننا أمام سيناريو يحمل عقدة أوديبية برؤية معاصرة.
نوال مروان والتى تعيش فى كندا مع ابنيها التوأم جان وميشيل، وتصاب بسكتة وتتوفى وترك وصيتها لابنها وبنتها التوأم مؤكدة لهما أن كل أموالها لهما ولكن عليهما البحث عن الأب الذى كانا يظنان أنه مات والشقيق الآخر.
وتصدق الابنة فى وصية أمها وتقرر العودة إلى لبنان لتكتشف من خلال رحلة مليئة بالمفاجآت الكثير عن حياة الأم والتى تشعر بأنها لم تكن تعرف شيئا عن أمها.
الفيلم ينعى ميراث العنف المتبادل فى لبنان نتيجة للطائفية، والخرائط البشرية وليست الجغرافية فقط والتى شكلتها الحرب الأهلية، وكما تكتشف جان بلد أمها تكتشف أيضا الجوانب الخفية فى حياة الأم المناضلة والتى تعرضت للقهر مرتين مرة بسسب المجتمع الذكورى ورفض عائلتها لقصة حبها لشاب فلسطينى من أبناء المخيمات، والسيناريو ملىء بالكثير من التفاصيل التى من الصعب حكيها حتى لا تذهب الكثير من مفاجآت وتطورات الفيلم الدرامية، إلا أنه فيلم يقدم مخرجا واعدا حيث استطاع أن يقدم عملا محكما وجيد الصنع على مستوى الصورة وشريط الصوت وحركة الكاميرا والتى بدت فى الكثير من الأحيان كأنها تتحرك بنفس حساسية الموضوع، كما أن دنى أجاد اختيار ممثليه وأدارهم بحرفية شديدة وتميز أداء بطلة الفيلم والتى قدمت مراحل نفسية وشكلية مختلفة فى إطار تطور الشخصية والأزمات التى مرت بها.