جميل أن يصرح وزير الخارجية أحمد أبو الغيط بعزم مصر اللجوء إلى الأمم المتحدة وإعلان قيام الدولة الفلسطينية إذا لم تلتزم إسرائيل بوقف البناء الاستيطانى وباستكمال مفاوضات السلام المباشرة مع الفلسطينيين التى ترعاها الإدارة الأمريكية، لكن تصريح وزير الخارجية يستتبع بالضرورة عدة أسئلة، فى مقدمتها، وماذا بعد إعلان الدولة الفلسطينية؟ وعلى أى حدود سيتم إعلان الدولة؟ وكيف يتم إلزام إسرائيل باحترام سيادة وحدود الدولة الفلسطينية بعد إعلانها؟
كثير من القراء يعلمون أن الدولة الفلسطينية المستقلة تم إعلانها مرتين، المرة الأولى كانت عام 1948 من قبل حكومة عموم فلسطين فى غزة خلال انعقاد مؤتمر المجلس الوطنى، وذلك ردا على قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة رقم 181 لعام 1947، والذى يقضى بتقسيم الأراضى الفلسطينية إلى 3 كيانات عربية وأخرى يهودية، وأن تقع مدينتا القدس وبيت لحم فى منطقة خاصة تحت الوصاية الدولية.
المرة الثانية التى تم فيها إعلان الدولة الفلسطينية كان فى 15 نوفمبر 1988، بمدينة الجزائر العاصمة، حيث نص الإعلان الذى كتبه وألقاه الراحلان محمود درويش وياسر عرفات، على تحقيق استقلال دولة فلسطين على أرض فلسطين وحدد القدس عاصمة أبدية لهذه الدولة، والمهم أن 105 دولة اعترفت بالاستقلال وأصبح لفلسطين 70 سفارة حول العالم.
ورغم هذا الدعم الدولى للحق الفلسطينى العادل فى إقامة الدولة على التراب الفلسطينى، نجحت الحكومات الإسرائلية المتعاقبة فى الالتفاف على الحق الفلسطينى لعدة أسباب، منها الانقسام الفلسطينى، وتراخى الدول العربية والإسلامية والعديد من الدوائر الدولية المستعدة للرهان على الحق الفلسطينى وتحدى المصالح الأمريكية الإسرائلية، الأمر الذى استتبع بالضرورة تنامى المشروع الإسرائيلى الصهيونى بابتلاع أراضى الضفة الغربية والتفكير فى طرد فلسطينى 1948 وفلسطينى الضفة إلى داخل غزة أو إلى الدول العربية المجاورة، تحقيقا للحلم العنصرى بإقامة دولة يهودية نقية على كامل التراب الفلسطينى.
الوضع الآن على الأرض يتمثل فى وجود حكومة إسرائلية متطرفة غير مؤمنة بالسلام ولا بإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وتعمل على تنفيذ تهويد كامل الأراضى الفلسطينية، ولن تسلم هذه الدولة بأى حقوق للفلسطينيين طواعية، أقول إن هناك العديد من المواقف التى يمكن أن ترغم إسرائيل على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين، ليس أولها إعلان الدولة الفلسطينية للمرة الثالثة، ولكن ربما يكون فى مقدمتها رفع سقف المطالب الفلسطينية المستندة إلى تكتل جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامى ودول عدم الانحياز والعديد من الدول المؤيدة للحق الفلسطينى.
رفع سقف المطالب الفلسطينية يتمثل فى إحياء قرار التقسيم رقم 181 لسنة 1947الصادر عن الأمم المتحدة، عبر استصدار فتوى من محكمة العدل الدولية بارتباط إعلان الدولة الإسرائيلية بإعلان الدولة الفلسطينية فى هذا القرار، أى أن الدولة الإسرائيلية لا يكون لها وجود دولى إلا بتنفيذ الشق الخاص بالدولة الفلسطينية وكيان القدس – بيت لحم الموضوع تحت الوصاية الدولية.
حشد القوى الدولية خلف هذا القرار، وصولا إلى انتزاع فتوى محكمة العدل الدولية وقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، يضع أوراقا تفاوضية جديدة بأيدى الفلسطينيين والعرب الذين يمكنهم انتزاع حقوقهم فعلا بشئ من الإرادة والتكتل وراء هدف عادل مشروع، بدلا من الانقسام والتشرذم الحاليين.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة