تلك الكلمات كانت النص الكامل لحكم المجلس العرفى للصلح بين قبيلتين بمنطقة المعصرة بمحافظة حلوان حقنا للدماء بعد 5 سنوات من النزاع القائم بينهما، وترصد بعضهما لبعض للحصول على الثأر.
فعلى غير المعتاد لم يتوجه أهالى حلوان بعد انتهائهم من صلاة الجمعة إلى منازلهم أملا فى الحصول على قسط من الراحة أو النوم فى ساعة القيلولة، إنما توجهوا جميعا إلى "مندرة عرب الريسة " لمشاهدة أكبر صلح فى السنوات الخمس الأخيرة بمحافظة حلوان بين عائلتين ترصدا لبعضهما البعض، بعد أن تمكن الشيطان من نفوسهما للأخذ بالثأر وإهدار الأرواح بين الجانبين.
العائلتان هما عائلة عبد الباقى وعائلة عبد المحسن، والتى نشبت بينهما مشاجرة منذ 5 سنوات، انتهت بأن قام "زيادة أحمد عبد المحسن" بقتل أحد أبناء عائلة عبد الباقى، ومن يومها تترصد عائلة "عبد الباقى" لأى فرد من عائلة "عبد المحسن" للأخذ بالثار حتى تم التصالح اليوم.
فى الساعة الثانية من ظهر اليوم، الجمعة، انعقد المجلس العرفى للتحكيم بيت القبيلتين برعاية قبيلة ثالثة، وهى قبيلة العميرات، المجلس مكون من 5 من كبار شيوخ العرب المشهورين فى مجال التحكيم بين القبائل، وهم، الشيخ حسين أبو فرج ومحمد غياط وصلاح بو غيش وأحمد الشقيقى وحامد أبو عين، وعلى يمين المجلس يوجد المجنى عليه ولى الدم، وعلى يسار المجلس يوجد الطرف الجانى.
وبالمماثلة لقدسية القضاة فى المحاكمات، فللجلسات العرفية قدسية مماثلة أيضا، فلا يجب لأى فرد أن يتحدث أو يتفوه بأى عبارة أثناء حديث أى عضو من أعضاء مجلس التحكيم، الذين بدءوا جلستهم بعدد من الإجراءات تمثلت فى تحرير محضر صلح من ورقتين، الورقة الأولى تتضمن أسماء عائلة الجانى "مقدمى الكفن" وأسماء عائلة المجنى عليه "أولياء الدم"، بالإضافة إلى أسماء لجنة التحكيم مع تحديد المكان والزمان، وكتابة عدد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التى تحث على الصلح والعفو عند المقدرة، أما بالصفحة الثانية فيوجد نص الحكم المتضمن قيام الطرف الجانى بتقديم الكفن للطرف الثانى على مرأى ومسمع من الجميع، فضلا عن حمل الكفن على الأيدى والتجول به أمام كل الحاضرين.
هنا خرج زيادة أحمد عبد المحسن _ الجانى _ مرتديا جلبابا أبيض اللون، حاملا على يده كفنا أبيض اللون أيضا، وتجول به أمام جميع الحاضرين، ثم توجه إلى سالم عبد الباقى محمد "ولى الدم" ووالد المجنى عليه، وأعطاه الكفن والذى بمجرد أن تلقاه احتضنه وتساقطت الدموع من عينيه فى ذكرى وفاة نجله.
لم تمر ثوان حتى تبادل الطرفان الأحضان والقبلات، وعلا صوت الجماهير فى التهليل والتكبير، ومن خلفهم السيدات اللاتى وقفن فى شرفات المنازل المجاورة، حيث يطلقن الزغاريط بأنواعها المختلفة، فضلا عن أحد أقارب الجانى ذبح خروفا ليوزعه على الفقراء تباركا بالصلح.
رغم أن ذلك الموقف لم يستمر أكثر من 9 دقائق، غير أنها كانت تمثل عبئا كبيرا على زيادة أحمد عبد المحسن الذى قدم الكفن، حيث كان متخوفا من أن يتلقى أى عيار نارى من هنا أو من هناك ويلقى حتفه مثلما تم فى أحد جلسات الصلح التى تمت فى صعيد مصر، ذلك الخوف والقلق كان واضحا بشدة على نظرات عينيه، غير أن عامل الآمان الوحيد بعد الله فى ذلك الموقف أن الدكتور "سيد مشعل" وزير الإنتاج الحربى والمرشح لعضوية مجلس الشعب كان راعيا للصلح ومترأسا للجلسة..
مشعل تحدث إلى الحاضرين فى مندرة الريسة عن فضل الصلح وفضل المجالس العرفية فى حل النزاعات بين الأطراف فى إطار الدعاية الانتخابية له، وسط المواجهة القوية بينه وبين مصطفى بكرى.
لم يغادر مشعل المندرة بعد انتهاء جلسة الصلح إنما ظل مرافقا لطرفى الصلح والمجلس العرفى، وصعد معهما إلى الدور الثانى للمندرة حيث تناولا جميعا وليمة، وحرص مشعل على أن يجلس طرفا الصلح على مائدة واحدة تأكيدا على انتهاء النزاع بينهما، وأثناء تناول الطعام تطرق مشعل إلى الحديث مع أهالى دائرته عن الخدمات التى قدمها لهم طيلة السنوات الماضية والخدمات التى يعتزم تقديمها فى الفترة المقبلة.
قال مشعل فى تصريح خاص لـ "اليوم السابع" إنه واثق من قوته وشعبيته بالدائرة، وواثق من الفوز، ولا يهاب المرشح المنافس الكاتب الصحفى مصطفى بكرى، مؤكدا أنه دائم الحضور بين أهل دائرته البسطاء.
أحمد عبد المحسن مقدم الكفن قال لـ "اليوم السابع"، إن الصلح الذى تم تحت رعاية الوزير سيد مشعل أعاد له الحياة مرة ثانية، بعد أن فقد الأمل، خاصة بعد إصرار عائلة المجنى عليه الآخذ بالثأر.

مئات الأهالى من حلوان يصطفون أمام مندرة الريسة بحلوان لمتابعة الصلح

سيد مشعل وزير الإنتاج الحربى يترأس جلسة الصلح العرفية

أهل المجنى عليه يحملون الكفن فى كيس أخضر ويتجولون به أمام الحاضرين

والأهالى يهللون بعد نجاح الصلح

ويذبحون خروفا تباركا بالصلح

ويرفعون دم الخروف لأعلى وسط تهليل وتكبير

شقيق الجانى يحمل الكفن الأبيض

مشعل يتناول الطعام مع أطراف الصلح وأهالى دائرته

أعضاء المجلس العرفى للصلح يتحدثون لمحرر "اليوم السابع"

محضر الصلح بين الطرفين يتضمن الحكم بتقديم الكفن و500 ألف جنيه