قطب العربى

وما أدراك ما العهدة!!

الخميس، 14 أكتوبر 2010 06:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حظى أن زوجتى مدرسة فى مدرسة حكومية أرادت أن تحصل على إجازة من المدرسة، وحظها العاثر أنها تتحمل مسئولية العهدة المدرسية، ولذا يجب الحصول على إخلاء طرف من هذه العهدة حتى تصبح إجازتها نافذة رغم أنها أنهت إجراءاتها قبل أسبوعين، لكن امتناع زملائها عن تحمل مسئولية العهدة جعلها تواظب على الحضور إلى المدرسة طوال هذه الأيام.

الموضوع له شق شخصى، وهذا لا يهم القراء، لكننى أردت الولوج منه إلى الشق العام المتعلق بما يعرف بالعهدة فى المدارس والمؤسسات الحكومية الأخرى، وهى عهدة - لو تعلمون - بخسة القيمة، كريهة المنظر، يأكلها الصدأ، وترتع فيها الحشرات، ولا يقبل أن يأخذها عامل الزبالة أو تاجر "الروبابيكيا" الجائل بعربة كارو.

من المفترض أن تلك العهدة المدرسية هى مجموعة من أدوات الطهى والخياطة وصناعة العصائر لتدريب التلاميذ على القيام بتلك الأمور، وهو ما لا يحدث البتة لأسباب منها عدم وجود مدرسين متخصصين لما يعرف بالتدبير أو الاقتصاد المنزلى، أو كسل هؤلاء المعلمين إن وجدوا، وعدم متابعة الجهات المسئولة فى وزارة التربية والتعليم لهذا الأمر، أو عدم قناعتها بالأمر من الأساس، ورغم كل ذلك نجد إصراراً غريباً على حماية العهدة حتى الرمق الأخير وحتى وهى فى حالة خردة صدئة ، فنملة أو لنقل -وعذر للقراء- "قملة" الحكومة بـ "جمل".

ما يحدث مع هذه العهدة ذكرنى بما حدث قبل سنوات، حين قررت وزارة التربية والتعليم فى عهد وزيرها الأسبق الدكتور حسين كامل بهاء الدين تعميم أجهزة الكمبيوتر على المدارس الحكومية بهدف تدريب التلاميذ على التعامل مع هذه الأجهزة، ونقلهم إلى عصر الديجيتال، لكن الذى حدث هو أن الموظفين الذين استلموا تلك الأجهزة تعاملوا معها كعهدة ينبغى الحفاظ عليها حتى لا تخصم من رواتبهم إذا تلفت سواء عند الجرد، أو عند إخلاء الطرف، وقد ذكرت ذلك فى حينها لوزير التعليم، وقد حرص خلال حديثه على التأكيد أن هذه الأجهزة هى للتدريب فعلا، وأن أى مسئول يمتنع عن إتاحتها أمام التلاميذ سيعاقب، لكن تقاليد البيروقراطية المصرية كانت هى الأقوى، وتغلبت فى النهاية على تصريحات الوزير وسياسة الوزارة، وظلت أجهزة الكمبيوتر حبيسة المخازن كعهدة لا يجوز الاقتراب منها أو لمسها أو تصويرها.

هذه البيروقراطية المصرية العتيدة تحمل وجهين، أحدهما إيجابى وهو الحفاظ على المال العام، والآخر سلبى وهو خنق الموظف العام وتحميله ما لا يحتمل، ولذلك فهو يهرب ويمتنع عن استلام العهدة خوفا من العواقب.

أدعو وزير التعليم الدكتور أحمد زكى بدر لتفقد بعض العهد خلال زياراته المفاجئة للمدارس لمعرفة ما وصل إليه الحال، وأنصحه أن يصطحب معه طبيبا خلال عملية التفقد، إذ ربما يحدث ما لا يحمد عقباه من صرصار هائج أو بعوض متطاير، أو ربما ثعبان "مكمن" بين أحشاء العهدة، كما أطلب منه فعلا وضع سياسة جديدة للتعامل مع العهدة تحافظ على المال العام، وفى الوقت نفسه تخفف الضغط على الموظف المسئول عنها، ومراجعة هذه العهدة سنويا "لتكهين" ما فسد منها، وإمداد المدارس بالجديد من الآلات والأدوات، أو حذف ما يسمى بالعهد المدرسية من خطط الوزارة وسياساتها.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة