السادس من أكتوبر.. العاشر من رمضان .. ذكرى النصر والفخر لجميع أبناء الأمة العربية، حيث تحررت الأرض والإرادة، فيما مثل ملحمة بطولية خالدة صنعهتا عقول المصريين، لتسقط معها أسطورة الجيش الذى لا يقهر، بل وكل نظرياته عن إمكانية تحقيق الأمن على الأراضى العربية فى ظل سياسة الأمر الواقع، أيضا لتقلب موازين الصراع العربى الإسرائيلى ككل، ولتفتح المجال أمام أحاديث السلام من جديد.
ومع الاحتفال بمرور الذكرى الـ37 تأتى ضرورة التأكيد على أن حرب أكتوبر هدمت نظريات وأقامت أخرى مناقضة تماما لما أستقر عليه العقل العربى منذ 67، بعدما كتبت نقطة النهاية للمشروع الإسرائيلى الاستيطانى الموسع على الأراضى العربية، بل وكانت بمثابة المسمار الأول فى نعش الوجود الصهيونى عليها، ذلك عن طريق مواجهة عسكرية مباشرة ما زالت تقف عندها بالبحث والدراسة كبرى المؤسسات العسكرية العالمية.
كذلك فقد أفقدت أكتوبر الثقة فى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، تلك التى عهد إليها بتحقيق أهداف إسرائيل الاستيطانية منذ القيام، وهو ما كان له بالغ التأثير على المجتمع الإسرائيلى وانعكس سلبياً عليه فيما بعد ارتفاع معدلات الهجرة منه بشكل غير طبيعى، هذا فيما يتضاءل عدد المهاجرين إليها عام بعد آخر، وهى الظاهرة التى شكلت كابوسا حقيقيا للساسة الإسرائيليين ودوائر صنع القرار فيها.
ومختلف هاتيك الحقائق هى ما تطرح التساؤل: لماذا لا يتم اليوم استثمار نتائج أكتوبر لصالح القضية الفلسطينية، ذلك بعيدا عن المزايدات القائمة على الأدوار والسماح للنزعات الفردية لأن تقود العمل العربى الجماعى المشترك، كما حدث فى أعقاب أكتوبر73، ومن ثم إطالة أمد الوجود الصهيونى على الأراضى العربية؟!. ألا تثبت مختلف الدعوات الآن عن ضرورة المصالحة والوفاق والوحدة وتنقية الأجواء.. ألا تثبت مدى الخطأ الذى أرتكبه العرب أجمعون وقتها بعدما قدموا لإسرائيل مبتغاها على طبق من ذهب، بعدما ذهبت كل دولة وحدها تبحث عن مصيرها؟!.
حقيقة إن الحديث عن انتصار أكتوبر المجيد..حديث لا ينتهى، نظرا لكم ما حمله من معان، وأظهره من قدرة مصرية وعربية على تحدى الصعاب فى سبيل استعادة الحق والأرض التى سلبها الاحتلال ظنا منه توهما بقدرته على الاحتفاظ بها، من ثم التحكم فى مجريات الأمور بالمنطقة. وأود فقط التأكيد من جديد على ما حمله لى -أثناء حديثه معى- أحد الشهود العيان على الكثير من الأحداث التى شهدتها تلك الفترة الهامة من تاريخنا الحديث، وهو أن إسرائيل لا تقيم وزناً لدولة ما فى العالم مثلما تقيم ل(مصر)، ذلك رغم بعض التصرفات المظهرية التى يظهر منها الاستخفاف وعدم الاعتداد، والدليل على ذلك هو استمرارية كونها المدخل الوحيد لكل دول المواجهة للتقدم على مسار التسوية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة