رغم وجود 15 قائدا عربيا وأكثر من 3 رؤساء أفريقيين، إلا أن وجود الرئيس حسنى مبارك فى مدينة سرت الليبية للمشاركة فى القمتين، العربية الاستثنائية، والعربية الأفريقية الثانية، كان له وقع خاص، ظهر من الاستقبال الرسمى الليبى من جانب الزعيم معمر القذافى، فضلا عن المداخلات التى أبداها مبارك فى القمتين، والتى أنهت فى القمة العربية خلافا كاد أن ينشب بين القادة العرب حول الوثيقتين الرئيسيتين للقمة، وهما تطوير منظومة العمل العربى المشترك، وإنشاء رابطة الجوار العربى.
فالرئيس مبارك عندما طالب القادة بالتأنى فى دراسة المقترحات المقدمة للقمة، فإنه جنب القمة خلافا شديدا ظهر بين تيارين، الأول يسير فى اتجاه خلق كيان عربى جديد كبديل لجامعة الدول العربية، وهو ما ترفضه مصر التى تتبنى فكرة الإبقاء على الإرث التاريخى ومسماه "جامعة الدول العربية"، مع الاهتمام بتطوير آليات التعاون.
محاولات التهدئة المصرية لم تمنع من التمسك بالموقف المصرى الرافض لإدخال أية تعديلات على توصيات قمة طرابلس الخماسية، وهو ما وضح من البيان الختامى للقمة، التى خرجت متوافقة تماما مع الاتجاه المصرى، باعتماد هذه التوصيات، مع تكليف الأمانة العامة ودولة الرئاسة ولجنة وزارية مصغرة بإعادة صياغة مشروع البروتوكول ودراسة وعرض التبعات المالية المترتبة على عملية التطوير، وعرض الموضوع على دورة خاصة لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية خلال ثلاثة أشهر تمهيداً لعرضه على القمة القادمة فى مارس 2011 وإقراره بالتوافق، وتكليف الأمين العام بتقديم تقرير عن الإجراءات المتخذة لوضع القرار موضع التنفيذ إلى القمة العربية فى دورتها (23) التى ستنعقد فى مارس 2011.
الخلاف الثانى فى القمة كان بسبب رابطة الجوار العربى التى اقترحها عمرو موسى فى القمة العربية الماضية، فهذا الاقتراح رغم أنه لم يلق رفضا كاملا، إلا أن هناك تخوفات وشكوكا عربية من هذه الرابطة، خاصة فيما يتعلق بإيران، ولذلك لم يخرج عن القمة قرار رسمى فى القمة حول هذا الاقتراح، وقررت تشكيل لجنة وزارية مفتوحة العضوية برئاسة "ليبيا" رئيس القمة لمواصلة دراسة مقترح إقامة منتدى الجوار العربى من كافة جوانبه والتوقيت الملائم لإقامته، وذلك بالاستعانة بفريقٍ من الخبراء السياسيين والقانونيين والاقتصاديين، والطلب من الدول الأعضاء مواصلة تزويد الأمانة العامة بمرئياتها واقتراحاتها فى هذا الشأن مع تكليف اللجنة الوزارية المعنية بتقديم تقرير عن مدى التقدم الحاصل فى أعمالها إلى الاجتماع القادم لمجلس الجامعة على مستوى القمة فى دورته القادمة (23) فى مارس 2011.
"قرارات طيبة .. لكن تفعيل التوصيات سيحتاج وقتا وسيحتاج للكثير من الدراسة والتدبر " ، هكذا لخص أحمد أبو الغيط وزير الخارجية الموقف المصرى من قرارات القمة، الذى أضاف "أن مصر تؤيد تفعيل العمل العربى وأنها كانت من الدول الخمس التى شاركت فى صياغة التوصيات الـ 16 التى خرج بها اجتماع طرابلس والتى تم رفعها للقمة برضى مصر وموافقتها، لكن تفعيل هذه التوصيات سيحتاج وقتا وسيحتاج للكثير من الدراسة والتدبر، لأننا عندما نتحرك فى اتجاه تفعيل العمل العربى نسعى لتأمين أكبر قدر من الدقة، ومن الحساب الجيد حتى لا يؤدى هذا التفعيل لاتخاذ خطوات متسرعة أو تقود إلى تعقيد العمل العربى وليس تفعيله".
وبعيدا عن الخلافات العربية، فإن كواليس القمة شهدت محاولات سورية لإثبات الوجود، بدأ من خلال المشادة التى بدأها يوسف أحمد مندوب سوريا فى جامعة الدول العربية مع رئيس الوزراء القطرى حمد بن جاسم فى اجتماع لجنة مبادرة السلام العربية يوم الجمعة، عندما اعترض أحمد على وجود بيان معد سلفا للاجتماع ، وقال موجها حديثه لـ"بن جاسم": "نحن لم نأت هنا للبصم على بيان مطبوخ"، فى إشارة إلى أن قطر التى تتولى رئاسة اللجنة كتبت البيان دون استشارة أحد ، مما دفع بن جاسم للرد عليه، وكاد الموضوع يتطور لولا تدخل الوزراء المشاركين فى الاجتماع لاحتواء الموقف ، هذا الموقف كان بداية الشو الإعلامى السورى فى القمة، الذى اكتمل بالرئيس بشار الأسد الذى كان أكثر الرؤساء، وحتى الوزراء إدلاءً بالتصريحات، حتى أنه عندما كان يشير إليه أحد الصحفيين يقف مباشرة ويطلب منه توجيه السؤال، وهى المرة الأولى التى يكون فيها الأسد سلسا مع الإعلام إلى هذه الدرجة.
الوفد السورى أيضا حاول إثارة شائعة فى القمة عن لقاء مرتقب يجمع الرئيس مبارك بالأسد جاء بترتيب مصرى، ورغم أن الوفد المصرى نفى هذا الأمر نفيا قاطعا، مؤكدا أنه لا توجد ترتيبات لأية لقاءات ثنائية من هذا النوع ، إلا أن السؤال الدائم لدى الإعلاميين السوريين للأسد هو عن هذا اللقاء الافتراضى، حتى تتاح الفرصة للأسد لإعلان عدم علمه بهذا اللقاء، ولإظهار أن هناك تسابقا مصريا لترتيب اللقاء الافتراضى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة